مطالع الأنوار على صحاح الآثار

الحاء مع الراء

          الحاء مع الرَّاء
          441- قوله: «تركْناهُم مَحْروبِينَ» [خ¦4178]؛ أي: مَسلوبِين، حُرِب الرَّجلُ سُلِب حرِيبتُه، وهو مالُه، إذا حَرِب فهو حرِيبٌ ومَحْرُوبٌ، ويكون أيضاً أصابَهم الحَرَبُ، وهو الهلاكُ، وبه سُمِّيت الحَرْبُ.
          وقوله: / «تُركَز له الحَرْبةُ» [خ¦498] هو الرُّمحُ العرِيضُ النَّصلِ، قاله الأصمَعيُّ، حكاه الحَربيُّ، وجَمْعُه حِرابٌ، وقد قيل: إنَّه الرُّمحُ الكاملُ ليس بعَريضِ النَّصلِ.
          442- قوله صلعم: «حتَّى يُحْرِجَه» [خ¦6135]؛ أي: يُضِيق صدرَه، وقيل: يُؤثِمَه، والحَرَجُ الإثمُ، معناه أن يُعرِّضَه للإثمِ ويُسبِّبَهُ له حتَّى يتكلَّم بما لا يجوز مِن سيِّء القولِ فيَأثَمُ، وقد جاء في الرِّوايةِ الأُخرَى: «حتَّى يُؤثِمَه».
          وقولُ ابنِ عبَّاسٍ: «كَرِهتُ أن أُحْرِجَكم» [خ¦668]؛ أي: أضيِّق عليكم، وأشُقَّ بإلزامِكم السَّعيَ إلى الجماعةِ في الطِّينِ والمَطرِ.
          وجاء في الرِّوايةِ الأُخرَى: «كَرِهتُ أنْ أُؤَثِّمَكم» [خ¦668]؛ أي: أن أكون سببَ اكتِسابكم الإثمَ عند ضِيقِ صُدورِكم بتَحمُّل مَشقَّةِ المَطرِ والطِّينِ، فربَّما سخِطَ وتكلَّم بما يُؤْثَم فيه.
          وجاء في بعضِ الرِّواياتِ: «أنْ أُخْرِجَكم _من الخرُوجِ_ تمشُونَ في الطِّينِ». [خ¦901]
          وقوله: «وحدِّثوا عن بني إسرائيلَ ولا حَرَجَ» [خ¦3461]؛ أي: ذلك مباحٌ غيرُ مُضيَّقٍ عليكم فيه؛ لأنَّ العَجائبَ قد كانت فيهم كثيرةً، وقيل: ولا حرَج عليكم في تَركِ التَّحدُّثِ عنهم، بخِلاف التَّحدِيث عنِّي بما يَلزَم تبلِيغُه، قاله الشَّافعيُّ ☺.
          وقوله في الحيَّاتِ: «حَرِّجوا عليها ثلاثاً» تأوَّله مالكٌ أن يقولَ لها ثلاثَ مرَّات: أحرِّجُ عليكَ أن لا تَبدُوَ لنا ولا تُؤذِينا، وغيرُه يتأوَّل أنَّ ذلك يجوز بكلِّ لفظٍ فيه تَضيِيقٌ عليها، ومُناشدةٌ لها بألفاظِ الحرَجِ والعُهودِ المضَيِّقَةِ.
          وقوله في الأنصارِ: «تَحرَّجوا أن يَطُوفوا بالصَّفا والمَروةِ» [خ¦1643]، وقوله صلعم في سَبيِ أوطاسٍ: «فتَحرَّجوا»؛ أي: خافوا الحَرَجَ، وهو الإثمُ، كذا للسَّمرقنديِّ وابنِ ماهانَ، وللطَّبريِّ: «تخوَّفوا»، وللسِّجْزيِّ: «تَحوَّبوا»؛ أي: خافوا الحُوْبَ، وهو الإثمُ.
          [قوله: «فلمَّا أَكثَروا من التَّذكِرةِ والتَّحْريجِ» [خ¦6073] يعني تخويف الحَرَجِ والإثمِ].
          443- وقوله: «الحَرُورُ» [خ¦59/4-4984] بفتحِ الحاء وهو الحرُّ الشَّديدُ واسْتِعارُهُ بالنَّهارِ واللَّيلِ، وأمَّا السَّمومُ فلا يكون إلَّا نهاراً مع الشَّمسِ، قاله أبو عُبَيدة، وقال الكسائيُّ والأصمعيُّ: «الحَرُوْرُ» هو السَّمومُ.
