مطلع النيرين المختصر من الصحيحين

عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق

          عبدُ الرَّحمنِ بنُ أبي بكرٍ الصِّدِّيقُ ☻
          يُكْنى: أبا محمَّدٍ بابنِه محمَّدٍ الذي يُقالُ له: أبو عَتيقٍ، وأمُّ عبدِ الرَّحمنِ: أمُّ رُومانَ بنتُ الحارِثِ بنِ غنَمةَ الكِتابيَّةُ، شَقيقُ عائشةَ، شَهِدَ عبدُ الرحمنِ بنُ أبي بكرٍ بَدْراً وأُحداً معَ قومِهِ كافِراً، ودَعا إلى البِرازِ، فقامَ إليه أبوهُ ليُبارِزَه، فذُكِرَ أنَّ رسُولَ اللهِ صلعم قالَ له: ((أمتِعْني بنَفسِكَ)).
          ثمَّ أسلمَ وحسُنَ إسلامُه، وصَحِبَ النَّبيَّ صلعم في هُدنةِ الحُدَيبيَةِ، وكانَ اسمُه: عبدَ الكَعبةِ، فسمَّاهُ رسُولُ اللهِ صلعم: عبدَ الرَّحمنِ، وهاجَرَ قبلَ الفَتحِ في فِتيةٍ من قُريشٍ مُعاويةُ منهم، وكان عبدُ الرَّحمنِ من أشجَعِ رجالِ قُريشٍ وأرماهم بسَهمٍ، وحضَرَ اليَمامةَ مع خالدِ بنِ الوَليدِ، فقتَلَ تِسعةً من كبَارِهِم، وهو أسَنُّ ولَدِ أبي بَكرٍ، وكانَ امرَءاً صالِحاً فيه دُعابةٌ.
          وماتَ بمَوضِعِ يُقالُ له: الحبَشيُّ، وهو جبَلٌ قَريبٌ من مكَّةَ، وحُملَ إلى مكَّةَ ودُفنَ بها، ولمَّا اتَّصلَ مَوتُه بأُختِه عائشةَ ♦ ظعَنَتْ حاجًّةً من المدينةِ حتى وقفَتْ على قَبرِه، فبكَتْ عليهِ وتمثَّلَتْ:
وكنَّا كنَدْمانَي جَذِيمةَ حِقْبةً                     في الدَّهرِ حتى قيلَ لن تتصدَّعا
وعِشْنا بخَيرٍ في الحياةِ وقَبلَنا                     أصابَ المنايا رَهْطَ كِسْرى وتُبَّعا
فلمَّا تفَرَّقْنا كأنِّي ومالِكاً                     لطولِ افتِراقٍ لم نبِتْ لَيلةً معا
          أمَا واللهِ لو حضَرتُك لدَفنتُكَ حيثُ مُتَّ مَكانَك، ولو حضَرتُكَ ما تلَيتُكَ.
          يُقالُ: إنَّهُ لم يُدرِكِ النَّبيَّ صلعم أربَعةٌ: أبٌ وابنُه وابنُ ابنِه وابنُ ابنِه إلا أبو قُحافةَ، وابنُه أبو بكرٍ، وابنُه عبدُ الرحمنِ، وابنُه محمَّدٌ، وزمنُ وفاةِ عبدِ الرَّحمنِ سنةَ ثلاثٍ وخمسينَ، وقيل: سنةَ خمسٍ وخمسينَ(1).


[1] من قوله: ((يكنى أبا محمد... إلى قوله: ...خمس وخمسين)): ليس في (ف) و(ز).