مطالع الأنوار على صحاح الآثار

النون مع الفاء

          النُّون مع الفاء
          1351- «النَّفْثُ» [خ¦127] النَّفْخُ مثلُ البُزاقِ، وقيل: مثلُ التَّفْلِ إلَّا أنَّ التَّفلَ في قولِ أبي عُبيدٍ لا يكونُ إلَّا ومعَه شيءٌ من الرِّيقِ، وقيل: هما سواءٌ يكونُ معهما ريقٌ، وقيل: بعكسِ الأوَّلِ.
          1352- وقوله: «أنفَجْنا أرنباً» [خ¦2572]؛ أي: أثرْنَاها فنفَجَتْ؛ أي: وَثَبَتْ.
          1353- وقوله: «يُنافِحُ عن رسولِ الله صلعم» [خ¦4145]، و«ما نافحْتَ»؛ أي: يدافعُ ويخاصِمُ، يقال: نافَحْتُ عنه، ونفحْتُ عنه: خاصَمْتُ ودفعتُ.
          وقوله: «ونفَحَ(1) بيدِه نحوَ المشرِقِ»؛ أي: أشارَ، ورمى بمرَّةٍ(2)؛ مثل نفحتِ الدَّابَّةُ برجلِها، وهو دفعُها [بها] ورميُها.
          ومنه في الصَّدقةِ: «فيَنفَحُ بها يمينَه وشِمالَه» [خ¦6443]؛ أي: يشيرُ بها ويرمي، يقال: نفحَ بالمالِ وبالسَّيفِ وبالمعروفِ دفعَه ورمى به.
          و«ينفَحُ منه الطِّيبُ» [خ¦4037]؛ أي: يظهرُ ريحُه ويتحرَّكُ.
          1354- وقوله: «فَنَفِدَ»؛ أي: فني وفرغ.
          1355- وقوله: «فيُنفذُهم البَصَرُ» [خ¦4712] بضمِّ الياءِ رواه بعضُهم؛ أي: يخرقُهم ويتَجاوزُهم، ورواه الكافَّةُ بفتحِها؛ أي: يحيطُ بهم الرَّائي لا يخفى منهم شيءٌ لاستواءِ الأرضِ؛ أي: ليسَ فيها ما يستتِرُ أحدٌ عن الرَّائي، وهذا أَولى من قولِ أبي عبيدٍ: يأتي عليهم بصَرُ الرَّحمنِ سبحانَه، إذ رؤيةُ الله تجمعهم، محيطةٌ في كلِّ حالٍ في الصَّعيدِ المستوي وفي غيرِه، يقال: نفَذَه بصرُه؛ إذا بلغَه وجاوزَه.
          وقوله: «وأُنفِذُه كلمةً... لأنفَذْتُها» [خ¦3/10-123]؛ أي: أُمضيها وأُخبر بها، نفذَ أمرُه؛ إذا مضى وامتُثِلَ.
          وقوله: «حتَّى ينفُذَ النِّساءُ» [خ¦837]؛ أي: يتخلَّصْنَ من مزاحمةِ الرِّجالِ.
          ومنه: «انفُذْ على رِسلِكَ» [خ¦3009]، و«انفُذ بسَلامٍ»؛ أي: انفصِلْ وامضِ مُسلَّماً.
          1356- وقوله: «ونَفَرُنا خُلوف» [خ¦344]؛ أي: جماعةُ رجالِنا مسافرون، والخُلوفُ الذين غابَ رجالُهم عن نسائهم، والنَّفْرُ ما بين الثَّلاثةِ إلى العَشَرةِ، وقد يريدُ هاهنا بالنَّفرِ من بقيَ من النِّساءِ، / أو يريدُ به الرِّجالَ الغُيَّبَ(3).
          وقوله: «لو هاهُنا أحدٌ من أنفارِنا»؛ أي: رجالِنا، جمعُ نَفَرٍ، والنَّفْرُ والنَّفَرُ والنَّفيرُ والنَّافرة: كلُّ هذا رهطُ الرَّجلِ الذين ينصُرونَه، وفي روايةِ السَّمرقنديِّ: «من أنصارِنا»، والمعنى واحدٌ.
          والمنافرةُ: المحاكمةُ، ونافَرْتُ الرَّجلَ حاكمْتُه إلى من يغلِّبُ أحدَنا، ويفضِّلُه على الآخرِ، يقال: تنافرَ إلى الحاكمِ فنفَّرَ فلاناً، ونفَّره أيضاً؛ أي: غلَّبه.
