مصابيح الجامع الصحيح

حديث: ما أصاب بحده فكله وما أصاب بعرضه فهو وقيذ

          5475- فائدة: (المعراض): سهم بلا ريش ونصل، وغالبًا يصيب بعرض عوده دون حدِّه؛ أي: منتهاه الذي له حد، وقيل: هو سهم طويل له أربع قدد رقاق، إذا رمي به؛ اعترض.
          الخطَّابيُّ: هو نصل عريض له ثقل ورزانة إذا وقع بالصَّيد من قبل حده فجرحه؛ ذكاه، وهو معنى لفظ: (فخرق)، وإن أصاب بعرضه؛ فهو وقيذ؛ لأنَّ عرضه لا يسلك إلى داخله، وإنما يقتله بالثقل والرَّزانة.
          قوله: (أَخْذَ الْكَلْبِ)؛ أي: حكمه حكم التذكية، فيحل أكل المذكاة.
          والمراد بـ(كلب غيره): لم يرسله من هو أهله.
          وقال: (فَلَا تَأْكُلْ)؛ لأن أصل الصيد على الحظر، فلا يؤكل إلا بيقين وقوع الذكاة على الشرط الذي أباحته الشريعة.
          (اسْمَ اللهِ): أجمعوا على التسمية عند الإرسال على الصيد، وعند الذبح، فقال أبو حنيفة ومالك: هي واجبة، فإن تركها عمدًا؛ حرم الذبح، وقال الشافعي: إنها سنة، فلو تركها سهوًا أو عمدًا؛ لم يحرم.
          وهذا الحديث معارض بحديث عائشة: (أن قومًا قالوا: يا رسول الله؛ إن قومًا يأتوننا باللحم...)؛ فهو محمول على الاستحباب، وأما آية: {لَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ} [الأنعام:121]؛ فلا تدل على مطلوبهم؛ لأنه مقيد بقوله: {وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام:121]، وهو مفسر بما أهلَّ به لغير الله، ومعناها: لا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه، وقد ذكر اسم غير الله؛ يعني: اللات والعزى، مع أنه معارض أيضًا بقوله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ...} [المائدة:5] الآية، وهم لا يسمون الله عليه.
          الخطابيُّ: ظاهره أنَّه إذا لم يسم؛ لا يحل، وإليه ذهب أهل الرَّأي، إلا أنَّهم قالوا: إن لم يترك عمدًا؛ جاز أكله.
          وتأوَّل من لم ير التَّسمية باللِّسان شرطًا في الذَّكاة على معنى ذكر القلب، وذلك أن يكون إرساله الكلب على قصد الاصطياد به.