مطالع الأنوار على صحاح الآثار

العين مع القاف

          العين مع القاف
          1638- «مُعَقِّبَاتٌ لا يخيبُ قائِلُهنَّ» قال الهرويُّ وغيرُه: هي التَّسبيحاتُ دُبُرَ كلِّ صلاةٍ كذا وكذا مرَّةً، سمِّيَت بذلك لإعادتِهنَّ مرَّةً بعدَ أخرَى، يريدُ وما / ذكرَ بعدَها من الذِّكرِ، ومنه قوله تعالى: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ} [الرعد:11]؛ أي: ملائكةٌ يعقُبُ بعضُهم بعضاً.
          وقوله: «مَن شَاء أن يُعقِّبَ مَعَك فَليُعقِّب» [خ¦4349] التَّعقيبُ: الغَزوَةُ بإثرِ الأخرَى في سنةٍ واحدةٍ.
          ومنه قوله: «يَتَعاقَبُون فيكم ملائكةٌ» [خ¦555]؛ أي: يتداولُون، يجيءُ بعضُهم إثرَ بعضٍ، وهذا ممَّا جاءَ الضَّميرُ مقدَّماً على اسمِ الجمعِ على بعضِ لغاتِ العربِ؛ وهي لغةُ بني الحارثِ؛ وهي لغةُ أكلونِي البراغيثُ.
          وقوله صلعم: «وأنا العَاقِبُ» [خ¦3532] جاءَ مفسَّراً في الحديثِ: «الذي ليسَ بعدَه نبيٌّ» يعنِي: أنَّه جاءَ آخرَهم، قالَ ابنُ الأعرابيِّ: العاقبُ هو الذي يخلُفُ من قبلَهُ في الخيرِ.
          قوله صلعم: «ولا تَرُدَّهُم على أعقَابِهم» [خ¦1295]؛ أي: على حالتِهم الأولَى من تركِ الهجرَةِ.
          قوله: «مُرتَدِّين على أعقَاِبِهم» [خ¦3349]؛ أي: راجعينَ إلى حالَتِهم الأولَى من الكُفرِ؛ كأنَّه رجعَ إلى خلفِه، قوله: «فإنَّها لَه ولِعَقِبِهِ» عَقِبُ الرَّجلِ ولَدُه الذي يأتِي بعدَه.
          وقوله: «في عُقْبِ حَدِيثِه» بضمِّ العينِ وسُكونِ القافِ؛ أي: بإثرِ حديثِه، وعَقِبُ الشَّهرِ آخرُه، يقال: جاءَ في عَقِبه وعلى عَقِبه؛ إذا جاءَ في آخرِه ولم يتمَّ بعدُ، فإن جاءَ بعدَ تمامِه قيل: جاءَ عُقْبَه، وفي عُقبِه، وعلى عُقبِه، كلُّها بضمِّ العينِ وسكونِ القافِ، وقال يعقوبُ في هذا: عَقْبٌ وعُقْبانٌ، وقوله: «نَهى عن عَقِبِ الشَّيطانِ في الصَّلاةِ» قال أبو عبيدٍ: هو وضعُ أليتَيه على عَقِبيه بينَ السَّجدتينِ؛ وهو الذي يسمِّيه بعضُهم الإقعاءُ، ومنه: «رَجع على عَقِبَيهِ» [خ¦680] في الصَّلاةِ، وعندَ الطَّبريِّ: «عُقُب الشَّيطانِ».
          وفي الرِّوايةِ الأخرَى: «عُقبَة الشَّيطانِ» بالضَّمِّ بمعنَاها، وأهلُ الُّلغةِ إنَّما يقولون: عَقِب.