          قوله: «واستحَرَّ القتلُ» [خ¦4679]؛ أي: كثُر واشتدَّ.
          وقوله: «ويَستحِلُّ الحِرَ» [خ¦5590] مُخفَّفُ الرَّاء: اسمٌ لفَرْجِ المَرأةِ، وروَاه بعضُهم بشدِّ الرَّاء، والأوَّلُ / أصوبُ، وقيل: أصلُه بالتَّاء بعد الرَّاء فحُذِفت.
          وقولها: «أَحَرُورِيَّةٌ أنتِ» [خ¦321] منسوبةٌ إلى خوارجِ حَرورَاء، قريةٌ تعاقَدوا بها على رَأيِهم.
          قوله: «وَلِّ حارَّها _أي: شِدَّتَها ومشقَّتَها_ من تولَّى قارَّها»؛ أي: خيرَها ودَعَتَها.
          قوله: «جَلاميدُ الحَرَّةِ»، و«حرَّةُ المَدينةِ» [خ¦6268]، و«شِراج الحَرَّةِ» [خ¦2359] كلُّ أرضٍ ذاتِ حِجارةٍ سُودٍ يقال لها: حرَّةٌ، وذلك لشدَّةِ حرِّها وَوَهْجِ الشَّمسِ فيها، وجمعُها حِرارٌ، وحرَّاتٌ، وأَحرِّينَ، وأَحرُّون في الرَّفع.
          و«حُرُّ وَجْهِها» صَفْحَتُهُ وما رَقَّ من بَشَرتِه، وحُرُّ كلِّ شيءٍ أفضلُه وأرفعُه قَدْرَاً.
          وقولُ أنسٍ: «خَزَّاً ولا حَريرَةً» [خ¦1973]؛ أي: قِطعةً من حريرٍ.
          444- وقوله: «أنا أُحْرِزُ ما كان أبي أحرَزَ» يعني من الولاءِ؛ أي: أَحُوْزُهُ وأنفرِدُ به.
          وقوله: «خرجتُ إلى جَبَلٍ لأُحْرِزَهُ» [خ¦2301]؛ أي: لأمنَعه فيه وأخلِّصَه، يعني أميَّةَ ابنَ خلَفٍ.
          445- قوله صلعم: «الحَرِقُ شهيدٌ» هو المحتَرِقُ بالنَّار.
          وعند بعضِ رواة «الموطَّأ»: «الحرِيقُ» بالياء كالجَريحِ.
          وقوله في الضَّالَّة: «حَرَقُ النَّارِ» قال ثعلبٌ: يعني لَهَبَها؛ أي: أنَّها تُفضِي بآخِذها إلى ذلك.
          قوله: «باب حَرقِ الحَصيرِ» [خ¦76/27-8519] صَوابُه: «إحراقُ الحَصير»؛ لأنَّ الفِعلَ «أحْرَقتُه» لا «حَرَقْته».
          446- قوله: «خمس يُقتلْنَ في الحِلِّ والحَرَمِ».
          وفي روايةٍ: «في الحَرَم والإحرامِ»؛ أي: في حَرمِ مكَّة، وجاء في روايةِ زُهَيرٍ: «في الحُرُمِ والإحرامِ»؛ أي: المواضِعِ الحُرُمِ، جمعُ «حَرامٍ»، كما قال: {وَأَنتُمْ حُرُمٌ} [المائدة:1].
          قوله: «وأشهُرُ الحجِّ... وحُرُم الحجِّ» [خ¦1560] بضمِّهما كذا لهم، وضبَطه الأصيليُّ بفتحِ الرَّاء، كأنَّه يريدُ الأوقاتَ، أو المواضِعَ، أو الأشياءَ، أو الحالات، وأمَّا بفتحِ الرَّاء فجَمعُ حُرْمَةٍ؛ أي: ممنوعاتُ الشَّرعِ ومحرَّماتُه، ولذلك قيل للمَرأةِ المُحرَّمةِ بالنَّسبِ: حُرْمَةٌ، وجمعُها: حُرَم، ويقال لها أيضاً: مَحْرَمٌ، وللرَّجلِ كذلك.
