مطالع الأنوار على صحاح الآثار

العين مع الصاد

          العين مع الصَّادِ
          1622- قوله في ابنِ أُبَيٍّ: «يُعصِّبُونَهُ بالعِصَابَةِ» [خ¦4566]؛ أي: يسوِّدُوه، وكان السيِّد عندَهم يسمَّى مُعَصَّباً؛ لأنَّه يعصَّبُ بالتَّاجِ، أو تُعصَّبُ به أمورُ النَّاسِ، وقيل: معناه: يعصِّبوه بعِصَابةِ الرِّياسَةِ وينصُبوا عليه تاجَها.
          ومنه في الحديثِ الآخرِ: «كانُوا ينظِمُون له الخَرَزَ ليتوِّجُوه وينظِمُون له العِصَابةَ» يعني: التي كانَت ملوكُ العَرَبِ تتعصَّبُ بها وتُعمَّمُ، والعَمائمُ / تيجانُ العربِ، وفي مسلمٍ: «ويتوِّجُوه». [خ¦4566]
          وقوله: «عاصِباً رأسَهُ» [خ¦467]، و«قد عَصَبَ رأسَهُ» [خ¦927]؛ أي: شدَّه بعِصَابةٍ، والعِصابةُ بالتَّاءِ للرَّأسِ خاصَّة، وأمَّا لسائرِ الجسدِ فالعِصَابُ بغيرِ تاءٍ.
          وقوله: «قد عَصَبَ رأسَهُ الغُبَارُ» [خ¦2813] مخفَّف؛ أي: علَاه، كذا جاء في «بابِ الغُسلِ عندَ الحربِ»، وفي غيرِه: «عصبَ ثنيَّته الغبارُ»، وهو المعروفُ، ويقالُ: عَصَبَ الفمُ؛ إذا اتَّسخَت أسنانُه من غبارٍ أو شدَّةِ عطشٍ، وقيل: إذا لَصِقَ على أسنانِه غبارٌ أو غيرُه وجفَّ ريقُه، ورويَ في غيرِ هذا الكتابِ: «عَصَمَ» بالميم والمعنى واحدٌ، و«الميمُ» تعاقِبُ «الباءَ»، وأنكرَ ابنُ قتيبةَ «الميمَ»، وهو صحيحٌ.
          وقوله: «أهلُ بيتِه أهلُهُ(1) وعَصَبَتُه»؛ أي: بنو عمِّه، ومن يكونُ عاصِباً له، ومنه: عَصَبَةُ الموارِيثِ؛ وهمُ الكَلالةُ من الورثةِ مِن عَدَا الآباءِ والأبناءِ دِنْيَاً، ويكونُ أيضاً في المواريثِ(2) كلُّ من ليسَ له فرضٌ مسمَّى، والعُصْبةُ من النَّاسِ ما بين العشرةِ إلى الأربعين، وقيل: العشرةُ، ولا يقال لما دونَها، وقيل: كلُّ جماعةٍ عُصبةٌ إذا كانُوا قِطَعاً قِطَعاً، وقيل: العُصْبةُ والعِصابةُ جماعةٌ ليسَ لها واحدٌ.
          وقوله: «ثَوْبُ عَصْبٍ» [خ¦313] بسكونِ الصَّادِ ضَرْبٌ من البُرُودِ، يُعْصَّب غزلُه ثمَّ يُصبَغ كذلك، ثمَّ يُنسَج بعدَ ذلك، فيأتي موشَّىً لبقاءِ ما عُصِب منه أبيضَ لم يأخُذه صِبغٌ، وليسَ من ثيابِ الرُّقومِ، وربَّما سَمَّوا الثَّوبَ عصْباً، وقالوا: عَصبُ اليمنِ.
          وقوله: «الرَّجُلُ يُقاتل للعَصَبةِ» ويروى: «العصبِيَّة»، و«يغضَبُ للعَصْبةِ».
          وفي الحديثِ الآخرِ: «ينصر عَصَبَته أو يدعو عَصَبِيَّةً»، يريدُ الحميَّةَ لعصبيَّته وقومِه.
          وقوله: «فاجتمعَت عِصَابَةٌ» [خ¦2731] [خ¦3732] هي الجماعةُ.
