مصابيح الجامع الصحيح

باب قول الله تعالى: {جعل الله الكعبة البيت الحرام}

          ░47▒ (الجَعْل) هنا بمعنى التَّصيير، فيتعدَّى لاثنين، فهذا أوَّل و{بلدًا} ثان، وقال: هنا {البلد} [إبراهيم:35]، وفي سورة البقرة {بلدًا} [البقرة:126]؛ لأنَّه ◙ لمَّا كان حاضرًا بمكَّة عرَّف، ولمَّا كان غائبًا؛ نكَّر.
          قال الزَّمخشريُّ: إن قلتَ: أيُّ فرق بين قوله تعالى: {اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا} [إبراهيم:35]، وبين قوله: {اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا} [البقرة:126].
          قلتُ: سأل في الأولى أن يَجْعله من جُمْلة البلاد الَّتي يأمن أهلها ولا يخافون، وفي الثَّاني أن يخرجه من صفة كان عليها من الخَوْف إلى ضدِّها من الأمن كأنَّه قال: هو بلد مخوف فاجعله آمنًا.
          فائدة: لم يذكر البخاريُّ في هذه التَّرجمة حديثًا، ولعلَّ غرضه الإشعار بأنَّه لم يجد حديثًا بشرط مناسبًا لها، أو ترجم الأبواب أوَّلًا ثمَّ ألحق بكلِّ باب كما اتَّفق ولم يساعده الزَّمان بإلحاق حديث بهذا الباب، وهكذا حكم كلَّ ترجمة هي مثلها، والله تعالى أعلم.