          وفي البخاريِّ: «وقال الحسنُ: إذا تَزوَّجَ مَحْرَمَهُ» بفتحِ الميم وسُكونِ الحاء وفتحِ الرَّاء والميم بعدها، وهاءُ الضَّميرِ مَضمومةٌ، ومنهم من يجعَلها تاءً مَفتوحةً فيقول: «مَحرَمَةً»، وكذا رأيتُه في نُسخةٍ عَتيقةٍ من / نُسخِ أبي ذرٍّ، ولم أروِه، ومنهم مَن يقول: «مُحَرَّمَةً» [خ¦68/51-7939]، وهي رِوايتُنا عن الأصيليِّ عن أبي زَيدٍ(1)، والأُوْلَى عن أبي أحمدَ، ووهِم القاضي فقيَّده: «مُحْرِمَةً».
          وفي «باب الحَلْقِ والتَّقصيرِ»: «عند الإحرام»، كذا لابنِ السَّكنِ والقابسيِّ.
          وعند أبي ذرٍّ والأصيليِّ: «عند الإحلالِ» [خ¦25/127-2709]، وهو الصَّوابُ.
          وفي «المُوطَّأ»: «ولو أنَّ رجلاً نكحَ امرأةً في عِدَّتِها نكاحاً حراماً فأصابها حَرُمت على ابنِه» كذا لابنِ القاسمِ وابنِ بُكيرٍ.
          وعند يحيى: «نكاحاً حلالاً».
          وعند ابنِ وَهبٍ وابنِ زياد: «نكاحاً لا يصلُح».
          وعند ابنِ نافعٍ: «على وجهِ النِّكاحِ»، وكلُّ ذلك صحيحٌ، ومعنى «حلالاً»؛ أي: نكاحاً يُعتَقدُ تحليلُه جَهْلاً بتحرِيمِه، فعقَدَ عليها بالنِّكاحِ كما يَعقِد الحلالُ، لا أنَّه قصَد مَقصِد الزِّنا.
          قوله صلعم: «إلَّا أنَّا حُرُمٌ» [خ¦1825]؛ أي: مُحرِمون، جمعُ «حَرامٍ».
          وقوله: «المدينةُ حَرَمٌ ما بين كَذَا إلى كَذَا» [خ¦1867]؛ أي: مُحَرَّمةٌ ممنوعةٌ مِن قَطعِ شجَرٍ وصيدٍ حيوانٍ.
          وقوله: «أمَا علمتَ أنَّ الصُّورةَ مُحرَّمَةٌ»؛ أي: مُحَرَّمَةُ الضَّربِ؛ أي: ذاتُ حُرْمةٍ.
          وقوله: «حَرَّمْتُ الظُّلمَ على نَفسِي»؛ أي: تقدَّسْتُ عنه وتعالَيتُ، فهو مُحالٌ في حقِّه؛ إذ لا يُصادف لغيرِه مُلْكاً، ولا لأحدٍ عليه أمرٌ، فكان الظُّلمُ في حقِّه كالشَّيءِ المُحَرَّمِ المَمنوعِ على النَّاس؛ إذ لا يُتَصوَّر في حقِّه، ولا يُمكِن فرضُه.
          قولها: «طيَّبتُ رسولَ الله صلعم لحُرْمِه... ولحِلِّه» بضمِّ الحاءِ وكسرِها، والضَّمُّ أكثرُ، وكذا قيَّده الخطَّابيُّ، وخطَّأ الكَسرَ، وكذا قيَّدناه في الهرويِّ، وقيَّدناه في «الدَّلائل» بالكَسرِ، وقال: أصحابُ الحديثِ يقولونه بالضَّمِّ، وصَوابُه الكَسرُ، كما يُقال: «لحِلِّه»، وقرأ ابنُ مَسعودٍ: {وحِرْمٌ عَلَى قَرْيَةٍ}[الأنبياء:95](2)، والحِرْمُ والحَرامُ بمعنًى، والحِرْمُ في حديثِ عائشةَ بمعنَى الإحرامِ.
          وقوله: «فهو حَرامٌ بحُرمةِ الله» [خ¦1834]؛ أي: بتَحرِيمِه، وقيل: الحرمةُ الحقُّ؛ أي: بالحقِّ المانعِ من تَحلِيله.
          وعند الأصيليِّ: «فهو حرامٌ يُحرِّمُه الله»، والأوَّلُ أوجَهُ. /
          وقوله: «وهو نائمٌ في المَسجدِ الحَرامِ». [خ¦7517]
          وعند الأصيليِّ في «بابِ صفةِ النَّبيِّ صلعم»: «في مَسجدِ الحَرامِ». [خ¦3570]
          قوله: «فتَحَرَّم بلَبنِها»، كذا للكافَّةِ، ولأبي عُمرَ: «فيَحْرُم»، والأوَّلُ أوجهُ، وكما لأبي عُمرَ وقَع في «الملخَّص» عند بعضِ شيُوخِنا عن غيرِ حاتمٍ، وحاتِمٌ على لَفظِ الماضي، وهو أظهَر؛ لأنَّه خبَرٌ من الرَّاوي عن حالِ سالمٍ بعد هذا الرَّضاعِ، وليس مِن كلامِ النَّبيِّ صلعم.