          قوله: «ويلٌ للأعقَابِ من النَّار» [خ¦60] مآخرُ الأقدامِ، قال الأصمعيُّ: العَقِبُ: ما أصابَ الأرضَ من مؤخَّرِ الرِّجْلِ: إلى مَوضِعِ الشِّراكِ، وقال ثابتٌ: العَقِبُ ما فَضَل من مؤخَّرِ القَدَمِ على السَّاقِ، ومعنَى الحديثِ: ويلٌ لأصحابِ الأعقابِ إذا لم يهتَبِلوا بغسلِها / في الوضوءِ، ويَحتمِل أن يخُصَّ العَقِبَ نفسَها بألمٍ من العذابِ يتعذَّبُ به صاحبُه، ويقال: عَقِبٌ وعَقْبٌ، بكسرِ القافِ وسكونِها.
          وقوله: «أرجُو عُقبى الله»؛ أي: ثوابَه في الآخرَةِ، والعُقبَى ما يَعقُبُ بعدَ الشَّيءِ وعلى أثرِه، والعُقبَى: ما يكونُ كالعِوضِ من الشَّيءِ والبَدَلِ منه، ومنه العِقَابُ على الذَّنبِ؛ لأنَّه بدلٌ من فعلِه ومكافأةٌ عليه، ومنه: «فَأعقَبَنِي اللهُ عُقبى حَسَنة»، وقوله: «ثمَّ تكونُ لهم العَاقبة» [خ¦2804]، عاقبةُ الشَّيءِ وعاقبُه آخرُه.
          وقوله في الهجرَةِ: «فَخَرَج مَعهُما يُعْقِبَانِه» [خ¦4093] بإسكانِ العينِ، و«كانَ النَّاضِحُ يعتَقِبُه منَّا الخمسةُ» يتداولونَ رُكوبَه عُقْبةً عُقْبةً، وعندَ الفارسيِّ: «يَعقُبُه»، وهو صحيحٌ في هذا وغيرِه، وكلُّ اثنينِ يجيءُ أحدُهما ويذهبُ الآخرُ فهما يَعتَقِبان ويتَعَاقبان، وقد عقَّبَ كلُّ واحدٍ منهما الآخرَ يَعقُبُه، والعُقبَةُ قدرُ فَرسَخَين.
          وقوله: «ثمَّ عقَّبَ بعدَ ذلكَ بكتابٍ»، ويروى: «أعقَبَ» معناهُ: أتْبَعَ كتابَه الأوَّل.
          وقوله: «وأعقبها خَلْفَه» (1)؛ أي: أردَفَها.
          1639- قوله: «فَعَقِرتُ حتَّى ما تُقِلُّني رجلايَ» [خ¦4454] قال يعقوبُ وغيرُه: عُقِرَ الرَّجلُ فهو عَقِرٌ، إذا فجَأَه أمرٌ فلم يقدِر على أن يتقدَّمَ أو يتأخَّرَ، وقال الخليلُ: عَقِرَ الرَّجلُ إذا دَهِشَ، وضَبطَه القابسيُّ عَقُرَ؛ بضمِّ القافِ، وهو وهمٌ.
          وفي خبرِ أمِّ زرعٍ: «وعَقْرُ جارَتِها» بفتحِ العينِ وسكونِ القافِ ضبطَه القاضِي هاهنا وقد تقدَّم.
          وقوله: «يرفَعُ عَقِيرَته» [خ¦1889]؛ أي: صَوتَه، ولها أصلٌ مشهورٌ.
          و«عُقرُ دارِهم»(2) بضمِّ العينِ وفتحِها أصلُها، وقال ثابتٌ: معظمُها وبيضتُها، وقال يعقوبُ: العُقْرُ البناءُ المرتفعُ، وقال أبو زيدٍ: عُقْرُ دارِ القومِ وطنُهم.
          و«وعُقرُ الحَوضِ» أصلُه، وقيل: موضعُ وقوفِ الشَّاربَةِ على الحوضِ، وقيل: مُؤخَّرُه.
          وأما «العَقَار» [خ¦2630] فالأصلُ من المالِ، وقيل: المنزلُ والضِّيَاعُ، وأيضاً متاعُ البيتِ.
