تعليقة على صحيح البخاري

باب زنا الجوارح دون الفرج

          ░12▒ (بَابُ زِنَى الْجَوَارِحِ دُونَ الْفَرْجِ).
          قال الخطَّابيُّ: لأنَّ الأفعال مِن فاعلها تضاف إلى الأيدي(1) ؛ لقوله: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} [الشورى:30] ، ولا حيلة للشَّخص مِن إدراك ما كتب عليه.
          زنى العين فيما زاد على النَّظرة الأولى التي لا تُمْلك فيما يستديم النَّظر إليه على سبيل اللذَّة والشَّهوة، وكذلك زنى المنطق ممَّا تلذَّذ مِن مجاوبة مَن لا يحلُّ له ذلك منه، وزنى النَّفس تمنِّي ذلك وتشهِّيه(2) ، وكلُّ هذا مِن دواعي زنى الفرج، قال المهلَّب: وكل ما كتبه الله على ابن آدم؛ فهو / سابق في علم الله، [لا بدَّ] أن يدركه المكتوب، وأنَّ الإنسان لا يملك دفع ذلك عن نفسه، غير أنَّ الله تعالى تفضَّل على عباده وجعل ذلك لممًا وصغائر، لا يُطلَب بها عباد الله إذا لم يكن للفرج تصديق لها، فإذا صدَّقها الفرج؛ كان ذلك من الكبائر؛ رفقًا من الله تعالى بعباده ورحمة لهم، ولو واخذ عباده باللَّمم أو ما دونه من حديث النَّفس؛ لكان ذلك عدلًا منه في عباده وحكمةً، لا يسأل عمَّا يفعل وله الحجَّة البالغة، لكن قبل منهم اليسير، وعفا لهم عن الكثير؛ تفضُّلًا منه وإحسانًا.


[1] في (أ): (الأيد).
[2] في (أ): (وتشتهيه).