مطالع الأنوار على صحاح الآثار

العين مع الراء

          العين مع الرَّاء
          1565- قوله: «أعرَبُهم أحْساباً» [خ¦3668]؛ أي: أثبتُهم وأصحُّهم، يقال: عربيٌّ بيِّنُ العُروبَة والعُروبِيَّة.
          و«الجَارِية العَرِبَة» الحَريصَةُ على اللَّهوِ، يقالُ: جاريةٌ عاربةٌ كثيرةُ الفرحِ والضَّحكِ والمزاحِ مع الرَّجلِ، والعَرَبُ النَّشاطُ، وقيل: العَرِبَة العَاشِقةُ لزوجِها، وقيل الغَنِجَة.
          وقوله: «عَرِبَ بطنُ أَخِي» يقال: عرِبَتْ معدتُه وذرِبَتْ بكسرِ الرَّاءِ؛ إذا فَسَدَت.
          وقوله: «نَهى عن بَيعِ العُرْبان» وهو ما تقدَّم السِّلعةَ، والمنهيُّ عنه ما كانت تَفعلُه الجاهليَّةُ إن تمَّ البيعُ كان ذلك من الثَّمنِ، وإن لم يتمَّ كانَ للبائعِ، يقال: عُرْبانٌ وعُرْبونٌ، وبالهمزةِ مكانَ العينِ فيهما، وعَرَبونٌ أيضاً، وأعرَبْتُ في الشَّيء وعَرَبْتُ فيه؛ إذا دفعتَ / العُرْبانَ، وكأنَّ هذا يدلُّ على أنَّ النونَ زائدةٌ، قال الأصمَعيُّ: هو أعجميٌّ عرَّبَتْه العربُ.
          وقوله: «ارتددتَ على عَقِبَيك وتعرَّبتَ» [خ¦7087]؛ أي: تركْتَ الهجرةَ وصِرْتَ من الأعرابِ، وكان التَّعربُ على المهاجرِ حراماً؛ لخروجِه عن المدينةِ إلى سُكنَى الباديةِ _وهو التَّعرُّب_ إلَّا بإذنِ رسولِ الله صلعم، ثم أُجريَ التَّعربُ في الفتنةِ مُجرَاه لما يَلزمُ من نصرةِ الحقِّ.
          قوله: «يَكُونُون كأعرابِ المُسلِمينَ»؛ أي: كبوادِيهم الذين لم يُهاجِروا.
          ومنه: «إمامةُ...الأعرابيِّ» [خ¦10/54-1101] البدويِّ؛ وكلُّ بدويٍّ أعرَابيٌّ وإن لم يكن من العربِ، وإن كان يتكلَّمُ بالعربَّيةِ وهو من العجم قلت فيه: عربانيٌّ.
          1566- قوله: «فعَرَج بي إلى السَّماء». [خ¦349]
          ويروى: «فعُرِج»؛ أي: ارتقَى، والمِعراجُ الدَّرجُ، وقيل: سُلَّمٌ تعرجُ فيه الأرواحُ، وقيل: هو أحسنُ شيءٍ لا يتمالَك النَّفسُ إذا رأتَه أن تخرُجَ، وإليه يشخصُ بصرُ الميِّتِ من حسنِه، وقيل: هو الذي تَصعَد فيه الأعمالُ، وقيل قوله: {ذِي الْمَعَارِجِ} [المعارج:3] معارجُ الملائكةِ، وقيل: ذي الفَواضِلِ العاليةِ.
          و«العُرجُون» عُودُ الكباسَة التي تتفرَّعُ منه الشَّماريخُ، فإذا يَبِسَ تقوَّسَ.
          1567- قوله: «تَعارَّ من اللَّيل» [خ¦1154] يعني: سهرَ وتقلَّب في فراشِه، وقيل: لا يكونُ إلَّا مع كلامٍ يرفعُ به صوتَه عند انتباهِه وتمطِّيه، ويقالُ: الأنينُ عندَ التَّمطِي بإثْرِ الإنتباهِ، وهذا أبيَنُ وهو المعتادُ من النَّائمِ.
          و«المُعترُّ» [خ¦1689] هو الذي يتعرَّضُ ولا يسألُ، يقال: اعترَّه وعرَّه واعتَرَاه وعَرَاه، وفي خبرِ أبي ذرٍّ: «مَالَكَ ولأخوالِك من قريشٍ لا تَعتَرِيهِم وتُصيبُ منهم»؛ أي: تتعرَّض لمعروفِهم، والمعتَرُّ أيضاً الطَّالبُ والسَّائلُ، عَرَرْتُه أَعُرُّه وعَرَوتُه وعريتُه واعتررتُه واعتريتُه كلُّ ذلك إذا طلبتَ معروفَه.