          1623- و«العَصر» [خ¦40] الزَّمانُ والمدَّةُ من الدَّهرِ، ويقال: عُصْرٌ بالضَّمِّ، والعَصرانُ(3) الغَداةُ والعَشيُّ، و«صَلاةُ العَصرَين» الصُّبحُ والمغربُ، سمِّيتا بذلك لمقاربةِ كلِّ واحدٍ منهما مغيبَ الشَّمسِ وطلوعَها، وقيل: لتغليبِ أحدِ الاسمينِ على الآخرِ كالعُمَرين والقَمَرين.
          وقولها: «والصَّلاةُ الوُسطَى وصَلاةُ العَصرِ» لا خلافَ بينَ رواةِ «الموطَّأ» في إثباتِ الواوِ، وقد روِيَ في غيرِه بغيرِ واوٍ، ورويَ أيضاً: «ألا وهيَ صلاةُ العصرِ»، / احتجَّ به من رأَى أنَّها العصرُ، وقد أشارَ الخَطَّابيُّ إلى أنَّ من ذهبَ إلى أنَّها الصُّبحُ يحتمل أنَّه تأوَّل أنَّ المرادَ بالعصرِ هنا الصُّبحُ؛ لقوله:«صلاةُ العَصرَين».
          و«الاعتِصَارُ في الصَّدقةِ» الرُّجوعُ فيها وردُّها إلى نفسِه.
          1624- وقوله: «قد عَصَم منِّي نَفسَه» [خ¦1399]؛ أي: منعَ.
          1625- قوله: «في يومٍ عاصِفٍ» [خ¦3478]؛ أي: شديدِ الرِّيحِ، عَصَفتِ الرِّيحُ وأعصَفَت، وقوله: «عُصفُورٌ» [خ¦122] هو طائرٌ صغيرٌ معلومٌ.
          1626- قوله: «يُريدُ أن يَشُقَّ عَصاهُم»؛ أي: «يفرِّقَ جماعتَهم» كأنَّه من تفريقِهم كتفريقِ شظايا العَصَا إذا كُسرَت.
          وقوله: «لا يَضَعُ عَصَاه عن عَاتِقِهِ» قيل: هي كنايةٌ عن ضربِه النِّساءَ، وقد جاء في روايةٍ في غيرِ هذا الكتابِ: «أخشى عليكِ قَسقَاسَتَه»؛ أي: عصَاه، وأنَّه «ضَرَّابٌ للنِّساءِ»، وقيل: بل هي كنايةٌ عن كَثرةِ أسفارِه؛ أي: أنَّه لا يُلقِي عَصَا التَّسيارِ من يدِه.
          1627- قوله: «ولم يَكُن أسلَم مِن عُصاةِ قُريشٍ أحدٌ غيُر مُطيعِ بن الأسودِ، وكانَ اسمُه العاصِي فسمَّاه النَّبيُّ صلعم مطيعاً» يعني: بالعُصَاةِ جمعَ العاصِي؛ أي: من اسمُه العاصِي، لم يُسلِم منهم إلَّا هذا الرَّجلُ، وقد أسلمَ قبلَ الفتحِ، قال القاضي: وهذا على علم المُخبِر بذلك، وإلَّا فأبو جَنْدَلٍ اسمُه العاصي، وقد أسلمَ قبلَ الفتحِ.
          وقوله: «عُصَيَّةُ عَصَتِ اللهَ» [خ¦2814] يعني: قبيلةً من سُليمٍ.
          قوله: «كنَّا نعتَمِد على العُصِّيِّ» جمعُ عصاً؛ أي: نتَّكئُ عليها، ويقال: عُصيٌّ وعِصيٌّ بالضمِّ والكسرِ.
          وفي حديثِ النَّهي عن المُحاقَلةِ والمعاومَةِ: «قال: أحَدُهما بيعُ السِّنين هي المُعَاوَمة وعَن الثُّنْيا»، كذا للكافَّةِ، ولابنِ الحذَّاءِ: «وهي الثُّنْيا»، وهو وهمٌ.


[1] في «المشارق» ونسختنا من «صحيح مسلم»: «أصله».
[2] زاد في النسخة (س): «وهم الكلالة».
[3] في هامش (س): (قال صاحب النهاية: وقد جاء تفسيرهما في الحديث: قيل: وما العَصْرَان ؟ قال: صلاةٌ قبل طلوع الشمس وصلاةٌ قبل غُرُوبها، والله أعلم).انتهى.