          447- وقوله: «أنَّ حِرْفَتي» [خ¦2070]؛ أي: كَسبي، وقوله: «ويَحترِفُ للمُسلِمينَ فيه» [خ¦2070]؛ أي: يَكتسِب لهم ما ينفعُهم، أو يكون بمعنَى يُجازِيهم، يقال: أحرَفَ الرَّجلُ إذا جازى على خيرٍ أو شرٍّ.
          وقوله في النِّساءِ: «لا يُؤْتَيْنَ إلَّا على حَرْفٍ»؛ أي: على جَنبٍ، لا مُستلقِيةً ولا مُجَـــبِّـــيَةً.
          وقوله: «وقال بيدِه فحَرَّفَها» [خ¦85] كأنَّه يريدُ القتلَ، وصَفَ بها قَطْعَ السَّيفِ بحدِّه.
          قوله صلعم: «أُنزلَ القرآنُ على سَبْعةِ أحرُفٍ» [خ¦2419]؛ أي: على سبعِ لُغاتٍ مفرَّقةٍ في القرآن، وقيل: سبعةِ أحكام، وقيل: سبعِ قراءات.
          قوله: «ويَذهَبُ حُرَاقُه»؛ أي: ما فيه من حَرقِ النَّارِ وأثرِها.
          وقوله: «فإذا رجلٌ...أحرَق المُسلِمينَ»؛ أي: أثخَن فيهم كأنَّه عمِل فيهم ما تعمَله النَّارُ، ويحتَمِل أن يريدَ غاظَهم، يقال: فلان يَحْرُقُ عليَّ الأُرَّمَ إذا صَرَف أنيابَه غيظاً.
          448- قوله: «مُحرِّشاً على فاطمةَ»؛ أي: مُغرِياً بها، ومثلُه قولُه: «ولكنْ في التَّحْريشِ بينَهم» يعني: الإغراءَ بعضهم ببعضٍ حتَّى يقتَتِلوا، ومنه «التَّحريشُ بين البهائمِ» حملُ بعضِها على بعضٍ بالإغراءِ والتَّسليطِ.
          449- قوله: «حَريسَةِ جبلٍ» هي ما في المرعَى من المواشي، فَعِيلةٌ بمعنَى مفعولة؛ أي: وإنَّها وإن حُرِسَت في الجبل فلا قَطْعَ فيها، قال أبو عُبيدٍ: وبعضُهم يجعَلها السَّرقةَ نفسَها، وقال أبو عُبَيدةَ: هي التي تُحْرَسُ؛ أي: تُسرَقُ من الجبَل، قال يعقوبُ: المحتَرِسُ الذي يسرِق الماشيةَ فيأكلُها، قال غيرُه: يقال: حرَس يحرِسُ، واحتَرَس يحتَرِس إذا سرَق.
          450- قوله: «يَتحرَّى أماكنَ النَّبيِّ صلعم» [خ¦483]، و«لا تَحرَّوا / بصَلاتِكم» التَّحرِّي الطَّلبُ للصَّوابِ، والمُتحرِّي طالبُ طريقِ الصَّوابِ، والحرَى النَّاحيةُ، وفلانٌ حَرِيٌّ بكذا؛ أي: حَقيقٌ به وخَليقٌ، ويقال أيضاً: حَرٍ بكذا، وحَرًى بكذا، الواحدُ والاثنان والجماعةُ بلفظٍ واحدٍ، وكذلك المؤنَّثُ؛ يعني: إذا قلتَ: حرًى، وأمَّا إذا قلت: حَرٍ وحَرِيٌّ؛ فإنَّك تُثَنِّي وتَجمَع وتُؤَنِّث، وما أحراه بكذا؛ أي: ما أحقَّه، وحَرَى أن يكون كذا، على مثال عسى وبمعناها، فِعلٌ غيرُ مُتصرِّفٍ، وفلانٌ أحرَى للصَّوابِ؛ أي: أقربُه إليه، وأدناه منه.


[1] في (س): (ذرٍّ).
[2] بها قرأ شعبة وحمزة والكسائي، انظر: «التيسير في القراءات السبع» 1/105.