تعليقة على صحيح البخاري

باب دعوة النبي لخادمه بطول العمر وبكثرة ماله

          ░26▒ (بَابُ دَعْوَةِ النَّبِيِّ صلعم [لِخَادِمِهِ بِطُولِ الْعُمُرِ]).
          دعا له بكثرة الولد، ودعا اللهَ له بطول العمر.
          (وَبَارِكْ لَهُ فِيمَا أَعْطَيْتَهُ): والعمر ممَّا أعطاه، فأمَّا كثرة ماله؛ فكانت نخله يطرح في السَّنة مرَّتين، وأمَّا كثرة ولده؛ / فهو أحد الصَّحابة الذين لم يمت(1) حتَّى رأى مِن صُلبه مئةَ ولد ذكر، وقد قال عن نفسه: أحصيت أنَّه دخل مِن بطني الأرض إلى مقدم الحجَّاج البصرة بضع وعشرون ومئة نسمة، وكان دخوله إيَّاها سنة خمس وسبعين، وولد له بعد قدومه أولاد ببركته ودعائه ◙، وأمَّا عمره؛ فجاوز المئة، ودعا برابعة؛ وهي المغفرة، وترجى له.
          فإن قلت: فما معنى دعائه له بطول العمر، وقد علم أنَّ الله تعالى يكتب أجل عبده إن أطاعه واتَّقاه كذا، وإلَّا؛ كان أقلَّ منه، يوضِّحه قوله تعالى في قصَّة نوح حين قال لقومه: {اعْبُدُوا اللهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ. يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [نوح:3- 4] : أي: قضى به لكم إذا أطعتم، فإن عصيتم؛ لم يؤخِّركم إلى ذلك الأجل، وكلٌّ قد سبق في علم الله مقدار آخره على ما يكون من فعله.


[1] في (أ): (يموت).