مطالع الأنوار على صحاح الآثار

العين مع الزاي

          العين مع الزَّاي
          1578- قوله: «كما تتراءَونَ الكوكبَ العازِبَ»؛ أي: البعيدَ، كذا للأصيلي، ومنه: رجلٌ عَزَبٌ لبُعدِه من النِّساءِ، و«اشتدَّت علينا العُزْبةُ». [خ¦2542]
          وفي روايةٍ أخرَى: «الكَوكَبَ الغَارِبَ» [خ¦6556] [كذا للكافَّةِ، منهم أبو ذرٍّ لغيرِ أبي الهيثمِ]، وهو الذي يبعُدُ للغروبِ، وقد قال قومٌ: معنَى الغاربِ: الغائبُ، ولا يحسُنُ في هذا الحديثِ، إنَّما المراد بُعْدُ ما بينَ المنازلِ في الارتفاعِ، شبَّهَهُ ببُعْدِ الكوكبِ من الأرضِ، وعندَ أبي الهيثمِ: «الغابِرِ» [خ¦3256] ولابنِ الحذَّاءِ: «الغاير».
          1579- وقوله: «أصبَحت بنو أسدٍ تعزِّرُني على الإسلامِ» [خ¦3728]؛ أي: توقِفُنِي عليه، قال الهرويُّ: التَّعزيرُ في كلام العربِ التَّوقيفُ على الفرائضِ والأحكامِ، وتعزيرُ النَّبيِّ صلعم نصرُه وردُّ عداه عنه،وقال الطَّبريُّ: معنى تعزِّرنِي: تقوِّمني وتعلِّمني من تعزيرِ السُّلطانِ؛ وهو تأديبُه / وتقويمُه.
          وقال الحربيُّ: العَزْرُ اللَّومُ، وقال أبو بكرٍ: العَزْرُ المنْعُ، وعزَّرَه منعَه، [ومنه تعزيرُ الجانِي؛ إنَّما هو منعُه عن المعاودَةِ]، قال الزَّجاجُ: أصلُ العَزْرِ الرَّدُّ، وعَزْرُ الأنبياءِ الدَّفْعُ والذَّبُّ عنهم، وقال الطَّبريُّ: عَزْرُ النَّبيِّ تعظيمُه وإجلالُه، يقال: عزَّرْتُه وعَزَرْتُه.
          وممَّا سقطَ منِ البابِ الذي قبلَ هذا(1) قوله في البُخاريِّ في «كتابِ الحجِّ»: في «بابِ ركوبِ البُدنِ»: «والمُعترُّ الذي يَعترُّ بالبُدْنِ من غنيٍّ أو فَقيرٍ» [خ¦25/103-2652]، كذا الكلامُ لا يُفهَم، وفيه تغييرٌ لا شكَّ؛ لأنَّه إنَّما حكَى تفسيرَ مجاهدٍ للمعترِّ، وهو قوله: «المعترُّ الذي يعترُّ من غنيٍ أو فقيرٍ» وهو المعترِضُ أو الطَّالبُ على القولِ الآخرِ أو الزَّائرُ، فقوله: بالبُدْنِ زيادةٌ أدخلتِ الإشكالَ، وليسَت من قولِ مجاهدٍ، فإدخالها لا معنَى له، والصَّوابُ طرْحُها، قلتُ: إنَّما أدخلَها البُخاريُّ تتميماً لقولِ مجاهدٍ؛ لأنَّ الآيةَ {فَكُلُوا مِنْهَا} [الحج:36]، يعنِي: البُدْنَ المتقدِّمةَ {وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} [الحج:36]، فالمعترُّ هو الذي يعتَرُّ بالبُدْنِ؛ أي: يتعرَّضُ للبُدْنِ.
          1580- وقوله: «ولا أعزَّ عليَّ فقراً بعدِي منكِ» [خ¦1351] معناه: أشدُّ عليَّ كراهةً، يقال منه: عَزَّ يَعَزُّ بفتحِ العينِ فيهما ويَعِزُّ، ومنه الحديثُ: «واستَعزَّ به وجعُه»؛ أي: اشتدَّ وغلبَ، ومنه: مَنْ عزَّ بزَّ، و«العزيزُ» من أسمائِه تعالى؛ الغالِبُ.
          1581- قوله: «نَهى عن العَزل» [خ¦2229] هو عَزْلُ الماءِ عن موضعِ الولدِ عندَ الجِماعِ حَذارَ الحملِ.
          و«العُزْلَةُ» [خ¦81/34-9685] الانفرادُ عن النَّاسِ، وتركُ مخالطتِهم، وقوله: «مثل العزاِلي» بكسرِ اللَّامِ، و«أطلَقَ العَزَالِي» [خ¦344]، و«أرسَلَتِ السَّماءُ عَزَالِيها» [خ¦3582]، و«عَزْلاءُ المَزَادَةِ»، و«عَزْلَاءُ شَجْبٍ» كلُّ هذا فمُ المزادَةِ الأسفلُ الذي يُصَبُّ منه الماءُ عندَ تفريغِها، الواحدةُ عَزْلاءُ، وجمعه: عَزَالى، وتثنيتُه: عَزْلاوان، والمَزَادَةُ الرَّاويةُ.
          1582- وقوله: «إنَّها عَزْمةٌ» [خ¦616]؛ أي: حقٌّ واجبٌ، وقيلَ: إنَّها أمرُ شدَّةٍ لا تراخِيَ فيه، ومثلُه: «الجمعَةُ عَزْمَةٌ» [خ¦901]، ومثلُه: «نُهينا عن اتِّباع الجَنَائز ولم يُعزَمْ علينا» [خ¦1278]؛ أي: لم يوجَب ذلك علينا، ومثلُه: «في قِيام رمضان من غيرِ عَزِيمَة»؛ أي: من غيرِ إيجابٍ وإلزامٍ يوجب ذلك علينا.
          قولُ مسلمٍ: «لو عُزِمَ لي» بضمِّ العينِ، وقولُ أمِّ سلمةَ: «فعَزَمَ اللهُ لِي»؛ أي: معناه خلقَ الله / لي قوةً وعزماً وتوطينَ نفسٍ على ذلك، وقوله: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} [الأحقاف:35]؛ أي: أولوا القوَّةِ.
          وقوله: «ليَعزِم المسأَلَةَ» [خ¦6338]؛ أي: ليقطَعْ دونَ استثناءٍ.
          وقوله: «عَزَائِمُ السُّجودِ» [خ¦1069]؛ أي: مؤكِّداتُه عندَ أهلِ الحجازِ، وموجباتُه عندَ العراقيِّين، وقيل: عزائمُ السُّجودِ ما أُمِرَ في القرآنِ بالسُّجودِ فيه.
          1583- و«المعازِفُ» [خ¦5590] المزاهرُ؛ وهي عِيدانُ الغناءِ، و«تعزِفَان» تغنِّيان.


[1] يعني من «المطالع» وإلا فهو ثابتٌ في «المشارق» في موضعه.