مطلع النيرين المختصر من الصحيحين

عبد الله بن العباس بن عبد المطلب الهاشمي

          عبدُ اللهِ بنُ العبَّاسِ بنِ عبدِ المطَّلبِ الهاشِميُّ ☻
          يُكْنى: أبا العبَّاسِ، وُلدَ قبل الهجرةِ بثلاثِ سنين، وكان ابنَ ثلاثَ عشْرةَ سنةً حين توفِّيَ النبيُّ صلعم، ودعا له رسولُ اللهِ صلعم، فقال: ((اللَّهمَّ علِّمْه الحِكمةَ وتأويلَ القُرآنِ)) وفي روايةٍ: ((اللَّهمَّ فقِّهْه في الدِّينِ وعلِّمْه التَّأويلَ)) وقال عبدُ اللهِ: رأيتُ جِبريلَ مرَّتَينِ، وكان عمرُ بنُ الخطَّابِ يُحبُّه ويُقرِّبُه ويُشاوِرُه مع جُلَّةِ الصَّحابةِ، وقال مسروقٌ: كنتُ إذا رأيتُ عبدَ اللهِ بنَ عبَّاسٍ قلتُ: أجملُ الناسِ، فإذا تكلَّمَ قلتُ: أفصحُ الناسِ، فإذا تحدَّثَ قلتُ: أعلمُ الناسِ، وكان قد عَمِيَ في آخِرِ عُمرِه.
          رُويَ عنه أنَّه رأى رجُلاً مع النبيِّ صلعم يعرِفُه، فسألَ النبيَّ صلعم عنه، فقالَ رسولُ اللهِ صلعم: ((أرأيتَه؟)) قال: نعم، قال: ((ذاك جِبريلُ، قال: أمَا إنَّك ستَفقِدُ بصَرَكَ)).
          ورُويَ أنَّ طائراً أبيضَ خرَجَ من قبرِه، فتأوَّلُوه عِلمَه خرجَ إلى الناسِ، قال عطاءٌ: كانَ ناسٌ يأتونَ ابنَ عبَّاسٍ في الشِّعرِ والأنسابِ، وناسٌ يأتون لأيَّامِ العربِ في وقائعِها، وناسٌ يأتون للعِلمِ والفقِه، فما منهم ضيفٌ إلا يُقبِلُ عليهم بما شاءَ.
          وماتَ بالطائفِ سنةَ ثمانٍ وستين في أيامِ ابنِ الزُّبيرِ، وكانَ ابنُ الزُّبيرِ أخرجَه من مكَّةَ، وماتَ وهو ابنُ إحدى وتسعين سنةً، وصلى عليه محمدُ ابنُ الحنفيَّةِ، وكبَّرَ عليه أربعاً، وقال: اليومَ ماتَ ربَّانيُّ هذه الأمَّةِ، رُويَ عنه أنَّه قال في ذهابِ بصَرِه:
إنْ يأخُذِ الله من عَينيَّ نُورَهما                     ففي لساني وقلبي منهما نورُ
قلبي ذكيٌّ وعقلي غيرُ ذي دخَلٍ                     وفي فمي صارمٌ كالسَّيفِ مأثورُ(1).


[1] من قوله: ((يكنى أبا العباس... إلى قوله: ...كالسيف مأثور)): ليس في (ز) و(ف).