مصابيح الجامع الصحيح

باب شهادة القاذف والسارق والزاني

          ░8▒ [ (بعض الناس): أراد به الحنفية وغرضه أنه تناقص حيث لا يجوز شهادة القاذف وصح النكاح بشهادته، وتحكم حيث جوَّزه بشهادة المحدود ولم يجوزه بشهادة العبد مع أنهما ناقصان عنده وحيث خصص شهادة الهلال من بين سائر الشهادات.
          ابن بطال: ذكر قول أبي حنيفة ليلزمه التناقض في إجازته النكاح بشهادة محدودين قال: وقال أبو حنيفة: لا تقبل شهادة القاذف / أبدًا وإن تاب، وأما المحدود بالزنا والسرقة والخمر إذا تابوا قبلت شهادتهم، وقال الاستثناء في قوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [النور:5] راجع إلى الفسق خاصة، وقال الشافعي: راجع إلى قبول الشهادة أيضًا، وهو محقق في أصول الفقه، ثم إن القياس على الزاني والقاتل والشارب، بل على الكافر تقتضي القبول إذ التوبة تمحو الكفر فما دون الكفر بالطريق الأولى، ثم إن عمر جلد القاذفين للمغيرة واستتابهم وقال: (من تاب قبلت شهادته)، وقال: هذا بحضرة الصحابة، ولو كان تأويل الآية كما أوله الكوفيون لم يسكتوا ولقالوا لعمر لا يجوز قبول توبة القاذف ]
.
          قوله: (وكيف تُعرف توبته): عطف على أول الترجمة وكثيرًا ما يفعل البخاري مثله، يردف ترجمة على ترجمة وإن بعد ما بينهما.
          إن قلت: ما وجه تعلق قصتهم بالباب؟
          قلت: تخلفوا عن الشارع في غزوة تبوك، والتخلف عنه بدون إذنه معصية؛ كالسرقة ونحوه.
          ابن بطال: استدل البخاري على أنه لا حاجة في التوبة إلى إكذاب نفسه، فإنه لم يشترط ذلك على الزاني في مدة التغريب، ولا على كعب وصاحبيه في الخمسين، وبحديث عائشة على أن السارق إذا تاب وحسن حاله؛ قبلت الشهادة، وبحديث زيد أنه ◙ لم يشترط على الزاني بعد الجلد والتغريب ألا تقبل شهادته، ولو كان ذلك شرطًا؛ لذكره.