الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري

باب في المشيئة والإرادة

          ░31▒ (بَابٌ فِي الْمَشِيئَةِ وَالإِرَادَةِ)
          ولها تعريفاتٌ مثل اعتقاد النفع في الفعل أو تركه، والأصحُّ أنَّها صفٌة مخصِّصةٌ لأحد طرفي المقدور بالوقوع، والْمَشِيئَة ترادفها، وقيل هي الإِرَادَة المتعلِّقة بأحد الطرفين.
          قوله: قال تعالى : ({وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ} [الإنسان:30])، وقد يُقال هاهنا على سبيل المغلطة نكتةٌ وهي أنَّه يجب وقوع جميع مرادات العبد لأنَّ ما شاء العبد يشاء الله بالآية وكلَّ ما يشاء الله يجب وقوعه بإجماع أهل الحقِّ فما شاء العبد يجب وقوعه وحلُّها بأنَّ مفعول يشاء هو المشيئة لا الشيء، يعني ما تشاؤون شيئًا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ مشيئتكم له.
          قوله: (نَزَلَتْ) أي الآية السابقة وهي ({إِنَّكَ لَا تَهْدِي} [القصص:56]) لا اللاحقة.
          فإن قلت: ({لاَ يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ} [البقرة:185]) يشعر بأنَّ بعض ما يقع في العالم ليس بإرادته. قلت: معناه أنَّه يريد بكم التخيير بين الصوم والإفطار في السفر ولا يريد بكم الإلزام بالصوم فيه لئلَّا يتعسَّر عليكم والإلزام غير واقعٍ.