          1568- «عرَكَتِ المرأةُ» حاضَت، والعِراكُ الحيضُ.
          والسُّوقُ: «مَعرَكَةُ الشَّيطان»، ومعارِكُ الحربِ موضعُ القتالِ؛ لتعارُكِ الأقرانِ هناك وتصارُعِهم، شُبِّه السُّوق بها؛لأنَّ الشَّيطانَ يَصرَعُ النَّاسَ بها ويشغلُهم بها عن ذكرِ الله، ويقال: معركةٌ أيضاً.
          وفي «الموطَّأ»: «إذا قُتلِ في المعتَرَك»، كذا للكافَّة، وعندَ ابن أبي جعفرٍ / والمهلَّب: «في المَعرَك».
          1569- و«العَرِم المُسَنَّاةُ» [خ¦65-7025]، كذا في البخاريِّ: «بلَحْنِ حِميَر» [خ¦65-7025] يعني: لغتَهم، وهو السُّدُّ، وقيل: الوادِي، وقيل: اسمُ الفأرِ الذي حفرَه، وقيلَ: المطرُ الشَّديدُ.
          1570- وقوله: «أقام بالعَرْصَةِ ثلاثةَ أيَّامٍ» [خ¦3065] العَرْصةُ ساحةُ الدَّارِ التي لا بناءَ فيها.
          1571- وقوله: «فنمتُ في عَرْضِ الوِسَادَة» [خ¦183] بفتحِ العينِ عندَ أكثرِ شيوخنا، وهو ضِدُّ الطُّولِ، ووقَع عندَ بعضِهم _منهم الدَّاوديُّ وحاتِمُ الطَّرابلسيُّ والأصِيليُّ_ في موضعٍ من البُّخاريِّ بضمِّ العينِ، وهو النَّاحيةُ والجانبُ، والفتحُ أظهرُ.
          وأمَّا: «أُرِيتُ الجنَّةَ والنَّارَ في عُرْضِ هذا الحَائِط» [خ¦540] بالضَّمِّ؛ أي: في ناحيتِه وجانبِه، كما قال: «في قِبلَةِ هذا الجِدارِ» [خ¦749]، وكذلك في حديثِ المرجومِ: «حتَّى أتَى عُرْضَ الحرَّة»؛ أي: جانبَها.
          وكذلك قوله: «كأنَّما تَنحِتُون الفِضَّة مِن عُرْضِ هذا الجَبلِ» وقد قيل: إنَّ عُرْضَ كلِّ شيءٍ وسطُه، وقيل: عُرضُ الشَّيءِ ذاتُه ونفسُه.
          و«المِعْرَاضُ» [خ¦2054] خشبةٌ محدَّدةُ الطَّرفِ، وقيل: بل فيه حديدةٌ يُرمَى بها الصَّيدُ، وقيل: بل هو سهمٌ لا ريشَ له.
          وقوله صلعم: «ليسَ الغِنَى عن كَثرة العَرَضِ» [خ¦6446] بفتح الرَّاء، يعنِي: كثرةَ المالِ والمتاعِ، وسُمِّيَ عَرَضاً؛ لأنَّه عارضٌ يَعرِضُ وقتاً ثمَّ يزولُ ويفنَى.
          ومنه قولُه: «يَبيعُ دينَهُ بِعَرَضٍ من الدُّنيا»؛ أي: بمتاعٍ منها ذاهبٍ فانٍ، والعَرَضُ ما عدا العينِ، قاله أبو زيدٍ، قال الأصمعيُّ: ما كان من مالٍ غيرِ نقدٍ، قال أبو عبيدٍ: ما عدا الحيوانِ والعَقَارِ والمكيلِ والموزونِ.
          قوله في الفتنِ: «تُعرَضُ على القلوبِ عَرْض الحَصِيرِ عُوداً عُوداً» معنى تُعرَضُ تُلصَقُ بعُرْضِ القلوبِ كما يَلصَقُ الحصيرُ بجنْبِ النَّائم ويؤثِّرُ فيه، وإلى هذا ذهبَ أبو الحسينِ بن سراجٍ والشَّيخُ أبو بكرٍ، وقيل: معنى تُعرَضُ عليها: تَظهرُ لها وتَعرِفُ ما تَقبلُ منها ويوافقُها وما تأباه وتنفِر منه، ومنه: عَرَضْتُ الخيلَ، وعَرَضَ السَّجَّانُ أهلَ السِّجنِ؛ أي: أظهرهُم واختبرَ أحوالَهم.
