تعليقة على صحيح البخاري

باب إثم من قتل ذميًا بغير جرم

          ░30▒ (بَابُ إِثْمِ مَنْ قَتَلَ ذِمِّيًّا بِغَيْرِ جُرْمٍ)؛ الحديث.
          معنى: (لَمْ يَرَحْ): معناه: على الوعيد، وليس على الحتم والإلزام، وإنَّما هذا لمن أراد الله تعالى إنفاذ الوعيد عليه، قال ابن التِّين: (يَرَح)؛ بفتح الياء والرَّاء، رائحتها من مسيرة أربعين عامًا، [و] قوله: «من ادَّعى إلى غير أبيه؛ لم يجد رائحة الجنَّة، وإنَّ ريحها يوجد من مسيرة خمس مئة عام»، ووجه الجمع: أنَّه يحتمل أن يكون الأوَّل أقصى أشدِّ العمر، فإذا(1) [بلغها] ابن آدم؛ يزاد عمله، واستحكمت بصيرته في الخشوع فيه والتَّذلُّل، والنَّدم على ما سلف له؛ فكأنَّه وجد ريحها الذي يبعثه على الطَّاعة، ويُمكِّن(2) من قلبه الأفعال الموصلة إلى الجنَّة، [فبهذا] وجد ريحها على مسيرة أربعين عامًا، وأمَّا الثَّانية؛ فإنَّها أجر المعتزل، وهي أعلى منزلةً من الأربعين في الاستبصار، يُعرَض للمرء عندها من الخشية والنَّدم؛ لاقتراب أجله ما لم يعرض له قبل ذلك، ويزداد طاعة بالتَّوفيق، فيجد ريحها على هذا النَّحو، وأمَّا الثَّالثة؛ فهي فترة ما بين نبيٍّ ونبيٍّ، فيكون مَن جاء في آخر الفترة، واهتدى باتِّباع النَّبيِّ الذي كان قبلها، ولم يضرَّه طولها، فوجد ريحها على ذلك، وقد تقدَّم أنَّه لا يجد ريحها في الموقف؛ أي: في بعض الأوقات، ويحتمل أن يكون هذا جزاءً إن(3) جوزيَ، وأن يكون في رجلٍ بعينه، ويكون من المعاريض؛ لقوله تعالى: {إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ...}؛ الآية [النساء:48] .


[1] في (أ): (إذ).
[2] في (أ): (ويمكث).
[3] في (أ): (أي).