مطالع الأنوار على صحاح الآثار

العين مع اللام

          العينُ مع اللَّام
          1598- قوله: «إنَّما كانت حِلْيَةُ سُيُوفِهم العَلَابيَّ» [خ¦2909] بعينٍ مهملةٍ ولامٍ مخفَّفةٍ، والباءُ مخفَّفةٌ، وهي العَصَبُ تُؤخَذُ رَطْبةً فتُشَدُّ بها أجفانُ السُّيوفِ، تُلوى عليها فتجِفُّ، وكذا تُلوَى رَطْبةً على ما يُصدَعُ من الرِّماحِ، واسمُ العَصَبةِ العِلْبَاءُ.
          و«العُلْبةُ» [خ¦4449] القَدَحُ الضَّخمُ من جلودِ الإبلِ تُحلَبُ فيه، وقيل: أسفلُه جلْدٌ وأعْلاه خشبٌ مدوَّرٌ مثلُ إطارِ الغِرْبالِ، وقيل: هو مِن خشبٍ كلُّه، وقيل: هو عَسٌّ يُحلَبُ فيه، وقيلَ: جَفْنةٌ يُحلَبُ فيها.
          1599- قوله: «عَالَجتُ امرَأَةً... فأصبْتُ منها مَا دونَ أنْ أمَسَّها»؛ أي: تناوَلتُ منها ذلك؛ المعالجةُ: الملاطَفةُ والمراوَدةُ بالقولِ والفعلِ، ومعالجةُ المريضِ: ملاطفتُه بالدَّواء حتَّى يُقبِلَ عليه.
          وقوله: «مِن كَسْبِهِ وعلاجِهِ»؛ أي: من محاولتِهِ وملاطفتِهِ في اكتسابِهِ.
          وقوله: «وَلِيَ حَرَّهُ وعِلَاجَهُ» [خ¦5460]؛ أي: عمَلَه وتعَبَه، ومنه: «كان يُعالِجُ من التَّنزِيلِ شِدَّةً». [خ¦5]
          1600- قوله: «رجل لِعَلَّةٍ»، و«الأنبياءُ أولادُ عَلَّاتٍ» [خ¦3442] العَلَّةُ الضَّرَّةُ، وأولادُ العَلَّاتِ أولادُ الضَّرَّاتِ من رجلٍ واحدٍ، يريدُ أنَّ الأنبياءَ بُعثِوا متَّفقينَ في أصولِ التَّوحيدِ، متباينين في فروعِ الشَّرعِ، وذلك أنَّه قد يُعبَّر بـــ«الأبِ» عن الأصلِ.
          وقيل: بل أرادَ أنَّ الأنبياءَ في أزمانٍ شتَّى متباينةٍ بعضُهم عن بعضٍ، وقد فسَّرَ ذلك بقولِه: «أمَّهاتُهم شتَّى ودينُهم واحدٌ» [خ¦3442]، وقال: «إنَّه أولَى النَّاسِ بعيسَى ليسَ بينَه وبينَه نبيٌّ» [خ¦3442]، فأشارَ إلى أنَّ قُربَ زمنِه كأنَّه جمعَه وإيَّاه حتَّى صار كالبطنِ الواحدِ؛ إذ لم يكن بينَهما نبيٌّ، وافتراقُ أزمانِ الآخرِين كالبُطونِ الشَّتَّى، والدِّين واحدٌ كالأبِ الواحدِ.
          قوله: «فلما تَعَلَّتْ من نِفَاسِها» [خ¦3991]؛ أي: انقطعَ دمُها وطَهُرتْ، وأصلُه / عندَهم الواوُ، وكذا ذكرَه صاحبُ «العين» في الواوِ، كأنَّه من العُلوِّ؛ أي: تتعلَّى عن حالتِها من المرضِ، وقد يكونُ من العَلَلِ؛ الذي هو العَودةُ إلى الشُّربِ، كأنَّها عادَت إلى صحَّتِها، أو من العِلَّةِ؛ أي: انسلبَتْ من عِلَّتِها كَتَحَوُّبٍ وتأثُّمٍ إذا انسلبَت عن ذلك وطرحَتْه عن نفسِها.
          1601- «والأيَّامُ المعلوماتُ» [خ¦13/11-1532] عندَ ابنِ عباسٍ وكثيرٍ من المفسِّرين عشرُ ذي الحِجَّةِ، وقيل: هي أيَّامُ النَّحرِ؛ وهو قولُ مالكٍ، سُمِّيت بذلك لاستواءِ عِلْمِ النَّاسِ بها.
          «نهيُه صلعم أنْ تُعْلَمَ الصُّورَةُ» [خ¦5541]؛ أي: توسَمَ في الوجْهِ، لكنْ في سائرِ الجسدِ.