          ومنه: {وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِّلْكَافِرِينَ عَرْضًا} [الكهف:100]؛ أي: أظهرنَاها لهم، وأنَّ المرادَ بالحصيرِ هاهنا: الحصيرُ المعلوم، تعرض المنقِّية / على النَّاسجةِ له ما تنسِجُه منه واحداً بعد واحدٍ عندَ النَّسجِ، كما قال: «عُوداً عُوداً» بضمِّ العينِ وإلى هذا كان يذهبُ من شيوخنا أبو عبدِ الله النَّحويُّ، وقال الهرويُّ: تُعرَضُ تحيطُ بالقلوبِ، والأوَّلُ أبينُ، وفيه أقوالٌ أخرُ تقدَّمت في الحاءِ.
          وقوله: «عَرَضْتُ عليه حفصةَ» [خ¦4005]، يعنِي: في النِّكاحِ؛ أي: أظهرتُ له أمرَها، ومثله: «عُرِضْتُ يَوم الخندَقِ» [خ¦2664] أُظهِرْتُ لأُختَبرَ، ومثلُه: «عَرَضَ سِلعَته للبيع» [خ¦3414]، و«عُرِضَتْ عليَّ الجنَّةُ والنَّارُ» [خ¦540]، و{عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ}[الأحزاب:72]، و«لم يَزَل...يَعرِضُها عليه» [خ¦1360]، يعني: كلمةَ الإسلام على أبي طالبٍ، كلُّ ذلك بكسرِ الرَّاءِ ثلاثيٌّ، ولا يقالُ: أعرَض إلَّا أَعرَضْتُ الرُّمحَ.
          وأمَّا قوله: «وَلَو بِعُودٍ تَعْرُضُهُ» [خ¦5624] فبضَمِّ الرَّاءِ، [كذا رويناه وكذا] قالَه الأصمعيُّ، ورواه أبو عبيدٍ: بفتحِ التَّاءِ أيضاً لكن مع كسرِ الرَّاءِ، والأوَّلُ أشهرُ، وهو أن يضعَه عليه عرْضاً [كأنَّه جعلَه بعرْضِه ومدِّه هناك إذ لم يجِد ما يخمِّرُه أجمع.
          ومثلُه: «كان يُعرِّضُ رَاحِلَته ويُصلِّي إليها» [خ¦507]؛ أي: يُنيخُها عَرضاً]
في قبلتِه كذا ضبطناه، وكذا قيَّدَه الأصِيليُّ، وقيَّده بعضُهم: «يَعْرُض»، والأوَّلُ أوجَه.
          وقولُه صلعم: «إن جِبريلَ عَرَض لي في الحرَّة» [خ¦6443]، و«إنَّ الشَّيطانَ عَرَضَ لي...في صلاتِي» [خ¦1210]، و«إنَّ تَصَاوِيرَهُ تَعرِضُ لي» [خ¦374] كلُّ ذلك بمعنى الظُّهورِ والبدوِّ.
          ومنه: «وخَشِيتُ أن يَكُونَ عُرِضَ لرسول الله صلعم» [خ¦6268]؛ أي: لقيَه أحدٌ، يقال من هذا كلِّه: عَرَضَ يعرِضُ، وعَرِضُ يعرَضُ، لغتانِ صحيحتانِ، ويقال أيضاً: تعرَّضَ واعترَضَ وأعرَضَ، وأنكرَ بعضُهم عرِضَ بكسرِ الرَّاءِ، إلَّا في عُرِضَت له الغولُ، قال أبو زيدٍ: ويقال فيه أيضاً بالفتحِ.
          وقولُه في الصَّيدِ: «يُعترَضُ به الحاجُّ»؛ أي: يُترصَّدونَ به ويظهَرُ لهم به.
          وقولُه في التُّركِ: «عِرَاضُ الوُجُوه» [خ¦2927] يريدُ سعتَها.
          وقولُه: «كان يَعْرِضُ... عليه القرآنَ» [خ¦1902]، و«يُعَارِضُه القرآنَ» [خ¦3220]؛ أي: يقرؤُه عليه، والعَرْضُ على العالمِ قراءتُك عليه في كتابِك، ومنه: «فَعرضْتُ عليه حَدِيثَها» [خ¦687]، و«أعرَضَ بوجهه» [خ¦315] ولَّاهُ جانبَ وجهِه فلم يلتَفتْ إليه.
          و«أعرَض وأشاحَ» [خ¦6540] كأنَّه كان مقبلاً عليها بوجهِه ناظراً إليها حينَ كان يذكرُها فأعرضَ عنها حذراً منها، وجدَّ في الإعراضِ.
          وقولُه: «أخبرُك عن رسُولِ الله / صلعم وتُعارِض فيه»؛ أي: تخالفُه وتعترضُ فيه بمقالٍ آخرَ.
          و«العَرَضُ» [خ¦6446] ما أصابَ من حوادِث الدَّهرِ، و«عَرَضَه من الجنِّ عارِضٌ»، وكذلك العرض(1).
