مصابيح الجامع الصحيح

باب شهادة الأعمى

          ░11▒ (باب شَهَادَةِ الأَعْمَى).
          إن قلت: العقل لا بد منه في جميع الشهادات، فما وجه التقييد؟
          قلت: معناه: إذا كان كيسًا فطنًا [للقرائن] دراكًا للأمور الدقيقة.
          [ (تجوز فيه): بلفظ المجهول؛ أي: خفف فيه، وتكلم بالمجاز، وغرضه أنه قد يسامح الأعمى بشهادته في بعض الأشياء التي تليق بالمسامحة والتخفيف.
          (وكان ابن عباس): إن قلت: ما وجه تعلقه بالترجمة؟
          قلت: بيان قبول الأعمى قول الغير في الغروب والطلوع أو بيان أمر الأعمى غيره]
. /
          قوله: (وقال سليمان بن يسار: استأذنت على عائشة): هذا مشكل؛ لأنه كان مكاتبًا لميمونة لا لعائشة، لكن لا بد له من تأويل، إما بأن (على) بمعنى (من)؛ أي: استأذنت من عائشة في الدخول على ميمونة، فقالت: ادخل عليها، أو لعل مذهبها أن النَّظر إلى العبد حلال سواءٌ كان ملكها أم لا، أو تمنع أنه لم يكن مكاتبًا لعائشة، انتهى، ولعلَّها كانت تخاطبه من وراء حجابٍ، ولا ترى شخصه.
          وقال شيخنا: فيه دليل على أن عائشة كانت لا ترى ترك الاحتجاب من العبد، سواءً كان في ملكها أو في ملك غيرها، لأنَّه كان مكاتب ميمونة زوج النَّبيِّ صلعم، وأمَّا من قال: يحتمل أنَّه كان مكاتب عائشة؛ فمعارضة للصَّحيح من الأخبار بمحض الاحتمال، وهو مردودٌ، وأبعد من قال: يحتمل قوله على عائشة؛ يعني: من عائشة؛ أي: استأذنت عائشة في الدُّخول على ميمونة، رضي الله تعالى عن الصَّحابة، انتهى.
          فائدة: نقلت من كتاب الحكيم التِّرمذي، وهو «نوادر الأصول» ما لفظه: روي في الخبر أنَّ الحسن والحسين ╠ كانا لا يريان أمَّهات المؤمنين، وإنَّما يدخل عليهنَّ محارمهنَّ من النَّسب والرَّضاع، انتهى
          (سليمان): منادى؛ أي: [يا] سليمان.
          [ (منتقبة): من الانتقاب، وفي بعضها: من التفعل؛ أي: ذات نقاب، مستورة الوجه].