مصابيح الجامع الصحيح

باب كتاب النبي إلى كسرى وقيصر

          ░82▒ (كتاب النبي صلعم إلى كسرى وقيصر).
          إنَّما ذكر كتابه ◙ إلى قيصر بعد قضية تبوك؛ لأنَّه ◙ كتب إليه من تبوك مع دحية بن خليفة فأمر هرقل مناديًا ينادي: ألا إن هرقل قد آمن بمحمد واتبعه، فدخلت الأجناد في سلاحها وأطافت بقصره تريد قتله، فأرسل إليهم: إني أردت أن أختبر صلابتكم في دينكم، فقد رضيت عنكم فرضوا عنه، ثم كتب كتابًا وأرسله مع دحية يقول فيه: إني مسلم ولكني مغلوب على أمري، وأرسل إليه بهدية، فلمَّا قرأ صلعم الكتاب قال: كذب عدو الله، ليس بمسلم، بل هو على نصرانيَّته، وقبل هديَّته، وفرقها بين المسلمين، وكان لا يقبل هدية مشرك محارب، وإنما فقبل هذا؛ لأنها فيء للمسلمين؛ ولذلك قسَّمها عليهم، ولو أتته ◙ في بيته لكانت له خاصة.
          كما كانت هدية المقوقس خالصة له، وقبلها من المقوقس؛ لأنه لم يكن محاربًا للإسلام، بل كان قد أظهر الميل إلى الدخول في الدين.
          وقد رد هدية أبي براء ملاعب الأسنة، وكان أهدى إليه فرسًا، فأرسل إليه: قد أصابني وجع أحسبه قال: يقال له: الدبيلة فابعث إلي بشيء أتداوى به فأرسل إليه النبي / بعكة عسل وأمره أن يستشفي وردَّ عليه هديَّته وقال: إني نهيت عن زبد المشركين، وبعض أهل الحديث ينسب هذا الحديث لعامر بن الطفيل عدو الله وإنما هو عامر بن مالك.
          وقد ردَّ ◙ هديَّة عياض بن حمار المجاشعي قبل أن يسلم، وأهدى إلى أبي سفيان عجوة، واستهداه أدمًا فأهداه أبو سفيان، وذلك زمن الهدنة.