          وفي شعرِ حسَّانَ:
........                     ... عُرضَتُها اللقاء
          أي: قصدُها ومذهبُها، يقال: [اعترَضتُ عُرضَه؛ أي: نحوتُ نحوَه، وقد يكونُ بمعنى صَولتِها وقوتِّها في اللقاءِ، يقال] : فلانٌ عُرضَةٌ لكذا؛ أي: قويٌّ عليه.
          وقوله:
...... وعرضي                     لِعرْضِ محمَّدٍ منكم وَقاءُ [خ¦4141]
          و«أعْرَاضَكُم عليكم حَرَامٌ» [خ¦67] العِرْضُ كلُّ ما ذُكِر به الرَّجلُ من نقصٍ في أحوالِه ونفسِه وسَلفِه، وقالَ ابن قتيبةَ: إنَّما عِرضُ الرَّجلِ نفسُه فقط لا سَلفُه، وكذلك اختلفَ في شعرِ حسانَ؛ فقال ابنُ قتيبةَ: أرادَ نفسَه، وقال ابنُ الأنباريِّ: أرادَ نفسَه وسَلفَه الذين يُنتقَصُ فيه ويُذمُّ أو يُمدحُ ويُثنى عليه بسببِهم.
          وقولُه في المطْلِ: «يبيحُ عُقُوبتَه وعِرْضَه» [خ¦43/13-3749]؛ أي: ذمَّه وسبَّه.
          و«المعاريضُ مَندُوحَةٌ عن الكَذِبِ» [خ¦78/116-9238] قال الحربيُّ: هو الكلامُ الذي يشبهُ بعضَه بعضاً نُوَرِّي ببعضِه عن بعضٍ إذا لم يدخلُ به على أحدٍ به مكروهٌ، كاللَّفظِ المشتركِ، والمحتمِل المعنيين فصاعِداً، والذي فيه تجَوُّزٌ، يورَّى به عن التَّصريحِ والبيانِ، عندما يَضطرُّ الإنسانُ لدفعِ مكروهٍ عنه، أو حيثُ يلزمُه، أو لأنَّه يتوجَّه إليه.
          وقولُه: «في التَّعريضِ الحدُّ» هو التَّلويحُ بالشَّيءِ من القبيحِ من غيرِ تصريحٍ بلفظٍ، لكن بما يُفهَم مقصدُه من غيرِ اللَّفظِ، وأوجبَ الحدَّ فيه قومٌ، ولم يوجِبه آخرون.
          وقوله في عثمانَ: «فَعَرَّضَ به عُمر»؛ أي: أفهمَه ولم يصرِّح، مثلُ قولِه: «ما بالُ رجالٍ يتأخَّرون».
          وقوله: «استَبرَأ لِدِينِه وعِرضِهِ» [خ¦52]؛ أي: حمى نفسَه من الوقوعِ في المشكلِ الحرامِ، وتأوَّله قومٌ على العِرض الذي هو الذمُّ والقولُ فيه.
          وقولُه: «من عُرِضَ عليه رَيحَانٌ فلا يَرُدَّه»؛ أي: من أُهديَ إليه، والعُراضَةٌ: بضَمِّ العينِ الهديةُ.
          وقولُه: «وعَرِّضْه للفِتَنِ» [خ¦755]؛ أي: انصِبه لها.
          و«يَتَعَرَّضُ للجَوارِي» [خ¦755] يتصدَّى لهنَّ يراودهنَّ.
          وقوله: «إنَّكَ لعريضُ الوِسَادِ»، وفي رواية: «إنَّ وِسَادَك لَعَريضٌ» [خ¦4509]؛ أي: طويلٌ؛ لمَّا تأوَّل في الخيطِ / الأبيضِ والأسودِ ما تأوَّل، قال له: إنَّ نومَك لعريضٌ، يريد من رأسه، فكَنَّى بالوِسَادِ عن النَّومِ، وقيل: أرادَ موضعَ الوِسَادِ منكَ لعريضٌ، يريدُ من رأسِه وقَفَاه.
          وقال الهرويُّ: يريدُ إنَّكَ لسمينٌ ثمَّ كَنَّى عنه، وقالَ الخَطَّابيُّ: هو كنايةٌ عن الجهلِ والغباوةِ، وقيل: أرادَ أنَّ من أكلَ مع الصُّبحِ في صومِه أصبحَ عريضَ القَفَا؛ لأنَّ الصومَ لا يُنهِكُه.
