مطلع النيرين المختصر من الصحيحين

عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي

          عبدُ الله بن عُمرَ بنِ الخطَّابِ العَدَويُّ ☻
          كُنيتُه: أبو عبدِ الرَّحمنِ، أمُّه وأمُّ أختِه حَفصةَ: زينَبُ بنتُ مَظعُونِ بنِ حَبيبٍ الجُمَحيِّ، أسلَمَ معَ أبيهِ وهو صَغيرٌ لم يبلُغِ الحُلُمَ، وهِجرتُه كانت قبلَ هِجرةِ أبيهِ، وأجمَعُوا أنَّهُ لم يشهَدْ بَدْراً، وأوَّلُ مَشاهِدِه الخندَقُ، استَصغَرَه رسُولُ اللهِ صلعم يومَ بدرٍ، وشَهِدَ الحُدَيبيةَ، وأدرَكَ الفَتحَ وهو ابنُ عِشرينَ سَنةً _يعني: فَتْحَ مكَّةَ_.
          وكانَ مِن أهلِ الورَعِ والعِلمِ، وكانَ كَثيرَ الاتِّباعِ لآثارِ رسُولِ اللهِ صلعم، شَديدَ التَّحرِّي والتَّوقِّي في فُتْياهُ، وكانَ لا يتَخلَّفُ عن السَّرايا على عَهدِ رسُولِ اللهِ صلعم، وكانَ مُولَعاً بالحَجِّ بعد رسُولِ اللهِ صلعم، ويُقالُ: إنَّه كانَ من أعلَمِ الصَّحابةِ بمَناسِكِ الحَجِّ، وكانَ ☼ لوَرَعِه أشكَلَتْ عليه حُروبُ عليٍّ، فقَعَدَ عنه، ونَدِمَ على ذلك.
          قالَ جابِرٌ: ما منَّا أحَدٌ إلَّا مالَتْ به الدُّنيا ومالَ بها ما خَلا عبدَ اللهِ بنَ عُمرَ، قال مالِكٌ: بلَغَ عَبدُ اللهِ بنُ عُمرَ سِتًّا وثمانينَ سَنةً، وأفتَى في الإسلامِ ستِّينَ سَنةً، ونشَرَ نافِعٌ عنه عِلْماً، كمَا قالَ أبو عمرَ.
          ماتَ عبدُ اللهِ بنُ عُمرَ بمكَّةَ سنةَ ثَلاثٍ وسبعينَ، لا يختَلِفُون في ذلكَ، بعدَ قتلِ ابنِ الزُّبيرِ بيَسيرٍ، ودُفنَ بذِي طُوًى في مَقبَرةِ المهَاجِرينَ.
          وكانَ يتقَدَّمُ الحَجَّاجَ في الموَاقِفِ بعرَفةَ وغَيرِها إلى الموَاضِعِ التي كانَ النَّبيُّ صلعم وقَفَ فيها، فكانَ ذلك يعِزُّ على الحَجَّاجِ، فأمَرَ الحَجَّاجُ رجُلاً معه حَرْبةٌ يُقالُ: إنَّها كانَتْ مسمُومةً، فلمَّا دفَعَ النَّاسُ من عرَفةَ، لصِقَ به ذلك الرَّجُلُ، فأمَرَّ الحَرْبةَ على قَدَمِه، وهي في غَرْزِ راحِلَتِه، فمَرِضَ منها أيَّاماً، فدخَلَ عليه الحَجَّاجُ يعُودُه، فقالَ: مَن يكُ؟ فقالَ: ومَا تصنَعُ به؟ قالَ: قتَلَني اللهُ إنْ لم أقتُلْه، قالَ: ما أراكَ فاعِلاً، أنتَ الَّذي أمَرْتَه أن ينخَسَني بالحَرْبةِ، فقالَ: لا تفعَلْ يا أبا عبْدِ الرَّحمنِ، وخرَجَ عنهُ، ولبِثَ أيَّاماً وماتَ، وصلَّى علَيهِ الحجَّاجُ.
          ولمَّا حضَرَتْه الوَفاةُ قالَ: ما أجِدُ في نفْسِي من أمرِ الدُّنيا شيئاً إلَّا أنِّي لمَّا أُقاتِلِ الفِئةَ الباغِيةَ معَ عليِّ بنِ أبي طالبٍ(1).


[1] من قوله: ((كنيته أبو عبد الرحمن... إلى قوله: علي بن أبي طالب)): ليس في (ز) و(ف).