          قوله: «ليسَ فيها معَلَمٌ لأحدٍ» [خ¦6521]؛ أي: علامةٌ ولا أثرٌ؛ لأنَّها أرضٌ أخرَى.
          قوله: «وسَافرَ النَّبيُّ صلعم وأصحَابه في أرضِ العدوِّ، وهم يَعلَمُونَ القرآنَ» [خ¦129]؛ أي: يحفظونَه، وكذا ضبطَه الأصيليُّ وغيرُه، وعند بعضِهم: «يُعلِّمون» من التَّعليمِ، والأوَّلُ أوجَه.
          قوله: «تَعَلَّمين» [خ¦4913]، و«تعَلَّمي»، و«تعَلَّمْ سُورَة كذا» بفتحِ العينِ، وقد رواه بعضُهم: «تَعْلَم سُورة» وكذا لعبيدِ الله، ولغيرِه: «تُعْلَم» كذا رواه ابنُ وضَّاحٍ من طريقِ ابن عتَّابٍ، ومعنى تعلَّم: تتعلَّم، فحذفَ إحدَى التَّاءَين.
          وقوله صلعم: «تعلَّمُوا أنَّ ربَّكُم ليسَ بأعورٍ»، و«تعلَّمُوا أنَّه ليسَ يرَى أحدٌ منكُم ربَّه حتَّى يمُوتَ» كلُّ هذا بمعنَى اعلمُوا، تقولُ: تعلَّمْ مني؛ أي: اعلَمْ، وعَلِمتُ وأُعلِمتُ بمعنًى واحدٍ، ومنه {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ} [البقرة:102]؛ أي: يعلِّمانِه ما السِّحرُ ويأمُرَانِه باجتنابِه.
          وقوله: «ما نَقَص عِلْمِي وعِلْمُك من عِلْم الله» [خ¦122]؛ أي: من معلومِ الله، والمصدرُ يجيءُ بمعنَى المفعولِ، كدِرهمٍ ضربُ الأميرِ.
          وقوله: «وبَذلُ السَّلامِ للعَالَمِ» [خ¦2/20-49]؛ أي: لجميعِ النَّاسِ، والعالَمُ كُلُّ مُحدَثٍ، وقيل: العاقِلُون فقَط.
          «والسَّلام ما قد عَلمتُم»، ويروى: «ما قد عُلِّمتُم» يعنِي: في التَّحياتِ في قولِه: «السَّلامُ عليك أيُّها النَّبيُّ ورَحمَةُ الله وبركاتُه...» إلى آخرِه [خ¦831]، وقيل: في قولِه: {وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}[الأحزاب:56].
          وقوله: «فإنَّه أعلمُ لأحدِكُم أن يقولَ لما لا يَعلَمُ: لا أعلَمُ»؛ أي: إنَّه أحسنُ لعلْمِه وأتمُّ له.
          و«أعلامُ الحرمِ» علاماتُه.
          وقوله: «لَيَنْزِلَنَّ إلى جَنْبِ عَلَمٍ» [خ¦5590] يعني: جَبَلاً.
          1602- وقوله في حديثِ الهجرةِ: «لا يَستَعْلِنُ به» [خ¦3905]؛ أي: لا يقرَؤُه علانيةً وجهراً، / و«لسنا بمُقِرِّين له الاستِعلَان» [خ¦2297]؛ أي: الجهرَ بدينِه وقراءتِه في صلاتِه، يعنونَ أبا بكرٍ.
          1603- و«العُلْقَة من الطَّعامِ» [خ¦2661] اليسيرُ منه الذي فيه بُلْغَةٌ، والعَلُوقَةُ والعِلَاقُ والعُلُوقُ الأكلُ والرَّعيُ.
          و«عَلِقَتْ به الأعرابُ» [خ¦3148]؛ أي: لَزِمُوه، أو جَبَذُوا ثوبَه، والعَلَقُ: الجَبْذَةُ في الثَّوبِ.
          وقوله: «هل عَلِقَ بها شيءٌ مِنَ الدَّم» [خ¦6931]؛ أي: لصِقَ ولَزِمَ، والعَلَقُ الدَّمُ، ومنه: تحوُّل النُّطفَةِ عَلَقةً؛ أي: قِطعةَ دمٍ، وقيل: هو الأسودُ منه.
          وقولها: «وإنْ أسكُتْ أُعلَّق» [خ¦5189]؛ أي: يتركها كالمعلَّقةِ؛ لا أيِّماً ولا ذاتَ زوجٍ.