          قال القاضي: وكلُّ هذا لا يُحتاجُ إليه لظهورِ المعنى المقصودِ منه، وهو أنَّ وِسَاداً أو قَفاً يسعُ تحتَه خيطَ الليلِ وخيطَ النَّهارِ لعريضٌ؛ إذ هما اللَّيلُ والنَّهارُ المشتملانِ على جميعِ أقطارِ الأرضِ طولاً وعرضاً، ويدلُّ عليه ما في البخاريِّ: «إنَّك إذاً لَعَريضُ القَفَا إنَّ الخيط الأبيض والأسود تحتَ وسادِك» [خ¦4510](2)، وإلى نحوِ هذا أشارَ القَابِسيُّ.
          وقوله: «أدان مُعْرِضاً»يعنِي: معترضاً كلَّ من يُجيبُه إلى المداينةِ، وقيل: معرِضاً؛ أي: مُمكناً نفسَه ممَّن يَعرِضُ له ويدانِيه، وهذا والأوَّلُ سواءٌ، وقيل: مُعرِضاً مُعترِضاً؛ أي: ممكناً؛ أي: أدان مِن كلِّ مَن يمكنه ويعرِضُ له، يقال عرض ليَ الأمرُ وأعرض إذا أمكنَك، وقد ردَّ هذا بعضُهم، وقال: الحالُ إذاً من غيرِه لا منه، وقيل: مُعرضاً عن النَّصيحةِ في ألَّا يفعلَ ذلك ولا يستدِينَ، قاله ابن شُميل، وقيل: مُعرضاً عن الأداءِ لا يبالي ألَّا يؤدِّي ما عليه.
          قوله: «ثمَّ اعتُرِضَ عَنها»؛ أي: أصابَته علةٌّ فضعَّفت ذَكَرَهُ عن الجماعِ؛ وهو المعترضُ، وقد كان يأتي النِّساءَ قبلُ، والعنِّين هو الذي خلق خِلقةً لا يأتي النَّساءَ.
          وقوله: «وهي بينه وبين القِبلة مُعترضةٌ اعتِرَاضَ الجَنَازَة»؛ أي: كما تُجعَلُ الجنازَةُ عَرْضاً للصَّلاةِ عليها.
          وقولُه: «فَأتَى جَمرَة...الوَادِي فاستَعرَضها»؛ أي: أتاها من جانِبها.
          قولُه: «ما لي أرَاكم عنها مُعرِضين؟!» [خ¦2463]؛ أي: غيرَ آخذين بهذِه السُّنة، أو مُعرضِين عن عِظتي لكم، كما قال في الحديثِ الآخرِ: «فَطَأطَؤوا رُؤوسَهم» .
          وقولُه في أضيافِ أبي بكرٍ: «قد عُرِضُوا فَأبَوا» [خ¦602] بتخفيفِ الرَّاءِ المكسورةِ على ما لم يسَمَّ فاعلُه؛ أي: أطعموا، والعُراضَة الهديَّةُ، يقال: ما عرَّضهم؛ أي: ما أطعمَهم وأهدى إليهم. /
          وفي مقدمةِ مسلمٍ: «أنْ تتخذ الرَّوْحُ _بفتحِ الرَّاءِ_ عَرْضاً» بفتحِ العينِ وسكونِ الرَّاءِ، وهو تصحيفُ عبدِ القدُّوسِ، صحَّفه من الحديثِ الذي «نهى فيه أنْ تُتخذَ الرُّوحُ _بضمِّ الراءِ_ غَرَضاً» بغينٍ معجمةٍ مفتوحةٍ بعدها راءٌ مفتوحةٌ؛ أي: نهى أن يُنصبَ شيءٌ فيه الرُّوحُ للرَّمي؛ وهي المصبورَة والمُجثَّمة التي نَهى عنهما.
          قوله: «فَأَعرَضَ الله عَنهُ» [خ¦66]؛ أي: تركَ رحمتَه له وإنعامَه عليه، وقيل: جازاه على إعراضِه.
          1572- و«العَرْف» [خ¦237] ريحُ الطِّيبِ، وقوله: «أين عرفاؤكم» هم القُوَّامُ بأمورِ القومِ.
          «من أتى عرَّافاً»؛ أي: كاهناً، وهو نوعٌ من الكهانةِ، وليسَ كلُّ كاهنٍ عرَّافاً، والعرَّافُ هو الذي يأخذُ الأمورَ بالظَّنِّ والتَّخمينِ والطَّرقِ، وأشياءَ ليسَت من جهةِ الحقِّ، كأنَّه يدَّعِي معرفةَ الغيبِ، وقيل: العرَّاف الذي يُخبِر بما أُخفيَ ممَّا هو موجودٌ، والكاهنُ الذي يُخبِر بما يكونُ في المستقبلِ.
          و«التَّعريفُ» وقوفُ الحاجِّ بعرفةَ ومبيتُهم بها.
