تعليقة على صحيح البخاري

باب ما يكره من السجع في الدعاء

          ░20▒ (بَابُ [مَا يُكْرَهُ مِنَ] السَّجْعِ فِي الدُّعَاءِ)؛ الحديث.
          [(الزُّبَيْرُ بْنُ الْخِرِّيتِ)] : بكسر الخاء المعجمة، ثمَّ راء مهملة مشدَّدة، ثمَّ ياء، ثمَّ تاء، والدَّليل أنَّ نهيه عن السَّجع: إنَّما أراد به من يتكلَّفه في حين دعائه، فيمنعه من الخشوع كما ذكرنا، وأمَّا(1) إذا تكلَّم به طبعًا مِن غير مؤنة ولا تكلُّف، أو حفظه قبل وقت دعائه مسجوعًا؛ فلا يدخل في النهي؛ لأنَّه لا فرق حينئذٍ بين المسجوع وغيره؛ لأنَّه لا يتكلَّف صيغته وقت الدعاء، فلا يمنعه ذلك من الإخلاص [في] الدُّعاء والخشوع.
          وفيه من الفقه: أنَّه يكره الإفراط في الأعمال الصَّالحة؛ خوف الملل(2) لها، والانقطاع عنها، وكذلك كان ◙ يفعل، كان يتخوَّل أصحابه بالموعظة في الأيَّام؛ كراهية السآمة عليهم، وقال: «اكلَفُوا من العمل ما تطيقون؛ فإنَّ الله لا يملُّ حتَّى تملُّوا»، والملل محال لا يجوز على الله سبحانه، ومتَّى ما مللتم مِن الأعمال وقطعتم أفعال البرِّ؛ قطع الله عليكم الثَّواب والأجر، فهذا معنى الملل، والله أعلم.


[1] في (أ): (وإنَّما).
[2] في (أ): (الملك).