          قوله في حديثِ ابن صيَّادٍ: «فنفَرَتْ عينُه»؛ أي: ورِمَتْ، وكذلك الفمُ وغيرُه من الجسدِ.
          وقوله: «إنَّ منكم منفِّرينَ» [خ¦702]؛ أي: مشدِّدين، والنِّفارُ الشُّرودُ والفِرارُ، ومنه: نفرَتِ الدَّابَّةُ؛ أي: لا تشدِّدوا على النَّاسِ وتخوِّفوهم، فتُبغِضوا إليهمُ الإسلامَ، وتصُدُّوهم عنه.
          و«يومُ النَّفْرِ» [خ¦1653] هو يومُ نفورِ النَّاسِ من منًى، وتمامِهم حجَّهم، وأخذِهم في الانصرافِ بعدَ الجمارِ والحَلْقِ والنَّحرِ، وهو يومُ النَّفْرِ والنَّفيرِ، وهو ثالثُ أيَّامِ مِنًى، و«يومُ القَرِّ» هو اليومُ الذي قبلَه، بفتحِ القافِ؛ لأنَّ النَّاسَ فيه قارُّون بمِنًى، والذي قبلَه يومُ النَّحرِ.
          وقوله: «فنفَروا لهم» [خ¦3045]؛ أي: انطلَقوا ونهَضوا، يقالُ ذلك في الحربِ وغيرِه.
          ومنه: «النَّفيرُ» [خ¦56/27-4421] وهم: الجماعةُ تنهضُ لذلك.
          1357- وقوله: «فنفِطَ» [خ¦6497]؛ أي: تورَّمَ بالماءِ.
          1358- و«الأنفال» [خ¦4645] الغنائمُ والعَطايا، الواحدُ نفَل بالفتحِ، وأصلُه الزِّيادةُ، ونافِلةُ الصَّلاةِ: الزِّيادةُ على الفريضةِ، واحدتُها نَفْلٌ بالإسكانِ، سمِّيَتِ الغنائمُ أنفالاً؛ لأنَّ الله زادَها لهم فيما أحلَّ ممَّا حرَّم على غيرِهم.
          وقوله: «يرضون النَّفَل» وفي الحديثِ الآخرِ: «أترضون نَفَلَ خمسينَ من اليهودِ» [خ¦6899]؛ أي: أيمانَهم، ومنه قوله: «يَنْفِلون»؛ أي: تحلِفون، وسُمِّيَتِ القَسامةُ نَفَلاً؛ لأنَّ الدَّمَ يُنفَلُ بها؛ أي: يُنفَى، ومنه: «وانتَفل من ولَدِها»؛ أي: نفاه وجحَدَه.
          1359- وقوله: «وأنفُضُ لك ما حولَكَ» [خ¦3615]؛ أي: أتحسَّسُه وأتعرَّفُ ما فيه ممَّن تخافُه، والمِنفضَةُ: الجماعةُ تتقدَّمُ العسكرَ كالطَّليعةِ له.
          وقوله: «وعليها حُمَّى بنافِضٍ» [خ¦3388] ويقال: أيضاً: «حمَّى نافض»، والأوَّلُ أفصَحُ، وهي التي ترعِدُ صاحبَها.
          وقوله: «وأُتيَ بمِنديلٍ فلم ينتفِضْ به» كذا عندَ ابنِ السَّكنِ، / وعندَ غيرِه: «ينفُضْ به» [خ¦259]؛ أي: لم يتمسَّحْ به، ومثلُه في الحديثِ الآخرِ: «فلم يُرِدْها، وجعلَ ينفُضُ بيدِه» [خ¦274]؛ أي: يمسَحُ به وجهَه ويُزيلُ عنه الماءَ.
          وقوله: «يدخلُ فينتفِضُ ويتوضَّأُ» [خ¦1668] كنايةٌ عن الحدَثِ والبولِ وغيرِه.
          وفي الحديثِ الآخرِ: «ابغِني أحجاراً أستنفِضْ بها» [خ¦155]؛ أي: أتمسَّحُ بها ممَّا هنالك، ونُفاضةُ كلِّ شيءٍ ما أنفضته فسقطَ منه.
          وقوله في إبارِ النَّخلِ: «فترَكوه فنفَضَتْ» بفتحِ الفاءِ؛ أي: أسقطَتْ حملَها، وقولُه بعدُ: «أو نقصَتْ» من النُّقصانِ، شكَّ الرَّاوي.