          و«العُرْفُ» [خ¦65-6718]، و«المعروفُ» [خ¦18] هو كلُّ ما عُرِف من طاعةِ الله، والمُنكَرُ ضدُّه، والمعروفُ أيضاً الإحسانُ إلى النَّاسِ، وكلُّ فعلٍ مستحسنٍ معروفٌ.
          و«اعتَرَف بذنبه» [خ¦2661] أقرَّ.
          و«العُرْفُط» [خ¦5268] شجرُ الطَّلْحِ له صمغٌ يقال له: المغَافيرُ كريهُ الرائحةِ.
          وقوله: «هل تَعرفون ربَّكم؟ فيقولون: إذا اعتَرف لَنَا عَرَفناه» اعترفَ الرَّجل إليَّ؛ أعلمنِي باسمِه وأطلعنِي على شأنِه، وللحديثِ معنًى ليسَ هذا موضعُه.
          1573- «أتي بعَرَقِ تمرٍ» [خ¦1936] بفتحِ العينِ والرَّاءِ، وهو الزَّبيلُ، والزَّنبيلُ يسعُ من خمسةَ عشرَ صاعاً إلى عشرينَ صاعاً؛ وهو المِكتلُ، والمِكتلُ كالقُفَّةِ، ويقال: عَرْقٌ أيضاً، والأشهرُ الفتحُ، وهوجمعُ عَرقةٍ؛ وهي الضَّفيرةُ من الخُوصِ يُصنَع منها القِفَفُ وغيرَها.
          وقوله: «تناول عَرْقاً» هذا بإسكانِ الرَّاءِ؛ وهو العظمُ بما عليه من بقيَّةِ اللَّحمِ، يقال عرَّقتُه وتعرَّقتُه واعترَقتُه إذا أكلتَ ما عليه بأسنانِك، وقال أبو عبيدٍ: العَرْق الفِدْرةُ من اللَّحمِ، وقال الخليلُ: والعُراقُ العظمُ بلا لحمٍ، فإن كان عليه لحمٌ فهو عَرْقٌ.
          قال الهرويُّ: العُرَاقُ: جمعُ عرْقٍ نادرٍ، وقال بعضُهم: التَّعرُّق مأخوذٌ من العَرقِ، كأنَّ المتعرِّقَ أكل ما على العظم من لحمٍ وعَرْقٍ وغيرِه.
          وقوله: «إنَّما ذلك عِرْقٌ» [خ¦228] يعنِي: عِرْقاً انفجرَ دماً، وليسَ بدم حيضةٍ.
          قوله: / «أَعِراقيَّةٌ؟!»؛ أي: سنَّةٌ عِراقيَّةٌ، أو فَتوى عِراقيَّةٌ جئتَ بها من العِراقِ؛ لمَّا خالفَ ما عندَهم بالمدينةِ.
          وقوله: «كان يصلِّي إلى العِرْقِ الذي عند مُنصَرَف الرَّوحاءِ» [خ¦486] قال الخليلُ: العِرْقُ الجبلُ الرَّقيقُ من الرَّملِ المستطيلُ مع الأرضِ، وعِرْقُ المعدِنِ طريقُ النَّيلِ منه.
          «وليس لِعِرْقٍ ظالمٍ حَقٌّ» [خ¦41/15-3650]؛ أي: لعِرْقٍ ذي ظُلمٍ فيه، هذا على النَّعتِ، ومَن أضافَه إلى الظَّالمٍ فهو بيِّنٌ، وهو كلُّ ما أُحييَ في مواتِ غيرِه، أو ما اشتُريَ ممَّا أحياه غيرُه فيما ليسَ له إحياؤُه، وأحسنُ من هذا أنَّه: (كلُّ ما احتُفرَ أو غُرسَ بغير حقٍّ) كما قال مالكٌ.
          و«العَرَاقِيب» [خ¦60/40-5253] العَصَب التي في مؤخَّرِ الرِّجلين فوقَ العَقِبِ.
          1574- وقوله: «مُعْرِسِينَ تحتَ الأرَائِك» بإسكانِ العينِ، وقوله: «مُعَرِّساً ببعضِ أزواجِكَ» [خ¦5666]، وقوله: «أعْرَستُم اللَّيلةَ» [خ¦5470] كلُّه كنايةٌ عن الجماعِ، ومنه: «العَروسُ» [خ¦371]، وأعْرسَ بأهله دخلَ بها، و«بَشَاشَةُ العَروسِ(3)»، هي الزَّوجةُ عندَ أوَّلِ الابتناءِ بها، والعِرْسُ الزَّوجةُ، ولا يقالُ في هذا عرَّس؛ لكن في النُّزولِ آخرَ اللَّيلِ ليناموا، وفي القائلةِ كما قالت: «مُعَرِّسين في نَحرِ الظَّهيرة» [خ¦2661]، وهذا الحديثُ حجَّةٌ لمن جعلَ التَّعرِيسَ النُّزولَ في أيِّ وقتٍ كان، وهو قول الخليلِ، وغيرُه يقصره على آخرِ اللَّيلِ.
