مصابيح الجامع

باب قتل النائم المشرك

          ░155▒ (باب قَتْلِ النَّائِم الْمُشْرِكِ) قال ابن المنيِّر: ويعني (1) بالنائم: المضطجع، لا خلاف (2) اليقظان، ويجوز أن يريد: النائم؛ لأنَّ أبا رافع إنما قُصد وهو نائم، وذلك (3) الإيقاظ إنما كان ليعلمَ مكانهَ بصوتِه، والظاهر أنه قتله وهو في حكمِ النائم، ولهذا لم يهتدِ لا للهرب ولا للطلب.
          ووجهُ إدخالِه في الفقه: قطعُ وَهْمِ من يتوهَّم أن النائم غيرُ مكلف حالةَ النوم، فيقع له أنه من جنس السكران الذي لا يُقام عليه الحدُّ في حال سُكرهِ حتى يفيقَ، وانظرْ لو لَقِينَا حَرْبِيٌّ سكرانُ، ولم نَخَفْ غائِلَتَهُ إذا أمهلناه للصَّحو؛ أنقتلُه (4) في حال سُكره، أم نمهلُه (5)؛ لاحتمال أن يصحو فيُسْلِمَ؟ الله أعلم.
          أما أبو رافع هذا، فكان ممن يُئِس من إسلامه وتوبته، فلا يُقاس عليه، وأيضًا: فإنه قُتل حَدًّا مع كونه كافرًا؛ لأنه كان يؤذي رسولَ الله صلعم أذية خاصة (6)، فهو ممن لو أسلم، لم يسقط عنه القتل؛ كما لم يُستتب ابنُ خَطَل ونحوه.
          ونصَّ أصحابُنا في المرتدِّ أو الشابِّ يُجَنُّ أنه يوقف عن قتله حتى يفيق، أو يقتله الله، فيؤخذ من هذا: أن النائم لا يُقتل حدًّا ولا كُفرًا.
          ويحتمل حدُّ أبي رافع على أنه قُتل وقد استيقظ، خلافًا لما قصده البخاري من الترجمة.
          قلت: في آخر الباب التصريحُ بقتله في حالة النوم، فإنه قال: ((فدخلَ عليه عبدُ الله بنُ عَتيكٍ بيتَه ليلًا، فقتلَه وهو نائمٌ)).


[1] في (ق): ((يعني)).
[2] في (ق): ((بخلاف)) وفي (ج): ((لاختلاف)).
[3] في (د) و(ج) زيادة: ((لأن)).
[4] في (ج): ((نقتله)).
[5] في (د): ((نهمله)).
[6] ((أذية خاصة)): ليست في (د).