          وعندَ الطَّبريِّ: «أو فنصَبَتْ» بتقديمِ النُّونِ بصادٍ مهملةٍ بعدَها باءٌ بواحدةٍ.
          وعندَ ابن الحذَّاءِ: «فنقصت»، وكلُّه تصحيفٌ إلَّا الأوَّل.
          وقوله: «إني لأنفُضُها نفضَ الأديمِ» [خ¦5825]؛ أي: أجهَدُها وأعرُكُها كما يُفعَلُ بالأديمِ عندَ دِباغِه وغسلِه ممَّا تعلَّقَ به وطرحه عنه.
          قوله:«فنفضْتُ أنماطَك»؛ أي: أزلت عنها الغبار والكناسة.
          1360- وقوله: «منفِّقةٌ للسِّلعةِ» [خ¦2087]؛ أي: سببٌ لسُرْعةِ بيعِها، وكثرةِ الرَّغبةِ، والحِرْصِ عليها بسببِ اليمينِ.
          وقوله: «نافَقَ حنظلةُ» وأصلُه من إظهارِ شيءٍ وإبطانِ خلافِه، واشتقاقُه: من نافِقاءَ اليَربوعِ؛ وهي أحدُ أبوابِ جحرَتِه، يترُكُها غيرَ نافذةٍ بقشرٍ رقيقٍ من التُّرابِ، فإذا طُلِبَ من الأبوابِ الأُخَرِ تحاملَ من تلك فنفَّذَ وخرجَ، وقيل: من النَّفَق؛ وهو السَّرَبُ الذي يَستَتِرُ فيه، فهو يستُرُ كفرَه.
          وقوله: «والمنَفِّقُ سِلعَتَه بالكذِبِ» بكسر الفاءِ وشدِّها، وهو أحسنُ من التَّخفيفِ.
          1361- قوله: «لعلَّكِ نُفِسْتِ» [خ¦305]، كذا ضبطَه الأَصيليُّ بضمِّ النُّون، وفي الولادة: «فنُفِسَتْ بعبدِ الله»، كذا أيضاً ضبطْناه بالضَّمِّ، قال الهرويُّ: يقال في الولادةِ بضمِّ النُّونِ وفتحِها، وإذا حاضَتْ نَفَسَتْ بالفتحِ لا غير، ونحوُه لابنِ الأنباريِّ، والاسمُ من الوِلادةِ والحيضِ والمصدرُ النِّفاسةُ والنِّفاسُ، والولدُ مَنفوسٌ، والمرأة نُفَساءُ، ونَفْسى مثلُ سَكْرى، ونَفْساءُ بالفَتحِ، والجمعُ نِفَاسٌ، مثلُ كِرام، ونُفُس بضمِّ النُّونِ والفاءِ، / ونُفساواتٌ ونَفساواتٌ بالضَّمِّ والفتحِ.
          وقوله: «مَن نفَّسَ عن مسلمٍ كُربةً»؛ أي: فرَّجَها.
          وقوله: «نَفاسةً على أبي بكرٍ» [خ¦4240]؛ أي: حسَداً له ورغبةً وحِرْصاً على ما نالَه، ولم يرَه له أهلاً.
          وقوله: «وما نَفِسْناه عليكَ»، و«لم نَنْفَسْ عليكَ» [خ¦4240] قال أبو عبيدٍ: نَفِسْتُ عليه بالشَّيءِ أَنفَسُ نَفاسةً؛ إذا لم ترَه له أهلاً.
          والتَّنافُسُ أيضاً التَّباغضُ والتَّحاسدُ، ومنه: «ولا تَنافَسوها» [خ¦3158]؛ أي: لا تتحاسَدوا عليها وتتسابقوا إلى تحصيلِها.
          وقوله: «أنفَسُها عندَ أهلِها» [خ¦2518]؛ أي: أفضَلُها، و«نفِسْتُ بها» [خ¦2560]؛ أي: أعجبَتْني وحَرَصْتُ عليها، وقوله: «فأنفَسَهم»؛ أي: أعجَبَهم وعظُمَ في نفوسِهم، والشَّيءُ النَّفيسُ العظيمُ في النُّفوسِ المحروصُ عليه، وقد نَفُسَ بالضَّمِّ.
          ومنه: «لم يُصِبْ مالاً أنفَسَ عندَه منه» [خ¦2737]؛ أي: أغبَطَ وأعجَبَ وأحبَّ إلى نفسِه.