          وقوله: «دعا النَّبيُّ صلعم لعُرسِه» [خ¦5183] يعني: لوليمتِه، والعُرسُ طعامُ الوليمةِ، قاله أبو عبيدٍ، وقال الأزهريُّ: هو اسمٌ مِن أعْرَسَ بأهلِه.
          وقوله في الوليمةِ: «فإذا عبيدُ الله ينزِّلُه على العُرْسِ»؛ أي: يُتأوَّلُ الوليمةَ على اختصاصِها بطعام العُرْسِ.
          1575- وقوله: «وكان المسجدُ على عَرِيشٍ» [خ¦2027] يعني: مُظلَّلاً بجريدٍ أونحوِه ممَّا يُستظلُّ به، يريدُ أنَّه لم يكن له سقفٌ يُكِنُّ من المطرِ(4).
          وقوله: «فانطلَق إلى العَرِيش» [خ¦5613]، و«أينَ عريشُكَ يا جابرُ؟» [خ¦5443] هو كالبيتِ يُصنَعُ من سَعَفِ النَّخلِ، ينزلُ فيه النَّاسُ أيَّامَ الثِّمارِ حينَ تُصرَم، حتَّى سمِّي بذلك أهلُ البيتِ عريشاً، والعُرُش أيضاً: الخيامُ والبُيوتُ، ومنه: عُرُشُ مكَّة وعُرُوشُها، وعرْشُ البيتِ سقفُه، وكذلك عريشُه أيضاً.
          وقوله: «فإذا أنا بالمَلَكِ على عَرشٍ بين السَّماء والأرض» [خ¦4924]؛ أي: «على كُرسيٍّ» [خ¦4] كما جاء في روايةٍ أخرى، / والعرشُ أيضاً سريرُ الملك، ومنه: {وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ}[النمل:23]، و«عَرشُ الرَّحمنِ» [خ¦2790] من أعظم مخلوقاتِه وأعلاها مكاناً.
          و«اهتزَّ العرشُ لموتِ سعدٍ» [خ¦3803]؛ أي: ملائكةُ العرشِ، أو حَمَلةُ العرش سروراً بقدوم روحِه وبِرَّاً به وبتلقِّيهِ، كما يقالُ: اهتزَّ فلانٌ للقاء فلانٍ إذا استبشرَ به وسُرَّ، وقد يكونُ اهتزازُ العرشِ علامةً نَصَبَها الله لموتِ وليٍّ من أوليائِه، ينبِّه به ملائكتَه ويشعرُهم بفضلِه، وقال الحربيُّ: العربُ إذا عظَّمتْ أمراً نسبَتْهُ إلى أعظم الأشياءِ، فيقولون: قامَت لموتِ فلانٍ القيامةُ، وأظلمت له الأرضُ، وقد قيل: إنَّ المرادَ بالعرشِ هاهنا: سريرُ الميِّتِ.
          وقد جاء في حديثِ البراءِ: «اهتزَّ السَّريرُ لموتِ سَعد» [خ¦3803] وتأوَّلَه الهرويُّ على فرح حَمَلَتِه، أو فرحِ السَّريرِ بحملِه عليه، وهذا بعيدٌ في مقصودِ الحديثِ، لاسيَّما وقد روى جابرٌ في غير(5) «الصَّحيحينِ»: «اهتزَّ عرش الرَّحمن» [خ¦3803] وأنكرَ روايةَ السَّريرِ.
          وقد رويَ في حديثٍ آخرَ: «استبشَرَ لموتِه أهلُ السَّماءِ» مفسَّراً.
          1576- وقوله: «ولحقُوقِه التي تَعرُوهُ» [خ¦3093]؛ أي: تغشَّاه وتَعرِضُ له، يقال: عَراه يعرُوه إذا قصدَه طالباً لحاجةٍ.
          قوله: «كُنتُ أرى الرُّؤيا أُعرَى منها»؛ أي: أُحمُّ، والعُرَواء نفضُ الحمَّى، و«تعتريهم» [خ¦992] تقصدُهم لطلبِ معروفِهم.
          و«في أعلَاهُ عُروَة» [خ¦3813]؛ أي: شيءٌ يُتمسَّكُ به ويُتوَثقُّ، وأصلُه من عروةِ الكلاءِ(6)، وهو ما له أصلٌ ثابتٌ في الأرضِ، وقيل من أُذُنِ الدَّلوِ.
