مطالع الأنوار على صحاح الآثار

الحاء مع القاف

          الحاء مع القاف /
          521- قوله: «وأحْقَبها خَلفَه» [خ¦1518]؛ أي: أردَفها في مَكانِ الحقِيبَة، كذا رويناه، وقد رواه بعضُهم: «وأعقَبَها خلفَه»؛ أي: جعَلها خلفَه.
          قوله: «ونحنُ خِفافُ الحَقائبِ» جمعُ حقِيبةٍ، وهي ما يُشَدُّ في مُؤخِّرَة الرَّحْل، يرفَع الرَّجلُ فيها متاعَه، ومنه: احتَقب خيراً أو شرَّاً، كأنَّه رفعَه في حقِيبتِه لوقتِ حاجتِه.
          قوله: «فانَتزعَ طَلْقاً من حَقَبِه» هو حبلٌ يُشَدُّ وراءَ البعير، وضبَطه بعضُهم: «حَقْبِه» بالسُّكون؛ أي: ممَّا احتَقبَه، وقد تقدَّم في الجيم.
          522- «نهى عن المُحاقَلَةِ» [خ¦2186] كِراءُ الأرض بالحِنطةِ، أو كِراؤُها بجُزءٍ ممَّا يخرُج منها، وقيل: بيعُ الزَّرع قبلَ طِيبِه، أو بيعُه في سُنبُله بالبُرِّ، وهو من الحَقْل، وهو الفدَّان، ومنه: «وتَحقِل(1) على أَرْبِعاءَ لها» [خ¦938]؛ أي: تَزرَع، والمحاقِلُ المَزَارِعُ، وقيل: الحَقْلُ الزَّرعُ ما دامَ أخضَرَ، وقيل: أصلُها أن يأخُذ أحدُهما حَقْلاً من الأرض يَحقِل له آخَرُ؛ لأنَّها مُفاعلةٌ، وهذا ضعيفٌ، وقيل: المحاقلةُ بيعُ الزَّرعِ بالحِنطةِ كيلاً كالمُزابنةِ في الثِّمار، وبهذا فُسِّر في حديثِ جابرٍ في «صحيح مسلم».
          523- قولها: «بين حاقِنَتي وذاقِنَتي» [خ¦4438] الحاقِنةُ ما سفَل منَ البطنِ، والذَّاقنةُ ما علا، وقيل: الحاقِنةُ ما دون التَّرقُوَتَين منَ الصَّدر، وقيل: الحاقِنةُ ما فيه الطَّعامُ، وقيل: الحاقنتان الهَبْطتان اللَّتان بين التَّرقُوَتَين منَ الصَّدرِ وحَبلَي العاتق، قال أبو عُبيدٍ: الحواقِنُ ما يَحقِن الطَّعامَ في البَطنِ، والذَّواقِنُ أسفَل من ذلك، وقيل: الذَّاقنةُ ثغرةُ الذَّقنِ، وقيل: طرَفُ الحُلقومِ.
          524- و«الحِقَّةُ» [خ¦1453] من الإبلِ ابنةُ ثلاثٍ قد دخَلت في الرَّابعةِ، سُمِّيت حِقَّةً؛ لأنَّها استحقَّت الحَمْلَ والرُّكوبَ، وقيل: لأنَّها استَحقَّت أن يضْرِبَها الفَحْلُ، وقيل: لأنَّ أمَّها استَحقَّت الحَمْلَ منَ العام المُقبِل، والذَّكَرُ حِقٌّ.
          وقوله: «حَقُّ المسلمِ على المُسلمِ» [خ¦1240] حَقَّ الشيءُ وجَب، وأيضاً: ثبَت، وأيضاً: صَدَق؛ أي: واجبُ المُسلمِ على المسلمِ كذا، و«أَعطُوا الطَّريقَ حقَّه» [خ¦2465] واجبَه، «ما حقُّ امرئٍ / مسلمٍ له شيءٌ يُوصِي فيه» [خ¦2738]؛ أي: ما الواجبُ عليه إلَّا كذا، ويكونُ بمعنَى الحَزمِ وحُسْنِ النَّظرِ، و«يُؤدِّي حقَّها» [خ¦1460]؛ أي: واجبَ الله تعالى فيها، و«استَحقُّوا العُقوبةَ» استَوجَبوها، و«استَوعَى له حقَّه» [خ¦2362]؛ أي: ما أَوجَبَ له الحكمُ.
