الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري

باب قول الله تعالى: {كل يوم هو في شأن}

          ░42▒ قوله: (قال تعالى: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [الرحمن:29]) يخفض ويرفع ويذلُّ ويعزُّ، و(حَدَثَهُ) أي: إحداثه.
          اعلم أنَّ صفات الله إمَّا سلبيَّةٌ وتسمَّى التنزيهات، وإمَّا وجوديَّةٌ حقيقيَّة كالعلم والقدرة وإنَّها قديمةٌ لا محالة، وإمَّا إضافيَّةٌ كالخلق والرزق وهي حادثةٌ ومِن حدوثها لا يلزم تغيُّرٌ في ذات الله تعالى وصفاته التي هي بالحقيقة صفاتٌ له كما أنَّ تعلُّق العلم وتعلُّق القدرة بالمعلومات والمقدورات حادثةٌ وكذا كلُّ صفةٍ فعليَّةٍ له، فحين تقرَّر هذه القاعدة فالإنزال مثلًا حادثٌ والمنزل قديمٌ وتعلُّق القدرة حادثٌ ونفس القدرة قديمةٌ والمذكور وهو القرآن قديمٌ والذكر حادثٌ.
          وقال المهلَّب: غرض البخاريِّ مِن الباب الفرق بين وصف كلامه بأنَّه مخلوقٌ ووصفه بأنَّه حادثٌ، يعني لا يجوز إطلاق المخلوق عليه ويجوز إطلاق الحادث عليه.
          أقول: الغالب أنَّ البخاري لا يقصد ذلك ولا يرضى بما نسبه إليه إذ لا فرق بينهما عقلًا وعرفًا ونقلًا. وقال شارح التراجم: مقصوده أنَّ حدوث القرآن وإنزاله إنَّما هو بالنسبة إلينا وكذلك مَا أَحْدَثَ مِنْ أمر الصلاة فإنَّه بالنسبة إلى علمنا.