مطالع الأنوار على صحاح الآثار

الحاء والسين

          الحاء والسِّين
          527- «حَسبِيَ الله» [خ¦3466]، و«حَسْبُك» [خ¦950]، و«حَسْبُنا كتابُ الله» [خ¦4432]؛ أي: كافِينا، و«حَسْبُه قراءةُ الإمامِ» وأحسَبَني الشَّيءُ كفاني، قال سيبويه: (حَسْبُ) بمعنى (قَطْ) الاكتِفاءُ.
          و«شهِدَ عندَك رَجلانِ حَسبُكَ بهما» [خ¦4327]؛ أي: كافِيك بشَهادتِهما طلبُ سِواهما فيما تُريده، و{يَوْمِ الْحِسَابِ} [ص:53] يوم المسألةِ.
          و«لا تحسُبُ» من الحِسابِ الذي هو جمعُ الأعدادِ وتفريقُها، بضمِّ السِّين متى كان منَ الحساب، ومنه في سِنِيِّ رسول الله صلعم: «أَتحسُبُ».
          وفي حديثِ طلاقِ ابنِ عُمرَ: «أَفحَسَبْتَ بتلك التَّطليقةِ» بالفتحِ في الماضي.
          ومنه احتِسابُ الأجرِ، والحِسبةُ في المُصِيبةِ، و«تَحتَسِبون آثارَكم» [خ¦655]، وفي الولدِ يمُوت: «فتَحتَسِبُهم»، و«أَحتسِبُ خُطايَ»، والاسمُ منه: الحِسبانُ بكسرِ الحاء، والاحتِسابُ المَصدرُ، وكلُّه بمعنَى ادِّخار أجْرِ ذلك العمَل، وأن يَحسُبَه العاملُ في حَسناتِه.
          وأمَّا إذا كان بمعنَى الظَّنِّ فهو بكسرِ السِّين في الماضي والمُستقبلِ معاً، وبفَتحِها أيضاً في المُستقبَل لغةٌ أخرى، وهي متكرِّرةٌ في الأحاديثِ، ولا تَنحَصر إلَّا بعَقد هذا الأصلِ وفهمِ المعنَى.
          وفي فضائلِ عمرَ قولُ عليٍّ: «وحَسِبْتُ أنِّي كثيراً ما كنتُ أسمَعُ رسولَ الله صلعم» [خ¦3685]؛ أي: ظنَنتُ عطفاً على «أظنُّ»، كأنَّه قال: وحسِبتُ ذلك.
          قوله: «وحَسَبُه» [خ¦4553] مأخوذٌ من الحِسابِ، كأنَّ خِصالَه الجميلةَ تُعدُّ، وحَسَب الرَّجلِ أيضاً آباؤُه الكرامُ الذين تُعَدُّ مَناقبُهم وتُحسَب عند المُفاخَرةِ.
          528- قوله: «حَسَر عن فَخِذِه» [خ¦2845]؛ أي: كشَف، و«حُسِر عنها»، و«فلَّما حُسِرَ عنها»، و«انحَسَر الغَضبُ عن وَجهِه».
          ويُروَى: «تَحسَّرَ» لأكثر شُيوخِنا، و«أَحسُرُ خِمارِي»، والحاسِر والحُسَّرُ المُتكشِّفُ في الحَربِ بلا دِرعٍ، / و«خرَجُوا حُسَّراً» [خ¦2930]، و«يَحسِر الفُراتُ»؛ أي: ينضُبُ ويُكشَف، قال أهلُ اللُّغةِ: وإنَّما يقال في هذا: حسَر، ولا يقال: انحَسَر، وجاء في رِوايَة السَّمرقَنديِّ هنا: «ينْحَسِر».
          قوله: «دعوتُ فلم يُستَجَب لي، فيَنحسِرُ عند ذلك ويدعُ الدُّعاءَ»، ومنه: {وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ} [الأنبياء:19]؛ أي: لا يَنْقَطِعون، يقال في الأفعال: حسَر واستَحْسَر إذا أعيا، والاسمُ حاسِرٌ.
          529- قوله: «وعليه حَسَكةٌ» [خ¦7439] هو شوكٌ صُلْبٌ حديدٌ.
          530- و«لم يَحسِمهم» [خ¦6802]؛ أي: لم يَقطَع سَيَلانَ دمائِهم بالكَي، وفي حديثِ سَعدٍ: «فحَسَمَه رسولُ الله صلعم بمِشْقَصٍ».
          531- قوله: «خَيرُكم مَحاسِنُكم قَضاءً» جمعُ مَحْسَن، بفتح الميم والسِّين، ويحتَمِل أن يكون سمَّاهم بالصِّفةِ؛ أي: ذَوُوا المَحاسِنِ، وأمَّا «أحاسِنُكم» [خ¦6035] فجَمعُ أحسَن.
          وذكر «الإحسان» [خ¦50] في العمَل، وفسَّره بالإجادَةِ والإتيان به على أحسَن وُجوهِه وأتمِّها.
          «أحسَنَ النَّاسِ وَجهاً وأَحسنَه خَلْقاً» [خ¦3549] يريدُ: وأحسَنَهم خَلْقاً، يذهَب إلى معنى وأحسَنَ من يُوجد أو وُجِد أو مَن هناك، ونحوِه، وهذا من أفصَحِ الكلامِ عندَهم، ومثلُه في نساءِ قُريش: «أَحْناهُ على ولدٍ، وأَرعاهُ على زوجٍ». [خ¦5082]
          وكان أكثَرُ دُعائِه: «ربَّناآتِنا في الدُّنيا حَسَنةً» [خ¦4522]؛ أي: نِعمةً في الدُّنيا، والجنَّة في الآخِرة، وقيل: أعمالاً حسنةً في الدُّنيا وأجوراً جسِيمةً في الآخِرةِ، وقيل: حُظوظاً.
          وقوله: «حَسَن الصَّوتِ يَتغنَّى بالقُرآنِ» [خ¦7544] قال ابنُ الأنباريِّ: معناه حسَّنَ صوتَه القُرآنُ، وقيل: متَحزِّنُ الصَّوت، وقيل: بما يَظهَر عليه من الخُشوعِ، وقيل بالنَّغمةِ الحسَنةِ، والذي عندي أنَّ حُسنَ صَوتِه إجادتُه في قراءتِه كما حسَّن العملَ.
          532- قوله: «هَل تُحِسُّ فيهَا منْ جَدعاءَ» [خ¦1358]؛ أي: تُبصِر وترَى وتجِد، ويجوز «تَحُسُّ»، يقال: حسَسْتُ وأحسَسْتُ، وهو أكثرُ، منه: «حتَّى ما أُحِسُّ منه قَطْرَةً» [خ¦2661] من الإحساسِ بالشَّيءِ، وهو الوجودُ له والعِلمُ به، من ناحيةِ الحسِّ الموجُودِ في الحيِّ.
          وقولُ أسماءَ: «أَحُسُّ فرسَه» تعني أحكُّه وأُزِيل عنه ما يتعلَّقُ به من تُرابٍ وغيرِه. /
          533- قوله: «لا حَسَدَ إلَّا في اثنَتينِ» [خ¦73]؛ أي: لا حسَد جائزٌ غيرُ مَذمومٍ إلَّا في اثنَتين، وهو مُشتَقٌّ من الحسْدَلِ _وهو القُرادُ_ للصوْقِهِ بما تعلَّق به.