حديث: يا سعد ألم تسمع ما قال أبو حباب

4566- حدَّثنا أَبُو الْيَمَانِ: أخبَرَنا شُعَيْبٌ، عن الزُّهْرِيِّ: أَخْبَرَنِي (1) عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ:
أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكِبَ على حِمَارٍ، على قَطِيفَةٍ فَدَكِيَّةٍ، وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ وَرَاءَهُ، يَعُودُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ فِي بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، قَبْلَ وَقْعَةِ (2) بَدْرٍ. قالَ: حَتَّى مَرَّ بِمَجْلِسٍ فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ (3) ابْنُ سَلُولَ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ، فَإِذَا فِي الْمَجْلِسِ أَخْلَاطٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الأَوْثَانِ وَالْيَهُودِ وَالْمُسْلِمِينَ (4)، وَفِي الْمَجْلِسِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، فَلَمَّا غَشِيَتِ الْمَجْلِسَ عَجَاجَةُ الدَّابَّةِ، خَمَّرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ أَنْفَهُ (5) بِرِدَائِهِ، ثُمَّ قالَ: لَا تُغَبِّرُوا عَلَيْنَا. فَسَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ ثُمَّ وَقَفَ، فَنَزَلَ فَدَعَاهُمْ إلى اللَّهِ، وَقَرَأَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ، فَقالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ (6): أَيُّهَا الْمَرْءُ، إِنَّهُ لَا أَحْسَنَ مِمَّا تَقُولُ (7) إِنْ كَانَ حَقًّا، فَلَا تُؤذِينَا بِهِ فِي مَجْلِسِنَا (8)، ارْجِعْ إلى رَحْلِكَ، فَمَنْ جَاءَكَ فَاقْصُصْ عَلَيْهِ. فقالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَاغْشَنَا بِهِ فِي مَجَالِسِنَا؛ فَإِنَّا نُحِبُّ
/
ذَلِكَ. فَاسْتَبَّ (9) الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَالْيَهُودُ حَتَّى كَادُوا يَتَثَاوَرُونَ، فَلَمْ يَزَلِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَفِّضُهُمْ حَتَّى سَكَنُوا (10)، ثُمَّ رَكِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَابَّتَهُ، فَسَارَ حَتَّى دَخَلَ على سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فقالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا سَعْدُ، أَلَمْ تَسْمَعْ ما قالَ أَبُو حُبَابٍ _يُرِيدُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ_ قالَ كَذَا وَكَذَا». قالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اعْفُ عَنْهُ، وَاصْفَحْ عَنْهُ (11)، فَوَالَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ، لقد جَاءَ اللَّهُ بِالْحَقِّ الَّذِي أَنْزَلَ (12) عَلَيْكَ (13) لَقَدِ اصْطَلَحَ أَهْلُ هَذِهِ الْبُحَيْرَةِ (14) على أَنْ يُتَوِّجُوهُ فَيُعَصِّبُونَهُ (15) بِالْعِصَابَةِ، فَلَمَّا أَبَى اللَّهُ ذَلِكَ بِالْحَقِّ الَّذِي أَعْطَاكَ اللَّهُ (16) شَرِقَ بِذَلِكَ، فَذَلِكَ فَعَلَ بِهِ ما رَأَيْتَ. فَعَفَا عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ يَعْفُونَ عن الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ كَمَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ، وَيَصْبِرُونَ على الأَذَى، قالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيرًا } الآيَةَ [آية: 186]، وَقالَ اللَّهُ: {وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم } إلى آخِرِ الآيَةِ [البقرة: 109] وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَأَوَّلُ الْعَفْوَ (17) ما أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ، حَتَّى أَذِنَ اللَّهُ فِيهِمْ، فَلَمَّا غَزَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدْرًا، فَقَتَلَ اللَّهُ بِهِ صَنَادِيدَ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، قالَ ابْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ (18) وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَعَبَدَةِ الأَوْثَانِ: هَذَا أَمْرٌ قَدْ تَوَجَّهَ. فَبَايَعُوا الرَّسُولَ (19) صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الإِسْلَامِ فَأَسْلَمُوا.


[1] في رواية أبي ذر: «أخبَرَنا».
[2] في رواية أبي ذر والكُشْمِيْهَنِيِّ: «وَقِيعةِ».
[3] بهامش (ب، ص): «أُبي» في اليونينية بكسرة واحدة.اهـ.
[4] صحَّح عليها في اليونينيَّة.
[5] في رواية أبي ذر والكُشْمِيْهَنِيِّ: «وَجْهَهُ».
[6] في (ب، ص): «عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيِّ بْنُ سَلُولَ»، وبهامشهما: كذا في اليونينية: «أُبي» بكسرة، و«ابن» بلا ألف.اهـ.
[7] في رواية أبي ذر والكُشْمِيْهَنِيِّ: «لا أُحْسِنُ ما تقولُ».
[8] في رواية أبي ذر: «فلا تُؤذِنا به في مجَالِسنا».
[9] في رواية أبي ذر: «واستَبَّ».
[10] في رواية أبي ذر عن المُستملي: «سكتوا».
[11] صحَّح عليها في اليونينيَّة.
[12] في رواية أبي ذر: «نَزَّلَ».
[13] صحَّح هنا في اليونينيَّة.
[14] في رواية أبي ذر والمُستملي والكُشْمِيْهَنِيِّ: «البَحْرةِ».
[15] في رواية أبي ذر: «فيُعَصِّبُوه».
[16] لفظ الجلالة ليس في رواية أبي ذر.
[17] في رواية أبي ذر: «في العفوِ».
[18] في (ب، ص): «ابْنُ أُبَيٍّ بْنُ سَلُولَ»، وضرب فيهما على إحدى الكسرتين، وبهامشهما: كذا مضروب على الكسرة في اليونينية.اهـ.
[19] في رواية أبي ذر والأصيلي: «فَبايَعُوا لِرَسول الله».