          قوله: «لا يَبلغُ العبدُ حقيقةَ الإيمانِ» [خ¦2/1-10]؛ أي: مَحْضَه وخالِصَه، وقوله صلعم: «مَن رآنِي فقد رأى الحقَّ» [خ¦6996]؛ أي: رُؤيا صادِقةً ليس بضَغْثٍ، وقيل: فقد رآني حقيقةً؛ أي: رأى ذاتِي غيرَ مُشبَّهةٍ، وقوله: «أَميناً حقَّ أَمينٍ» [خ¦3745]؛ أي: صدقاً، وقيل: هو من الوُجوبِ؛ أي: مَن وجَبت له هذه الصِّفةُ واستَوجَب الوَصْفَ بها.
          قوله: «فجاء رجلان يَحتقَّانِ»؛ أي: يتَطالَبان حقَّاً ويتَنازَعانِه، وقوله: «ويَحتَقُّونَها(2) إلى شرقِ المْوتَى»؛ أي: يُضَيِّقون وقتَها إلى ذلك، يقال: هو في حاقٍّ(3) مِن كذا؛ أي: في ضِيقٍ.
          وقول البُخاريِّ: «فيها الثَّوابَ والعِقابَ وحواقَّ الأُمورِ» [خ¦81/48-9738]؛ أي: حقائِقَها، وقوله: «أتدرِي ما حقُّ العِبادِ على الله» [خ¦2856]؛ أي: حقُّهم الذي وعدَهم به، ومن صِفةِ وَعْدِه أن يكون واجبَ الإنجازِ، فهو حقٌّ بوَعْدِه الحقِّ، لا أنَّهم يستَحقُّون ذلك بعَملٍ عقلاً، وقوله: و«لا تَفُضَّ الخاتَمَ إلَّا بحَقِّه» [خ¦2215]؛ أي: بواجبِه في الشَّرعِ الذي كانوا عليه.
          525- في حديثِ نُزولِ عيسى ◙: «ويَستَظِلُّون بقِحْفِها» يعنِي الرُّمَّانةَ؛ أي: بمقعرِ قِشْرِها، والقِحْفُ أعلا جُمجُمة الرَّأس، قلت: وحقُّ هذا أن يكون في حرفِ القاف.
          قوله: «وإِذَا ظبيٌ حَاقِفٌ»؛ أي: مُنحَنٍ، قال ابنُ وهبٍ: واقفٌ رأسَه بين يدَيه، وأصلُه من الانعِطافِ والاستِدارَة، احقَوْقَف الهلالُ والرَّمْل.
          526- قوله: «فأعطانا حِقْوَه» [خ¦1253] فسَّره بالإزارِ، وأصلُه مشدُّ الإزارِ من الإنسانِ، وهو الخاصِرتان، وقيل: طرَفا الوَرِكين، ثمَّ سُمِّي به الإزارُ، وجمعُه أحْقٌ وأَحْقاءٌ، وقوله في الرَّحِم: «أَخذَتْ بحَقْوَيِ الرَّحمنِ» [خ¦4830] قلنا: إنَّ الحَقْوَ مشدُّ الإزارِ، ومِن شأنِ المُحتَرم بحُرمةِ العزيزِ / والمستَجِير به أن يدفَع إليه ثوباً من ثيابِه يحتَزِمُ به ويحتَمِي ممَّن يُرِيده، ثمَّ الإزارُ من أوْكَد ما يُحزَم به ويُستَجار؛ لأنَّه ممَّا يُحامِي عليه الإنسانُ ويَدفَع عنه، حتَّى يقال: «نَمنَعه ممَّا نمْنَع منه أُزرَنا» وهي الأحْقاءُ، وكأنَّ المستَجيرَ ربَّما أخَذ بطرَف ثوبِ المُستَجارِ به، أو بطرَفِ إزارِه، فلا يُسْلِمه بحالٍ، فاستُعير ذلك مجازاً للرَّحمِ واستِعاذتِها بالله تعالى من القَطيعةِ؛ لِمَا في ذلك من المبالغةِ والتَّأكيدِ في التَّقريبِ للمَعْقولِ بالمثالِ المَحسوسِ المُعتادِ بينَهم.
          وقوله: «ومنهم مَن تأخُذُه النَّارُ إلى حَقْوَيه»؛ أي: خَصرَيه.


[1] هي رواية الكشميهنيِّ، وللكافية: (تجعل). «الفتح» 2/427.
[2] الصواب كما في مسلم ░534▒: «يَخْنُقونَها»، لم يحك أحدٌ فيه الخلاف.
[3] الصَّوابُ: «خناق» كما يأتي، وكما في «الإكمال»، وكذا حكاه النووي والقرطبي والسيوطي في شروحهم.