          وقوله: «طيرٌ يَعْلقُ في ثِمار الجنَّة» بضمِّ اللَّامِ؛ أي: تتناولُ، وقيل: تشمُّ، وبالفتحِ أيضاً، ومعناه: يتعلَّقُ ويلزَمُ ثمارَها، ويقعُ عليها ويأوِي إليها، وقيلَ: هما سواءٌ، وقد رُويَ: «تَسرَحُ» وهذا يشهدُ لضمِّ اللَّامِ، ومن رواه بالتَّاءِ؛ عنى النَّسمةَ، ويَحتمِل أنْ يرجِعَ على «الطَّيرِ» على أنْ تكونَ جَمعاً، ويكونَ ذكَّر النَّسَمةَ؛ لأنَّه أرادَ الجنسَ لا الواحدَ، وقد يكونُ التَّذكيرُ والتَّأنيثُ جميعاً للروح؛ لأنَّ الرُّوحَ يُذكَّر ويؤنَّثُ.
          وقوله: «وأعلَقَ الأَغَالِيق»؛ أي: علَّق المفاتِيحَ، كذا للأصِيليِّ، ولغيره: «علَّقَ» [خ¦4039] وعلَّقَ وأعلَقَ سواءٌ.
          وقولُه: «أنَّى عَلِقَها»؛ أي: من أين أخذَها وامتسَك بها.
          وقوله: «ولا يُحمَل المُصحَفُ بعِلاقتِهِ»؛ أي: بما يُعلَّق به إذا حُمِلَ أو عُلِّق.
          وقوله: «عَلِقْتُ بعلْمِ القرآنِ»؛ أي: «كَلِفْتُ به» كما قَد جاءَ؛ أحببتُه حبَّاً شديداً.
          و«قَلبُه مُعَلَّقٌ بالمسجدِ» [خ¦660]؛ أي: قد رُبِط به حبَّاً من العَلاقَةِ.
          وقوله: «ولم يَعْلَقِ الآخرُ من النَّفقةِ بشيءٍ»؛ أي: لم يلزَمه.
          وقوله: «هؤلاءِ الذينَ...يَسرِقُونَ أَعلَاقَنَا» [خ¦4658]؛ أي: ما يُعلَّقُ من الدَّوابِّ والأحمالِ من أسبابِ المُسافِرين، وهو أظهرُ في هذا الحديثِ، أو يكونُ جمعُ عِلْقٍ؛ وهو خيارُ المالِ، وبه فسَّره بعضُهم.
          1604- وقوله: «فإنْ عَلَا ماءُ الرَّجلِ»؛ أي: غلبَ بالكثرةِ، وقيل: تقدَّم وسبقَ، وعلى هذين الوجهَين يُتأوَّل قوله: «سبَقَ» [خ¦3938] إمَّا بمعنى غلبَ وعلَا وكثُرَ، / أو تقدَّمَ وبدأَ، وقيل: الغَلبةُ والكثرةُ للشَّبَهِ، والتقدُّم والسَّبْقُ للإذكارِ والإيناثِ.
          وقوله: «تَعَالى النَّهار» [خ¦3990]؛ أي: ارتفعَ، و«اعلُ هُبَل» [خ¦3039]؛ أي: لِيرتفعْ أمرُك ويَعِزَّ دينُك فقد غَلبتَ.
          وقوله: «فَنَزَل في العُـلوِّ» بضمِّ العينِ وكسرِها، وقال ابنُ قتيبةَ: لا يقالُ إلَّا بالكسرِة، وكذلك السُّفلُ.
          و«في علالِيَّ لَهُ» [خ¦4039]، و«عِلِّيَّةٍ لَهُ» [خ¦2469] وهي الغُرْفةُ، ومنه: أصحابُ علِّيِّين، جاءَ في التَّفسيرِ أصحابُ الغُرَفِ، وقيل: السَّماءُ السَّابعةُ، وقيل: هو واحدٌ، وقيل: جمعٌ، وتقدَّمتِ: «العِلَاوَة». [خ¦23/42-2055]
          «فإذا هو يَتَعلَّى عليَّ» [خ¦4666]؛ أي: يتكبَّرُ ويرتَفعُ.
          1605- وقوله: «وخَفَضْتُ عَالِيَه» [خ¦3906] ويروى: «عالِيتَه» يعني: أعلَاهُ وصدرَهُ؛ أي: أمالَه لئلَّا يَظهَر على بُعدٍ لغيرِه.
          وقولُ أبي سُفيانَ: «لولا أن يَأثِرُوا عليَّ كَذِباً» [خ¦7]؛ أي: عنِّي؛ أي؛ تحدَّثُوا عنِّي به، كما قال(1) :
إذا رَضِيت عليَّ بنو تميمٍ                     ................
          وقال آخرُ(2) :
إذا امرؤٌ ولَّى عليَّ بوُدِّهِ                     ................