          1577- «نهى أنْ تُعْرى المدينةُ» [خ¦1887] وروَى المُسْتَملي في «كتابِ الصَّلاةِ»: «تُعَرَّى»، والأوَّلُ الصوابُ، ومعناه: تُخلَى فتُتركُ عَرَاءً، والعَرَاءُ الفضاءُ من الأرضِ الخالي الذي لا يسترُه شيءٌ.
          و«العَرِيَّة» [خ¦2191] هي النَّخلةُ أو النَّخلاتُ يمنحُ صاحبَها ثمرَها عامَه لرجلٍ آخرَ، فرُخِّصَ له في شرائِها منه بخَرْصِها تمراً إلى الجَدَادِ، فكأنَّها هنا: عريَّةٌ من مالِه مُخرجَةٌ منه، أو من تَحريم المزابنةِ وبيعُ التَّمرِ بالتَّمرِ غيرَ يدٍ بيدٍ للضَّرورةِ فعيلةٌ بمعنى مفعولةٍ.
          أو تكونُ فعيلةٌ بمعنى فاعلةٍ، لخروجِها من مالِه أوَّلاً، أو لخروجِها من التَّحريمِ ثانياً، وقيل: / لأنَّ ثمرتَها عَرِيتْ [من أصلِها فاعلةٌ أيضاً ومفعولةٌ، وقيلَ: سمِّيت بذلك؛ لأنَّها أُعرِيتْ] من السَّوم عندَ البيعِ.
          وقيل: العريَّةُ النَّخلةُ تكونُ لرجلٍ في حائطِ رجلٍ آخرَ، يتأذَّى بدخولِه إليها، فرُخِّصَ لصاحبِ الحائطِ في شرائِها منه دفعاً للأذى؛ وهي عَريَّةٌ لانفرادِها، يقال: أَعْريتُ هذه النَّخلةَ إذا أفردْتَها بالبيعِ أو بالهِبَةِ.
          وقيل: هي اسمٌ للنَّخلةِ إذا أرطبَتْ؛ لأنَّ النَّاسَ يعرونَها؛ أي: يأتُونها للإصابةِ منها والإلتقاطِ تحتَها، وقال الشافعيُّ: هو شراءُ الأجنبيِّ لها بفضلِ تَمرِه نقداً، لحاجتِه إلى أكلِ بُسْرِها ورُطَبِها، وطلبِه ذلك من ربِّها، فهي على هذا تكونُ صفةً للفعلِ أو للنَّخلةِ فاعلةٌ أيضاً بالمعنى الأوَّلِ، أو مفعولةٌ بمعنى مطلوبة، من عَراه يعرُوه إذا طلبَ له وسألَ.
          وقوله: «بفرسٍ عُريٍّ» [خ¦2866]، وفي روايةٍ: «مُعرُوْرَى»؛ أي: ليسَ عليه سرْجٌ ولا أداةٌ، ولا يقال مثلُ هذا في الآدميِّ، وإنَّما يقال: عُريان، ولا يتعدَّى افعَوعَل، إلَّا في اعرَورَيتُ الفرسَ، واحلَولَيتُ الشَّيءَ.
          وفي حديثِ النَّاقةِ: «أَعْرُوها»؛ أي: خذُوا ما عليها، و«أنا النَّذِيرُ العَرْيَانُ» [خ¦6482] مَثَلٌ يُضرَب مبالغةً في صدقِ النِّذارةِ؛ لأنَّه إذا كان عُريَاناً كان أبينَ، وقيل: بل كانوا يجرِّدونَ ثيابَهم ويُلوِّحُ به ليُجتمعَ إليه، وقيل: هو رجلٌ من خَثعَمٍ معلومٌ سُلِبَ ثيابَه، فجاءَ قومَه عُرياناً منذرِاً لهم بالخيلِ التي أعرَتْه، وقيل: بل قالته امرأةٌ تعرَّتْ وجاءَت منذرةً قومَها.
          و«عُرْيَةُ الرَّجُلِ» متجرَّدُه؛ كنايةٌ عن العورةِ، و«نساءٌ... عَارِياتٌ» تقدَّم تفسيرُه في الكافِ.


[1] في (ن): (المرض).
[2] لفظه في البخاري: (إِنكَ لَعَرِيضُ الْقفَا إِن أَبصَرتَ الخَيطَينِ).
[3] عبارة في «المشارق»: («بَشَاشَةُ العُرسِ»، و«العَروس» الزَّوجةُ لأوَّلِ الابتناءِ بها)، كذا وقع في الأصول، وفي البخاري ░5148▒ ومسلم ░1427▒: «العرس».
[4] في (س): (البرد).
[5] كذا في الأصول، والحديث في «الصحيحين».
[6] في (ن): (الكُلَّاب).