مطالع الأنوار على صحاح الآثار

الحاء مع الجيم

          الحاء مع الجيم
          423- قوله: «حِجابُه النُّورُ، أو النَّارُ»، وقوله: «ويُرفَع الحِجابُ»، أصلُه السَّترُ الحائلُ بين الرَّائي والمرئيِّ فلا يراه، وهو هاهنا راجعٌ إلى مَنعِ الأبصار من إدراكِه بالرُّؤيةِ، فقام ذلك المنعُ مَقامَ السَّترِ الحائلِ، فعُبِّر عنه به؛ إذ هو المتقَدِّس عن الجهة والنِّهاية والقَدْرِ والحَدِّ، المنزَّهُ عن أن يُحيطَ به شيءٌ أو يحولَ دونَه حجابٌ.
          وقوله في دَعوةِ المَظلومِ: «ليسَ بينَها وبين الله حِجَابٌ» [خ¦2448] معناه أنَّها مَسموعَةٌ مُتقبَّلةٌ، غيرُ مَردودةٍ.
          وقوله صلعم في «الموطَّأ»: في «باب بيعِ المُكاتَب»: «وإنَّ مالَه مَحجوبٌ»، كذا لابن وضَّاحٍ وابن المشَّاطِ وبعضِ رواة مالك، ولأكثرِ الرُّواة عن يحيى: «محجور» بالرَّاء، وكلاهما صَحيحٌ؛ أي: ممنوعٌ، والحَجْرُ والحَجْبُ: المنعُ، ورُوِي بالزَّاي.
          قوله: «حاجبُ الشَّمسِ» [خ¦583] هو حَرفُها الأعلى من قُرصِها، وحَواجبُها نَواحِيها، وقيل: سُمِّي بذلك؛ لأنَّه أوَّلُ ما يَبدُو منها كحاجبِ الإنسانِ، وعلى هذا يَختصُّ الحاجبُ / بالحَرفِ الأعلى البادِي أوَّلاً، ولا يُسمَّى جميعُ نواحيها حواجِبَ.
          424- قوله: «فحجَّ آدمُ موسى» [خ¦3409]؛ أي: ظهَرت حُجَّتُه وغَلَبَه بها، وله معنًى.
          وقوله: «سارق الحَجِيجِ» [خ¦3516] يعني الحُجَّاجَ.
          وقوله: «ذو الحَجَّة» [خ¦1572] بالفتحِ، وأجاز بعضُهم الكسرَ، وأباه آخرون، والحَجَّة بالفتحِ هو الاسم من الحجِّ، والحِجَّة بالكسر هي المرَّةُ الواحدةُ من الحجِّ، وهو نادرٌ في هذا فقط، وسائرُ المَصادرِ تأتي بالفتحِ كالقَتْلةِ والشَّرْبَةِ والضَّرْبَةِ، فانقَلب هذا عندهم وشذَّ، وقيل: الحَجُّ بالفتح الاسمُ والمَصدرُ، وقيل: الحَجُّ بالفتحِ المَصدرُ.
          قوله: «فأنا حَجِيجُه دونَكم»؛ أي: مُحاجُّه ومُناظِرُه.
          و«حجاج العين» بالفتحِ وبالكسرِ العظْمُ المستدِيرُ بها.
          425- وقوله: «فانْخنثَ في حَجْري» [خ¦2741]، و«أَجلسَه في حجْره» [خ¦223] بفتحِ الحاء وكسرِها، وهو الثَّوبُ والحِضْنُ، وإذا أُرِيد به المَصدرُ فالفتحُ لا غيرُ، وإن أُرِيد به الاسم فالكسرُ لا غيرُ، وكذلك العَقلُ(1) بالكسرِ لا غيرُ، ومثلُه حِجرُ ثمودَ، وهي مدائنُها.
          وقوله: «رَبِيبَتي في حَجْري» [خ¦5101]، و«في حَجْرِ مَيمونةَ» [خ¦3226]، وما كان مثلَه بالفتحِ لا غيرُ، ومعناه في الحَضانةِ والتَّربيةِ وتحت نظَرِها ومَنعِها ممَّا يجِب المنعُ منه، و«حِجْر الكَعبةِ» [خ¦3856] بالكسرِ لا غيرُ.
          وفي الحديثِ: «فأتيتُ به الحُجَرَ» جمع حُجْرَة، وهي البُيوتُ، وكلُّ مَوضِع حُجِر عليه بحِجارةٍ فهو حُجْرَةٌ، والحِجارُ الحائطُ، ومنه: «احتَجرَ حُجَيْرةً بخَصَفَة» [خ¦6113] افتَعل من الحَجرِ، ومثلُه: «ويحتجِرُه باللَّيلِ». [خ¦730]