          وقولُه صلعم لزيدٍ في خِطبَةِ زينبَ: «اذكُرهَا عَليَّ»؛ أي: اذكُرها لنفسِها بالخِطبَةِ عليَّ، أو ليَ، أو عنِّي، فــ«عليَّ» بمعنى أحدِ هذين اللَّفظين، وقد يجيءُ «عليَّ» بمعنَى «اللَّامِ»، كما قال(3) :
رَعَتْهُ أشهراً وخلا عليها                     ................
          أي: لها.
          و«مَن حَلَفَ على يَمِينٍ» [خ¦2356]؛ أي: بيمينٍ، وقوله: «عَلام تَفعلِين؟»؛ أي: لأيِّ شيءٍ تفعلَين؟، وقولُه: «فليَذبَح على اسم الله» [خ¦5500]؛ أي: بسم الله.
          وقوله: «عَجَزَ عليك إلَّا حرُّ وجهِهَا»؛ أي: عجزْتَ إلَّا عن حُرِّ وجهِها، كأنَّه من المقلوبِ، وقد يحتمل أن يكون «عجزَ» بمعنى امتنعَ.
          وفي حديثِ مخرَمةَ: «وخَرَجَ النَّبيُّ صلعم وعليه قَبَاءٌ منها» [خ¦2599]، يعنِي: أنَّه حاملٌ له لا لابسٌ وقيل: بيدِه، وهما سواءٌ.
          و«من حَلَف على مِنبَري»؛ أي: عندَ منبرِي، أو معَ منبرِي، كما قال(4) :
................                     ...... وعليهنَّ المآلي
          أي: معهنَّ أو عندهنَّ.
          و«على عَهدِ رَسُول الله صلعم» [خ¦352]؛ أي: في عهدِه وكذا رواهُ أبو ذرٍّ، يعني: مدَّة عُمرِه.
          وقوله: «يُبارِكْ على أوصَالِ شِلْوٍ ممزَّعِ» [خ¦3045]، و«بارَك الله عليك» / [خ¦6387]، و«بارَك فيكَ» [خ¦4608] بمعنًى واحدٍ، وعندَ غيرِ الجُرجانيِّ: «في أوصالِ».
          قوله في حديثِ أبي كاملٍ: «لو استَشفَعنَا على ربِّنا»؛ أي: «إليه» كما قد جاءَ في غيرِ هذه الرِّوايةِ [خ¦4476]، ومعنى «على ربِّنا»؛ أي: استعنَّا عليهِ بشفيعٍ يشفَعُ لنا.
          و«اليَدُ العُليا» [خ¦1427]، هي «المُنفقةُ» [خ¦1429]، كذا فسَّرَه في الحديثِ، وقال الخَطَّابيُّ: وروِيَ في بعضِ الأحادِيثِ أنَّها: «المُتَعَفِّفَة» مرفوعاً إلى النَّبيِّ صلعم «والسُّفلَى السَّائلةُ» [خ¦1429]، ورويَ عن الحسنِ أنَّها: «المُمْسِكة المانِعة»، وذهبتِ المتصوِّفَةُ إلى أنَّ «اليَدَ العُليَا» هي الآخذةُ؛ لأنَّ «الصَّدقة تقعُ في كفِّ الرَّحمنِ سبحانه»، كما جاء في الصَّحيحِ، قالوا: فيَدُ الآخذِ نائبةٌ عن يدِ الله سبحانَه، وما جاء في الحديثِ من التَّفسيرِ مع فهم القَصدِ من الحضِّ على الصَّدقةِ أولَى، فعلَى التَّأويلِ الأوَّلِ هي العُليا بالصُّورةِ، وعلى الثَّاني بالمعنَى.


[1] في كل المصادر جاء البيت كالآتي:
~إِذَا رَضِيَتْ عَلَيَّ بَنُو قُشَيْرٍ                      لَعَمْرُ الله أَعْجَبَنِي رِضَاهَا
[2] صدر بيت من قصيدة طويلة لدَوْسَر بن ذُهَيْل القُريْعيِّ، كما في «الأصمعيات» ░151▒ تمامه:
~...............                      وَأَدْبَرَ لَمْ يَصْدُرْ بِإِدْبَارِهِ وُدِّي
[3] صدر بيت من قصيدة للراعي النميري، كما في «أدب الكاتب» ░511▒ ولم أجده في «ديوانه» وتمامه:
~...............                      فَطَارَ النَّيُّ فِيها وَاسْتَنَارَا
[4] هو لبيد العامري، كما في «ديوانه»░109▒ وهو بتمامه:
~كأنَّ مُصَفَّحاتٍ في ذُرَاهُ                      وأنْواحاً علَيْهِنَّ المآلي