          وقوله: «ولئن أدبرتَ لَيَعقِرنَّكَ الله» [خ¦3620]؛ أي: ليُهلكنَّك الله وليقتلنَّك.
          ومنه: «الكَلبُ العَقُور» [خ¦1829]؛ أي: الذي يقتُلُ الصَّيدَ، ويكونُ بمعنَى الجارحِ / أيضاً، والعَقْرُ الجَرحُ، قوله: «والكَلبُ العَقُور كلُّ سَبُعٍ وجَارِح يعقِرُ ويفتَرِسُ».
          وقوله: «فلم أزل أعقِرُ بهم»؛ أي: أقتُلُ دوابَّهم، يقال: عَقَرَ فلانٌ بفلانٍ إذا قَتَل دابَّتَه تحتَه، قوله في النَّبلِ: «فليأخُذ بنصَالها، لا يَعقِر... مُسلِماً» [خ¦452]؛ أي: يَجرحُ.
          1640- وقوله: «العَسلُ يُطبخُ حتَّى يَعقِد» بفتحِ الياءِ، يقال: أعقَدتُ العسَلَ إذا شَدَدْتَ طبخَه فعَقَد فهو مُعَقَّدٌ، وعَقَدْتُ الحبلَ فهو معقودٌ.
          «يَعقِدُ الشَّيطانُ على قافيةِ رأسِ أحدكُم ثلاثَ عُقَد» [خ¦1142] هو مَثَلٌ واستعارةٌ من عقدِ بني آدمَ، وليسَ المرادُ بذلك العُقَدُ نفسُها، ولكن لمَّا كان بنو آدمَ يمنعونَ بعقدِهم ذلكَ تصرُّفَ من يحاوِل فيما عَقَدُوه، كان هذا مِثْلُه من الشَّيطانِ للنَّائمِ الذي لا يقومُ من نومِه إلى ما يجِبُ من ذكرِ الله والصَّلاةِ، والله أعلمُ، وقيل: بل هوَ على ظاهرِه، وإنَّ الشَّيطانَ يفعلُ من ذلك نحو ما تفعلُه السَّواحرُ من عَقدِها ونفثِها.
          وقوله: «لآمرَنَّ براحلتِي تُرحَل ثمَّ لا أحلُّ لها عُقدة حتَّى أقدَمَ المدينةَ»؛ أي: لا أنزلُ عنها فأعقِلُها فأحتاجُ إلى حلِّها، وقد يكونُ المرادُ بالعَقْدِ هاهنا العزيمةَ؛ أي: لا أحلُّ عَزمِي حتَّى أبلغَ المدينةَ.
          قوله: «الخيلُ مَعْقود في نَوَاصِيها الخَيْرُ» [خ¦2850]؛ أي: ملازمٌ لها حتَّى كأنَّه شيءٌ عُقِد فيها، ولم يُرِد النَّواصِي خاصَّةً.
          1641- وقوله: «فأخرجَتهُ من عِقَاصِها» [خ¦3007]، و«الخيلُ معقوصٌ في نواصِيها»، و«من عَقَصَ...أو لبَّدَ» العَقْصُ: لَيُّ خُصَلَاتِ الشَّعرِ بعضه على بعضٍ وضفرِه ثمَّ يُرسَل، وكلُّ خُصْلَةٍ عَقيصَةٌ، وزادَ بعضُهم: وتكونُ رِقاقاً من كلِّ جانبٍ أمثالَ الأصابعِ، وقيل: العَقْصُ: لَيُّ الشَّعرِ على الرَّأسِ، وتُدخَلُ أطرافُه في أصُولِه.