          وقوله: «فجلَس حَجْرةً»؛ أي: ناحيةً غيرَ بعيدٍ، وكذلك: «تَطوفُ حَجْرةً» [خ¦1618] بالفتحِ لا غيرُ.
          وفي حديثِ سَعدِ بنِ مُعاذٍ: «فتَحجَّرَ كَلْمُه»؛ أي: يبِسَ فصار كالحَجرِ.
          وقوله: «بعدما حُجِرَ الحِجْرُ» بتَخفيفِ الجيم، وقد رُوِي بشدِّها؛ أي: سُتِر ومُنِع.
          وقوله: «وعصَّبَ بطْنَه... على حَجَر» كانوا يفعَلون ذلك تدعيماً لقناةِ الظَّهر، ويشُدُّون على الحَجر ثوباً، وذلك عند شِدَّةِ الجوع وخَواءِ المَعِدَة، فيجِدون لذلك قوَّةً ما، وقيل: ذلك استعارةٌ وعِبارةٌ عن شِدَّةِ الحال، والأوَّل أظهَر. /
          426- قوله: «فحَجَلَ»؛ أي: قفَز على رِجلٍ واحدةٍ سُروراً وفرحاً، ورفَع الأخرى كالرَّاقص، وقد يكون عليهما جميعاً كالمُقيَّد، وهو كالرَّقص أيضاً.
          ومنه: «يَحجُل في قُيودِه» [خ¦2700] بضمِّ الجيم؛ أي: يمشي مشيَ المُحَجَّل وهو المقيَّد، والحَجْلُ: القَيدُ، والحَجْلُ: الفعلُ، ومثلُه: «فَحَجَلْتُ»؛ أي: جعَلتُ أقفِز على رِجلٍ واحدةٍ؛ لِمَا أصابَه في الأخرى.
          427- و«صاحبُ المِحْجَنِ»، و«يَحجُنه بمِحْجَنه» [خ¦2097]، «المِحجَنُ» بكسر الميم: عصاً مُعوجَّةُ الرَّأس كالمِخْطَف، اشتُقَّ منها الفعلُ بها، فمعنى «يحجُنه»: ينخَسُه بمحجَنِه؛ أي: بطرَف العصا المسمَّاة مِحجناً، كما يُقال: نَسَأه بمِنْسَأته.
          قوله: «غُرَّاً مُحَجَّلينَ» [خ¦136]؛ أي: بِيضَ الوجوه واليدين والرِّجلين من نورِ الوُضوء، كالفرَس الأغَرِّ الذي في وجهِه بياضٌ، المُحَجَّل: وهو الذي قوائمُه بيضٌ.
          وقد جاء في الحديث: «غرَّاً من السُّجود مُحجَّلين من الوضوء».
          428- وقوله: «أُعلِّقُ فيه مِحْجَماً» هي الآلةُ التي يَجتمِع فيها دمُ الحِجامة حينَ انبعاثِه بالمَصِّ من الجسم.
          وقوله: «شَرْطَةِ مِحْجَمٍ» [خ¦5680] هو هاهنا المِشرَط من الحديد.
          429- قوله: «والحَجَفَة» التُّرس والدَّرَقَة.
          430- وقوله: «فما احتَجَزوا حتَّى قتلُوه» [خ¦3290] بالزَّاي؛ أي: لم ينفصِلوا عنه ولا بانوا منه.
          قوله: «وأنا آخِذٌ بحُجَزكم» [خ¦6483] بفتحِ الجيم، جمعُ حُجْزَة، وهي: مَعقِدُ السَّروايل والإزار، ومنه: «فأَخْرَجَتْه من حُجْزَتها» [خ¦3081]، وللقابسيِّ وحدَه: «من حُزَّتِها» على الإدغام، وهي لغةُ العامَّةِ، وفي الحديث: «ومنهم من تأخذُه النَّار إلى حُجْزَته»؛ أي: إلى موضِع مَعقِد إزارِه، كما رُوِي: «إلى حَقْوَيه»؛ أي: خَصْرَيه، وهناك يُعقَد الحَقْوُ، وهو الإزار، سُمِّي حَقْواً باسم الموضِع المختصِّ به.


[1] كما في قوله تعالى: {قَسَمٌ لِّذِي حِجْرٍ} [الفجر: 5].