الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري

حديث: يخرج ناس من قبل المشرق ويقرؤون القرآن لا يجاوز

          7562- قوله: (أَبُو النُّعْمَانِ) بالضمِّ محمَّد بن الفضل _بالمعجمة_ المشهور بعارمٍ بالمهملة وكسر الراء، و(مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ) الأزديُّ، و(مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ) / المحدِّث الزاهد المعبِّر، و(مَعْبَدِ) بفتح الميم والموحَّدة وسكون المهملة بينهما، إخوةٌ والأربعة بصريُّون، وأبو سعيدٍ اسمه سعدٌ الخُدْرِيُّ بضمِّ المعجمة وإسكان المهملة.
          قوله: (قِبَلَ) بكسر القاف الجهة، و(الْمَشْرِقِ) أي: مشرق المدينة الطيِّبة على صاحبها أفضل الصلاة والسلام مثل نجدٍ وما بعده، والتراقي جمع الترقوة وهي العظم بين ثغرة النحر والعاتق، أي: لا ترفع إلى الله إذ أعمالهم منافيةٌ لذلك، و(الرَّمِيَّةِ) بكسر الميم الخفيفة وبتشديد التحتانية فعيلة بمعنى المرمية أي: المرمى إليها، والفُوق _بضمِّ الفاء_ موضع الوتر مِن السَّهْم، والطريق الأوَّل ما عاد على (فُوقِهِ) أي: مضى ولم يرجع، والسِّيما _بكسر المهملة مقصورًا وممدودًا_ العلامة، و(التَّحْلِيقُ) إزالة الشعر.
          فإن قلت: يلزم مِن وجود العلامة وجود ذي العلامة فكلٌّ محلوق الرأس منهم لكنَّه خلاف الإجماع. قلت: كان في عهد الصحابة لا يحلقون رؤوسهم إلَّا في النسك أو الحاجة ونحوهما وأمَّا هؤلاء فقد جعلوا الحلق شعارهم وذلك كان لجميع أعيانهم في جميع أزمانهم، ويحتمل أن يراد به حلق الرأس واللحية وجميع شعورهم وأن يراد الإفراط في القتل أو في مخالفة الدين، و(التَّسْبِيدُ) بالمهملة والموحَّدة استئصال الشعر.
          فإن قلت: مرَّ في باب علامات النبوَّة أنَّ ((آيتهم _أي علامتهم_ رجلٌ أسود إحدى عضديه مثل ثدي المرأة)) [خ¦3610]. قلت: لا منافاة في اجتماع العلامتين أو هؤلاء طائفةٌ أخرى.
          فإن قلت: تقدَّم في كتاب استتابة المرتدِّين في حقِّهم، و ((يتمارى)) أي يشكُّ في الفُوقة هل علق بها شيءٌ من الدم، [خ¦5058] فإيمانهم مشكوكٌ وهاهنا قال: يمرقون مِن الدين ثمَّ لا يعودن إليه أبدًا لأنَّ السهم لا يعود إلى فُوقه بنفسه قطُّ. قلت: يحتمل أن يراد بهم الخوارج على الإمام وهؤلاء الخارجون عن الإيمان وعلى الأوَّل الدين هو طاعة الإمام وعلى الثاني الدين هو الإسلام.
          قال المهلَّب: يمكن أن يكون هذا الحديث في قومٍ قد عرفهم صلعم بالوحي أنَّهم يموتون قبل التوبة وقد خرجوا ببدعتهم وسوء تأويلهم إلى الكشف وأمَّا الذين قتلهم عليٌّ ☺ _يعني الخوارج_ فربَّما يؤدِّي تأويلهم إلى الكفر وربَّما لا يؤدِّي إليه.