الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري

حديث: تلك الكلمة من الحق يخطفها الجني فيقرقرها

          7561- قوله: (عَلِيٌّ) أي: ابن المدينيِّ، و(هِشَامٌ) أي: ابن يوسف الصنعانيُّ، و(مَعْمَرٌ) بفتح الميمين، ابن راشدٍ اليمني، وكلمة (ح) تطلق بلفظ حرف التهجِّي وهي إشارةٌ إلى التحويل مِن إسنادٍ إلى إسنادٍ آخر قبل ذكر الحديث، أو إلى صحَّ، أو إلى الحائل، أو إلى الحديث، ويُحكى عن بعضهم _بالخاء المعجمة_ إشارةً إلى الخبر، و(أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ) أبو جعفرٍ المصريُّ، و(عَنْبَسَةُ) بفتح المهملة وسكون النون وفتح الموحَّدة وبالمهملة، ابن خالد بن يزيد _مِن الزيادة_ الأيليُّ _بفتح الهمزة وتسكين التحتانيَّة_ و(الأناس) هو الناس، و(عَنِ الكُهَّانِ) أي: عن حالهم، و(بِشَيْءٍ) أي: حقٍّ، و(يَخْطَفُهَا) بالفتح على اللغة الفصيحة _وبكسرها_ و(الجِنِّيُّ) مفرد الجنِّ أي: يختلسها الجنيُّ مِن أخبارٍ، و(يُقِرُّها)، وفي أكثرها: <يُقَرْقِرُهَا > وقرَّه إذا صبَّ فيه الماء، وقرَّ إذا صوَّت وقرَّت الدَّجَاجَةِ إذا قطعت صوتها وقرَّ الكلام في أذنه وأقرَّه إذا سارَّه وصبَّه فيها، والقرقرة صوت الحمام، و(الدَّجَاجَةِ) بفتح الدال وكسرها، وفي بعضها: <الزُّجَاجَةِ > بالزاي.
          الخطَّابيُّ: غرضه صلعم نفي ما يتعاطونه مِن علم الغيب أي: ليس قولهم بشيءٍ صحيحٍ يعتمد عليه كما يعتمد على أخبار الأنبياء صلوات الله عليهم. قال: والصواب <الزُّجاجَة> ليلائم معنى القارورة الذي في الحديث الآخر، وقد بيَّن صلعم أنَّ إصابة الكهَّان أحيانًا إنَّما هو لأنَّ الجنِّيَّ يلقي إليه الكلمة التي يسمعها استراقًا فيزيد إليها الأكاذيب يقيسها عليه، و(الكُهَّانِ) قومٌ لهم أذهانٌ حادَّة ونفوسٌ شرِّيرةٌ وطبائع ناريَّةٌ فالشياطين يلقون الكلمة المسترقة إليهم لما بينهما مِن المناسبة. مرَّ الحديث في آخر كتاب الأدب [خ¦6213].
          فإن قلت: ما وجه موافقته للترجمة؟ قلت: وجهه مشابهة الكاهن بالمنافق مِن حيث أنَّه لا ينتفع بالكلمة الصادقة لغلبة الكذب عليه ولفساد حاله كما لا ينتفع المنافق بقراءته لفساد عقيدته وانضمام خبثه إليها.
          قال بعضهم: القرقرة الوضع في الأذن بالصوت والقرُّ الوضع فيها بدون الصوت فالروايتان مشعرتان بأنَّ الوضع في أذن الكهَّان تارةً بلا صوتٍ وأخرى به، وإضافة القرقرة إلى الدَّجاجة إضافةٌ إلى الفاعل وإلى الزجاجة إلى المفعول فيه نحو: {مَكْرُ اللَّيْلِ} [سبأ:33].