مطالع الأنوار على صحاح الآثار

العين مع التاء

          العين مع التَّاء
          1541- «عَتَبَ الله عليه إذ لم يَرُدَّ العِلمَ إليه» [خ¦122] معناه في هذا الحديثِ لومُ الله له ومؤاخذتُه إيَّاه وتعنيفُه بالكلام الموحَى إليه به حينَ قال ما قال، وأصلُ العَتْبِ الموجِدةُ، يقال عَتَبْتُ عليه عَتْباً وعِتاباً ومَعتَبةً بفتحِ التَّاءِ والميم، وقد تُكسَرُ التَّاءُ، وعاتبتُه معاتبةً وعِتاباً أيضاً إذا واخذتَه بما في نفسِك من الموجِدَة التي كانَت عن جنايتِه ومن أجلِه، وقد يكونُ بمعنى السُّخطِ والغَضبِ، فيرجِعُ في حقِّ الله إلى إرادةِ عقابِه ومؤاخذِته بما كان منه، أو إلى إيقاعِ ذلك به وإنزالِه عليه، لكن في غيرِ حديثِ موسَى.
          ويقالُ: أعتبتُه إعتاباً وعُتبَى، إذا أرضيتَه من موجِدَته عليك، ومنه قولُه: «لعلَّه يَستعتِب» [خ¦7235]؛ أي: يعترفُ ويلومُ نفسَه ويَعتِبُها كذا لهم، وفي كتابِ الأصيليِّ: «ويُعتِبُها» بضمِّ الياءِ، وهو وهمٌ، وإنَّما هو يطلُب / الرِّضَى ويسألُ تركَ المؤاخذَة، ويلومُ نفسَه على ما كانَ منه.
          1542- و«العَتِيدة» دُرْجٌ تجعلُ فيه المرأةُ طِيبَها، وما تُعِدُّه من أمرِها، والشَّيءُ العتيدُ هو الحاضرُ، وكذلك العَتادُ، واعتَد وأعدَّ واحدٌ.
          وقوله: «فَبَقِيَ عَتُودٌ» [خ¦2300] هو الجَذَعُ من المَعْزِ إذا بلغَ السِّفادَ، وجمعُه عِتْدَان وعدَّان.
          1543- وقوله: «ولا عَتِيرة» [خ¦5473] قال أبو عبيدٍ: هي الرَّجبيَّةُ، ذبيحةٌ كانوا يذبحونَها في الجاهليَّة في رجبٍ يتقرَّبون بها، وكانت في أولِّ الإسلام فنُهي عنها، وقال بعضُ السَّلفِ ببقاءِ حُكمِها، والفَرَعُ أوَّلُ النِّتاجِ كانُوا يذبحونَه لطواغِيتِهم، وقيل: إنَّ العَتِيرَة نذرٌ كانُوا ينذُرونَه إذا بلغَ مالُ أحدِهم كذا أن يذبحَ من كلِّ عشرةٍ منها رأساً في رجبَ، وقال البخاريُّ في التَّفسيرِ(1) : «{وَالْمُعْتَرَّ}[الحج:36] الذي يَعْتَرُّ بالبُدْنِ من غنيٍّ أو فقيرٍ» [خ¦25/103-2652]، ومعناه: يُلِمُّ بها المرَّةَ بعد المرَّةِ.
          1544- و«العُتُل» [خ¦4918] الجافِي الغليظُ القلبِ من النَّاسِ، وقيل: الشَّديدُ الخصومةِ مع جفاءٍ ولؤمٍ، وقيل: الأكولُ، وقيل: الشَّديدُ من كلِّ شيءٍ.
          1545- و«العَتْمَة» [خ¦547] ظُلمةُ أوَّلِ اللَّيلِ، وعتَّمتَ بالإبلِ جلبتَها حينئذٍ، وأعتَمَ الرَّجُلُ جاءَ حينئذٍ، وقيل: بل هِي من التَّأخيرِ والإبطاءِ، قالوا: ومنه سمِّيت صلاةُ العشاءِ عتمةً، وكانوا يسمُّون تلك الحَلْبة أيضاً العَتَمة باسم عَتَمةِ اللَّيلِ، وقال ابنُ دريدٍ: عَتَمَةُ الإبلِ رُجوعُها منِ المرعَى. وقال غيرُه: عَتَمَةُ اللَّيلِ ثُلثُه، وقيل ظُلمتُه.
          وفي الحديثِ: «وإنَّها تُعتِم بحلابِ الإبلِ» قيل: لأنَّهم كانُوا ينتظِرون الطَّارقَ ليُصيبَ من ألبانِها، ويقال: عَتَم قِراه أخَّره، وعَتَمتِ الحاجةُ وأعتَمت تأخَّرت، قيل: وسمِّيت صلاةَ العتَمةِ لتأخيرها، وما عَتَم أن فعلَ كذا؛ أي: ما لبِثَ.