          قوله: «إن انفرقَت عَقِيصَتُه فَرَقَ» بالصَّادِ، ومنه: «لَيسَ فيها عَقصَاءُ» العَقْصَاءُ الملتَويةُ القَرنينِ، وقوله: «وأجازَ الخُلعَ دونَ عِقاصِ رأسِها». [خ¦68/12-7839]
          1642- وقوله: «كصاحبِ الإبلِ المعقَّلَة» [خ¦5031]؛ أي: المشدودةِ بالعقلِ، وهو الحبلُ الذي تشدُّ بها ركبةُ البعيرِ. قوله: «كأنَّما أُنشِطَ مِن عِقَالٍ» [خ¦2276]؛ أي: حُلَّ منه.
          وقوله: «اعتَقَل شَاةً» [خ¦2439]؛ أي: احتبسَها برجلِها بين ساقِه وفَخِذِه للحلبِ، كأنَّها في عِقَالٍ.
          وقوله: «لَوْ مَنَعُوني عِقَالاً لأجاهِدنَّهم» [خ¦7285] يعني: في الصَّدقةِ، قيل: هو الحبلُ الذي / تُشدُّ به وتُعقَل وتُدفَع معها في الصَّدقةِ، وقاله اللَّيثُ، وقيل: العِقالُ ما يؤخذُ في صدقةِ عامٍ، وقاله مالكٌ، وقيل: العقالُ إذا أخذَ المُصَدِّقُ الصَّدقَة من عينِ الشَّيء المزكَّى دون عوضِه، فإذا أخذَ الثَّمنَ قيل: أخذ نقداً، وقيل: العِقال ما وجبَت فيه بنتُ مخاضٍ، وقيل: العِقال كلُّ ما أُخِذَ من الأصنافِ من الأنعامِ والثِّمارِ والحَبِّ.
          وقوله: «على العَاقِلَة الدِّيَة» يعنِي: القَرَاباتِ من قبلِ الأبِ، وهم عَصَبتُه وقومُه.
          وقوله: «المرأة تُعاقِلُ الرَّجُلَ»؛ أي: توازِنُه وتماثِلُه في العَقلِ فيما جُنِيَ عليها ممَّا هو دونَ ثلثِ الدِّيةِ، أعني دِيَتَه.
          و«العَقلُ» [خ¦111] الدِّيةُ وأروشُ الجناياتِ، وبه سمِّيت العاقلةُ؛ لإلزامِهم إيَّاه عن وليِّهم، فهم كانُوا يعقِلُون إبلَ الدِّيةِ على «بابِ أولياءِ المقتولِ»، وجمعُ العقلِ: عقولٌ، ويسمَّى أيضاً مُعقَلَةٌ ومَعقلَةٌ بفتحِ الميمِ وضمِّها.
          1643- «العَقِيمٌ» [خ¦65-7127] «الذي لا يولدُ له»، عَقُمَتِ المرأةُ وأُعقِمت وعَقِمَت وعُقِمَت، وأفصحها: عُقِمَت على ما لم يسمَّ فاعلُه.
          1644- «العَقِيقَة» [خ¦5471] الذَّبيحةُ تذبحُ عن المولودِ يومَ سابِعِه، وهي سُنَّة، واستقبحَ رسُولُ الله صلعم اسمَها، فسمَّاها: نُسُكاً، على كراهيةِ قبحِ الأسماءِ المستقبحةِ واستحسَانِه غيرَها لمَّا شابَه اسمُها اسمَ العقوقِ،وأصلُ العَقِّ: الشَّقُّ، وسُمِّيَّ العقوقُ للآباءِ؛ لأنَّه شقَّ رحمَهم وقطعَها.
          وقوله: «معَ الغلامِ عَقِيَقتُه» [خ¦5471] يعني: الشَّعرَ الذي يولدُ به، وبه سمِّي الذَّبحُ عنه؛ لأنَّه يُحلَق عنه حينئذٍ، وهو معنَى قوله: «فأميطُوا عنه الأذى» [خ¦5472]؛ أي: أزيلُوا عنه أذَى الشَّعرِ.


[1] في نسختنا من البخاري ░1518▒: «فأحقبها على ناقة».
[2] سبق ضبطها بضم العين.