مطلع النيرين المختصر من الصحيحين

عبد الله بن مسعود الهذلي

          عبدُ اللهِ بنُ مسعودِ بنِ غافِلٍ، أبو عبْدِ الرَّحْمنِ(1) الهُذَليُّ ☺
          حَليفُ بني زُهرةِ، وأمُّه: أمُّ عبدِ بنتُ وُدِّ بنِ سَوادٍ، من هُذيلٍ، أسلَمَ قديماً قبل دخولِ رسولِ اللهِ صلعم دارَ الأرقمِ، وقيل: كانَ سادِساً في الإسلامِ، وضمَّه رسولُ اللهِ صلعم إليه، وكان يلِجُ علَيه ويُلبِسُه نعلَيه ويمشي أمامَه ومعه، ويَستُرُه إذا اغتَسَلَ، ويوقِظُه إذا نامَ، وكان يُعرَفُ في الصحابةِ بصاحبِ السوادِ والسِّواكِ.
          شهِدَ بدراً والحُدَيبيَةَ، وهاجَرَ الهِجرتَينِ جميعاً إلى أرضِ الحبَشةِ وإلى المدينةِ، وصلَّى إلى القِبلتَينِ، وشهِدَ له رسولُ اللهِ صلعم بالجنَّةِ، وهو الذي قتَلَ أبا جهلٍ، ونفَّلَه رسولُ الله صلعم سيفَه، وقال: إنِّي لَأعلَمُهم بكتابِ اللهِ، وما أنا بخيرِهم، وما في كتابِ اللهِ سورةٌ ولا آيةٌ إلا وأنا أعلمُ فيما نزلَتْ ومتى نزلَتْ، قال أبو وائلٍ: فما سمِعتُ أحَداً أنكَرَ ذلك عليه.
          وبعَثَه عمرُ بنُ الخطَّابِ إلى الكوفةِ مع عمارِ بنِ ياسرٍ، وكتَبَ إليهم: إني قد بعَثتُ إليكم بعمَّارِ بنِ ياسرٍ أميراً، وعبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ معلِّماً ووزيراً، وهما من النُّجَباءِ من أصحابِ رسولِ اللهِ صلعم من أهلِ بدرٍ، فاقتَدُوا بهما، واسمَعُوا من قولِهما، وقد آثَرتُكم بعبدِ اللهِ على نفسي، وكان أحَدَ الفُقَهاءِ الذين يُفتُون على عهدِ رسولِ اللهِ صلعم.
          وقال رسولُ اللهِ صلعم: ((مَن أحبَّ أن يقرأَ القُرآنَ غضًّا كما أُنزِلَ، فليَقرَأْه على قراءةِ ابنِ أمِّ عبدٍ)) وكان يُشبَّهُ بالنبيِّ صلعم في هَديِه ودَلِّه، وكان رجلاً قصيراً نحيفاً، يكادُ الرِّجالُ يوارُونَه جُلوساً وهو قائمٌ، توفِّيَ بالمدينةِ سنةَ ثِنتَين وثلاثينَ، ودُفنَ بالبقيعِ، وصلَّى عليه عثمانُ، وقيل: بل صلَّى عليه الزُّبيرُ ودفَنَه ليلاً بإيصَائهِ بذلك إليه، ولم يعلَمْ عثمانُ بدَفنِه، فعاتَبَ الزُّبَيرَ على ذلك، وتُوفِّيَ وهو ابنُ بضعٍ وستِّينَ سنةً(2).


[1] ((ابن غافل أبو عبد الرحمن)): ليس في (ز) و(ف).
[2] من قوله: ((حليف بني زهرة... إلى قوله: ...بضع وستين سنة)): ليس في (ز) و(ف).