          وفي الحديثِ ذكر: «العَتْمَة» [خ¦547]، و«عَتمةُ اللَّيلِ»، و«أعتمَ رجلٌ عندَ النَّبيِّ صلعم»، و«أعتم النَّبيُّ صلعم بالعَتَمَةِ» [خ¦862]، و«لا يَقْدَمُ النَّاسُ حتَّى يُعتِمُوا» [خ¦1683]، و«يُعتِمُون بالإبلِ».
          1546- وقولُه: «صَفحَةِ عاتِقه» [خ¦3149] هو المنكِبُ إلى أصلِ العُنُقِ، قاله أبو عبيدة، وقال الأصمعيُّ: هو موضعُ الرِّداءِ من الجانِبين.
          وقوله: «يُخرجنَ العواتِقَ» [خ¦324] يعنِي: الجوارِي / اللَّاتي أدركنَ.
          وفي «البارع»: العاتِقُ التي لم تَبِنْ عن أهلِها، وقال أبو زيدٍ: هي التي أدركَت ما لم تَعنَس، والعاتِقُ التي لم تتزوَّج، قال ثعلبٌ: سُمِّيت بذلك؛ لأنَّها عَتقَت عن خدمةِ أبويها ولم تُملَك بعدُ بنكَاحٍ، وقال الأصمعيُّ: هي فوقَ المُعْصرِ، وقال ثابتٌ: هي البِكرُ التي لم تَبِنْ إلى زوجٍ، وقال الخليلُ: جاريةٌ عاتِقٌ؛ أي: شابَّةٌ، وقال الخَطَّابيُّ: هي التي لمَّا أدرَكتْ، وقالَ غيرُه: هي التي أشرَفت على البلوغِ.
          قوله: «وهُنَّ مِن العِتَاق الأُولِ» [خ¦4708]؛ أي: من أوَّلِ ما أُنزلَ، والعَتيقُ القَديمُ، وقيل: من قديم ما تعلَّمتُ من القرآنِ، والأوَّلُ أشبَه لقولِه: «وهُنَّ من تِلادِي» [خ¦4708]؛ أي: ممَّا تعلَّمتُ أوَّلاً، ولا وجهَ لتكرارِه هاهنا، وقد يَكُنَّ بمعنَى الشَّريفات الفاضِلات، والعربُ تقول لكلِّ متناهٍ في الجَوْدة عتيقٌ.
          ومنه سمِّيت الكعبةُ: البيتَ العتيقَ، وقيل: لعتقِه من الجبابرةِ؛ أي: من تجبُّرِهم فيه فلا يدخلُه أحدٌ ويصِلُ إليه إلا ذلَّ عندَه وذهبَت نخوَتُه وعظمتُه وطافَ به، وقيل: لأنَّه أُعتِق منهم فلا يَدَّعي جبارٌ مِلْكه، وقيل: لأنَّه أُعتِق من الغَرقِ في عهدِ نوحٍ ◙، وقيل: لقِدَمِه كما قيلَ لمكَّةَ أمُّ القُرى، والقَريةُ القديمةُ، وقد قيل فيه: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ}[آل عمران:96].
          وسمِّي أبو بكرٍ عتيقاً من العَتاقَةِ، وهي الحُسنُ؛ لحُسنِ وجهِه، وقيلَ: لقِدَمِه في الخيرِ، وقيلَ: لعِتقِه من النَّارِ، وقيلَ: لأنَّ أمَّه كانَ لا يعيشُ لها ولدٌ فلمَّا ولدتْه قالت: اللَّهم هذا عَتيقُك من الموتِ فهبه لي، وقيل: لشَرَفِه، وأنَّه لم يَكن في نسبِه عيبٌ، وقيلَ: لأنَّ أمَّه نذرَتْه للكعبةِ وسمَّته عبدَ الكعبةِ كما قالت حنَّة: {نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا} [آل عمران:35]؛ أي: مُعتقاً ممَّا يُنتفعُ بالولدِ خالصاً لله، وقيل: بل كان اسمُه العلمَ له، لا لمعنًى ولا لعلةٍ.
          وقوله: «على فَرسٍ عَتِيقٍ»؛ أي: مٌتناهٍ في الفَراهَة والجُودةِ.
          وقولُه: «وإلَّا فقد عَتَق منه ما عَتَق». [خ¦2491]
          في «البارعِ»: عتقَ المملوكُ يَعْتِق عَتْقاً، وعَتَاقةً بالفتحِ فيهما، وعَتاقاً أيضاً بالفتحِ، والاسمُ العِتقُ بالكسرِ، ولا يقالُ: عُتِق، إنما أُعتِق إذا أعتقَه سيِّدُه.


[1] بل هو في «كتاب الحج» من صحيحه.