مطلع النيرين المختصر من الصحيحين

عتبة بن غزوان بن جابر المازني

          عُتبةُ بنُ غَزْوانَ بنِ جابرٍ المازِنيُّ
          يُكْنى: أبا عبدِ اللهِ، كانَ إسلامُه قديماً، قَدِمَ على رسولِ اللهِ صلعم بمكَّةَ، وأقامَ معه حتى هاجَرَ إلى المدينةِ مع المقدادِ بنِ عَمرٍو، شَهِدَ بدراً والمشاهِدَ كلَّها، وكان أولَ مَن نزَلَ البصرةَ من المسلمينَ، وهو الذي اختطَّهَا وافتتحَ الأبلة قبلها، وكان عمرُ قَد وجَّهَه ليُقَاتلَ الحِيرَةَ، وكانَ قَد استَعفَى عُمرَ من ولايةِ البَصرةِ فلم يُعفِه، وخرَجَ حاجًّا فقال: اللهمَّ لا ترُدَّني إليها، فسقَطَ عن راحِلَتِه، فماتَ سنةَ سبعَ عشْرةَ وهو منصَرِفٌ من مكَّةَ إلى البَصْرةِ بمَوضِعٍ يقالُ له: مَعدِنُ بني سُليمٍ، قالَه ابنُ سعدٍ، وقيل: ماتَ بالرَّبَذةِ، وهو ابنُ سبعٍ وخمسينَ بالمدينةِ، وكان رجلاً طُوالاً(1).
          وهو من أفرادِ مُسلمٍ.
          عن خالدِ بنِ عُميرٍ العَدويُّ: أن عَمْراً _وكان قَد أدرَكَ الجاهليَّةَ_ قالَ: خطَبَنا عُتبَةُ بنُ غزوانَ وكان أميراً على البَصرَةِ فحَمِدَ الله وأثْنَى عليه ثمَّ قالَ: أما بعدُ، فإن الدُّنيا قَد آذَنتْ بصَرمٍ وولَّتْ حذَّاءَ، ولم يبقَ منها إلا صُبابةٌ كصُبابةِ الإناء يتَصَابُّها صَاحبُها، وإنَّكم مُنقَلِبُون منهَا إلى دارٍ لا زوالَ لها فانتقِلُوا بخيرِ ما بحضْرَتِكُم، فإنَّه قَد ذُكِرَ لنا أن الحَجَرَ يُلقَى من شَفِيرِ جهنَّمَ فيَهْوِي فيها سبعين عاماً لا يدرِكُ لها قعْراً، والله لتُملأنَّ، أَفَعَجِبْتُم؟ ولقد ذُكِرَ لنا أن ما بين مِصْراعَين من مصَارِيعِ الجنَّةِ مسيرَةُ أربعين عاماً، ولَيَأتِينَّ عليها يومٌ وهو كظيظٌ من الزِّحَامِ.
          ولقد رأيتُنِي سابعَ سبْعةٍ مع رسولِ الله صلعم، ما لنا طعامٌ إلا ورقُ الشَّجَرِ حتى قَرِحَتْ أشْدَاقُنا.
          في(2) رواية: ورقُ الحُبْلَةِ فالتَقَطْتُ بُردَةً، فشقَقْتُها بينِي وبين سعدِ بنِ مالِكٍ، فاتَّزَرْتُ بنصْفِها(3) واتَّزرَ سعدٌ بنصْفِها، فما أصبَحَ اليومَ منَّا أحدٌ إلَّا أصبَحَ أميراً على مصرٍ من الأمصَارِ، وإني أعوذُ باللهِ أن أكونَ في نفسِي عَظِيماً وعند الله صَغِيراً، وإنَّها لن تكُنْ نبوَّةٌ إلا تناسخَتْ حتى يكونَ آخرُ عاقِبَتِها مُلْكاً، وستَخبُرُون وتُجرِّبُون الأمرَاءَ بعدَنَا.


[1] من قوله: ((يكنى أبا عبد الله... إلى قوله: ...رجلا طوالا)): ليس في (ز) و(ف).
[2] في (ز) و(ف): ((وفي)).
[3] في (ف): ((ببعضها)).