          وقوله: «افتُلِتَت نفسها» [خ¦1388] [أي: توفِّيَتْ فجأةً، كذا ضبطناه «نفسَها»] بالفتحِ على المفعولِ به الثَّاني، وبضمِّها على المفعولِ الأوَّلِ، والنَّفسُ مؤنَّثةٌ، والنَّفسُ هنا الرُّوحُ، وقد تكونُ النَّفسُ بمعنى الذَّاتِ، ومنه قوله تعالى: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي}[المائدة:116].
          وفي حديثِ عائشةَ ♦: «فقلتُ: هَه هَه حتَّى ذهبَ نَفَسِي» بفتحِ الفاءِ، من النَّفَس، وهو البُهرُ الذي أصابَها قبلُ.
          وقوله: «فلْيُنفِّسْ»؛ أي: فليؤخِّرْ.
          ومنه: «نفَّسَ الله في أجلِه»، ويكون بمعنى يفرِّجُ عنه، ومثلُه في الحديثِ الآخرِ: «نفَّسَ عن مسلمٍ كُربةً»؛ أي: فرَّجَ وأزالَ.
          وقوله: «من شرِّ كلِّ نفسٍ أو [عينِ] حاسدٍ» يحتملُ أن يكون واحدَ الأَنْفُسِ، ويحتملُ أن يريدَ بالنَّفسِ هاهنا العينَ، وتكونَ (أو) للشَّكِّ، وهو الأشبَه، أو تكونَ تكراراً للتَّأكيدِ، كما جاء في الحديثِ: «مِن شَرِّ حاسدٍ وشرِّ كلِّ ذي عَينٍ»، والنَّفْسُ بسكونِ الفاءِ العينُ.
          وقولُ أمِّ سُلَيمٍ في الصَّبيِّ: «هدَأَ نَفسُه» [خ¦78/116-9238] بفتحِ الفاءِ وإسكانِها، فمن فتحَ فهو من النَّفَس، ومن سكَّنَ أراد الرُّوحَ؛ أي: ماتَ، إلَّا أنَّها أتَتْ بلفظٍ مشتركٍ يصلُحُ للوجهَين.
          وقوله: «ما حدَّثَتْ به أنفسَها» [خ¦5269] بالفتحِ، ويدلُّ عليه قولُه: «إنَّ أحدَنا يحدِّثُ / نفسَه»، قال الطَّحاويُّ: وأهلُ اللُّغةِ يرفعونَ السِّينَ؛ أي: بغيرِ اختيارٍ، كما قالَ تعالى: {وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ} [ق: 16].
          وفي الحديثِ الآخرِ: «وما وَسوسَتْ... به أنْفُسها(4)». [خ¦6664]
          والنَّفْسُ لفظٌ يقعُ على الذَّاتِ والرُّوحِ والحياةِ، وإنَّما النَّفَسُ بالفتح تنفُّسُ الإنسانِ الدَّاخلُ والخارجُ، وقد قيل: إنَّها النَّفْسُ أيضاً بعينِها، وهذا خطأٌ، وقد اختُلِفَ في النَّفْسِ والرُّوحِ؛ فقيل: هما سواءٌ، وقيل: هما مختلفان، ولا خلافَ أنَّها تقعُ على ذاتِ الشَّيءِ وحقيقتِه.
          وقوله: «نفْسٍ منفوسةٍ» [خ¦1362]؛ أي: مولودةٍ.
          وفي حديثِ عيسى: «فلا يحِلُّ لكافرٍ يجدُ نَفَس ريحِه إلَّا ماتَ، ونَفَسُه ينتهي حيثُ ينتهي طرْفُه».
          وفي روايةٍ: «ريحَ نَفَسِه».
          وقوله: «لقد خطبْتَ فأوجزْتَ فلو كنتَ تنفَّستَ»؛ أي: توسَّعْتَ في الكلامِ، ومدَدْتَ أنفاسَكَ فيه.
          وقوله في الذَّبيحةِ: «ونَفَسُها يجري وهي تَطرِفُ» بفتحِ الفاءِ، كذا من غيرِ خلافٍ.
          1362- وقوله: «نَفِهَت نفسُكَ» [خ¦1153]؛ أي: أعيَتْ وكلَّت.


[1] إلا أنه في «الموطأ»: (نفخ).
[2] كذا في الأصول، وفي (غ) و«المشارق»: (بيده).
[3] زاد في (س): (وصوابه وقول المرأتين).
[4] بفتح السين وضمِّها.