مطلع النيرين المختصر من الصحيحين

عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف القرشي الزهري

          عبدُ الرَّحمنِ بنُ عوفِ بنِ عبدِ عوفٍ القُرشيُّ الزُّهريُّ ☺
          يُكْنى: أبا محمد، كانَ اسمُه في الجاهليةِ: عبدَ عمرٍو، وقيل: عبدَ الكعبةِ، فسمَّاه النبيُّ صلعم: عبدَ الرحمنِ، وأمُّه: الشِّفاءُ بنتُ عَوفِ بنِ عبدِ الحارثِ، أسلمَتْ وهاجرَتْ، وُلدَ بعد الفيلِ بعَشْرِ سنينَ، وأسلمَ قديماً، وكان من المهاجِرينَ الأوَّلينَ، جمَعَ الهِجرتَينِ جميعاً، شهِدَ بدراً والمشاهدَ كُلَّها، وهو أحدُ العشَرةِ الذين شهِدَ لهم رسولُ اللهِ صلعم بالجنَّةِ، وأحدُ الستَّةِ الذين جعَلَ عمرُ فيهم الشُّورى، وأُخبرَ أنَّ رسولَ اللهِ صلعم توفِّيَ وهو عنهم راضٍ، وصلَّى رسولُ اللهِ صلعم خلفَه في غزوةِ تبوكَ، أدركَ معه ركعةً وأتمَّ الباقيَ، وقال: ((ما قُبضَ نبيٌّ حتى صلَّى خلفَ رجلٍ صالحٍ من أمَّتِه)).
          وقال عليٌّ: سمعتُ رسُولَ اللهِ صلعم يقولُ لعبدِ الرحمنِ: ((أنتَ أمينٌ في السماءِ، أمينٌ في أهلِ الأرضِ)) وكان طويلاً أبيضَ، حسَنَ الوجهِ، أقنى، به عرَجٌ، أصابَه يومَ أُحدٍ أحَدٌ وعشرون جُرحاً، منها جُرحٌ برِجلِه عرَجَ منه، وكان تاجِراً له مالٌ كثيرٌ.
          رويَ أنَّ امرأتَه التي طلَّقَها في مرضِه صولِحَتْ عن رُبعِ ثمنِها بثلاثةٍ وثمانينَ ألفاً، ولمَّا حضَرَتْه الوفاةُ بكى بكاءً شديداً، فسُئلَ عن بكائه، فقال: إنَّ مُصعبَ بنَ عُميرٍ كانَ خيراً منِّي، وتُوفِّيَ على عهدِ رسولِ اللهِ صلعم، فلم يكُنْ له ما يكفَّنُ فيه، وإنَّ حمزةَ بنَ عبدِ المطَّلبِ كانَ خيراً منِّي لم نجِدْ له كفَناً، وإنِّي أخشى أن أكونَ ممَّنْ عُجِّلَتْ له طيِّباتُه في حياتِه الدُّنيا، وأخافُ أن أُحبَسَ عن أصحابي بكثرةِ مالي.
          وكان أحدَ الفقهاءِ الذين يُفتونَ على عهدِ رسولِ اللهِ صلعم، مات سنةَ اثنتَينِ وثلاثينَ، وقيل: سنةَ إحدى وثلاثينَ وهو ابنُ خمسٍ وتسعين سنةً، وقيلَ غيرُ ذلك، ودُفنَ بالبقيعِ، وصلَّى عليه عثمانُ، أَوصى بذلك(1).


[1] من قوله: ((يكنى أبا محمد... إلى قوله: ...أوصى بذلك)): ليس في (ز) و(ف).