مصابيح الجامع الصحيح

باب وجوب الحج وفضله

          ░1▒ ترجم البخاريُّ عن الحجِّ وكتاب المناسك ليعمَّ الحجَّ والعمرة وما يتعلَّق بهما، وكان في الغالب من يحجُّ يجتاز بالمدينة الشَّريفة، فذكر ما يتعلَّق بزيارة قبر النَّبيِّ صلعم وما يتعلَّق بجيزة المدينة.
          وقال شيخنا: الَّذي ظهر أن يقال: إنَّما عقَّب الزَّكاة بالحجِّ؛ لأنَّ الأعمال لمَّا كانت بدنيَّة محضة وماليَّة وبدنيَّة / معًا _والحجُّ كذلك_ فذكر الصَّلاة، ثمَّ الزَّكاة، ثمَّ الحجَّ، ولمَّا كان الصَّوم هو الرُّكن الخامس المَذْكور في حديث ابن عمر: «بُنِيَ الإسلام على خمس»؛ عقَّب بذكره، وإنَّما أخَّره لأنَّه من التُّروك، والتَّرك وإن كان عملًا أيضًا؛ لكنَّه عمل النَّفس لا عمل الجسد، فلهذا أخَّره، وإلَّا؛ لو كان اعتمد على التَّرتيب الَّذي في حديث ابن عمر لقدَّم الصِّيام على الحجِّ؛ لأنَّ ابن عمر أنكر على من روى عنه الحديث بتقديم الحجِّ على الصِّيام، وهو وإن كان ورد عن ابن عمر من طريق أخرى كذلك؛ فذلك محمول على أنَّ الرَّاوي روى عنه بالمعنى ولم يَبْلغه نَهيه عن ذلك.