الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري

باب قول الله تعالى: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك}

          ░46▒ (بَابُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} [المائدة:67]).
          فإن قلت الشرط والجزاء متَّحدان إذ معنى إن لم تفعل إن لم تبلغ. قلت: المراد مِن الجزاء لازمه نحو ((مَن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها فهجرته إلى ما هاجر إليه)).
          قوله : (الرِّسَالَةُ) أي الإرسال، لا بدَّ في الرسالة مِن ثلاثة أمورٍ: المرسل والمرسَل إليه والرسول، ولكلِّ منهم أمرٌ: للمرسل الإرسال، وللرسول التبليغ، وللمرسَل إليه القبول والتسليم.
          قوله: (كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ) الأنصاريُّ، و(حِينَ تَخَلَّفَ) أي عن غزوة تبوك.
          فإن قلت: ما وجه مناسبته لهذه الترجمة؟ قلت: التفويض والانقياد والتسليم ولا يستحلُّ أحدٌ أن يزكِّي أعماله بالعجلة بل يفوِّض الأمر إلى الله ورسوله.
          قوله: (مَعْمَرٌ) بفتح الميمين، قيل : هو أبو عُبيدة _بالضمِّ_ اللغويُّ، وقيل: هو معمر بن راشدٍ البصريُّ ثمَّ اليمنيُّ، و({ذَلِكَ الكِتَابُ} [البقرة:2] هذا القُرْآنُ) يعني (ذَلِكَ) بمعنى (هَذَا) خلاف المشهور وهو أنَّ (ذلكَ) للبعيد و(هذا) للقريب كقوله تعالى: {ذَلِكُمْ حُكْمُ اللهِ} [الممتحنة:10]) أي (هَذَا حُكْمُ اللهِ)، و(كقوله تعالى : {تِلْكَ آيَاتُ اللهِ} [البقرة:252]) أي (هَذِهِ أَعْلاَمُ القُرْآنِ)، و({لاَ رَيْبَ فِيهِ} [البقرة:2] لاَ شَكَّ فِيهِ)، و({هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} [البقرة:2]) أي (بَيَانٌ وَدَلاَلَةٌ) لهم.
          فإن قلت: ما تعلُّقه بالترجمة؟ قلت: الهداية نوعٌ مِن التبليغ سواءٌ كان بمعنى البيان أو الدلالة. (وَمِثْلُهُ) أي في استعمال البعيد وإرادة القريب، ({وَجَرَيْنَ بِهِمْ} [يونس:22]) في استعمال الغائب وإرادة الحاضر.
          قوله: حَرام _ضدُّ الحلال_ ابن مِلْحَان _بكسر الميم وبالمهملة_ الأنصاريُّ البدريُّ الأحديُّ بعثه رسول الله صلعم إلى بني عامرٍ فقال لهم: (أَتُؤْمِنُونِي) أي تجعلوني آمنًا فأمَّنوه فبينا هو يحدِّثهم عن النبيِّ صلعم إذ أومؤا إلى رجلٍ منهم فطعنه فقال: الله أكبر فزت وربِّ الكعبة. مرَّ في قصَّة بئر مَعُونة بفتح الميم وضمِّ المهملة وبالواو والنون [خ¦4092].