مطالع الأنوار على صحاح الآثار

الحاء مع الياء

          الحاء مع الياء
          548- قوله: «فحادَت»؛ أي: مالَت عند نِفارِها عن سَنَن طَريقِها، ومنه في حديثِ الجنُبِ: «فحَاد عنه»؛ أي: مالَ عنه إلى جهةٍ.
          549- وقوله: «يَحارُ فيها الطَّرْفُ» [خ¦56/6-4373]؛ أي: يتَحيَّر ولا يهتَدي سبيلاً لنظَره؛ لفَرطِ حُسنِها.
          550- قوله: «ما حاكَ في الصَّدْرِ» [خ¦2/1-10] مخفَّفُ الكاف، قال الحربيُّ: هو ما يقَع في خَلْدِك، ولا ينشَرِح له صدرُك، وخِفْتَ الإثمَ فيه، وقال بعضُهم: صوابُه: (حكَّ) ولم يقُل شيئاً، بل العربُ تقول: حاك يَحِيك، وحكَّ يَحُكُّ واحتكَّ، وأحاك لغةٌ، إذا تحرَّك.
          551- وحِيالُ الشَّيء مُقابلُه «حِيالَ أُذُنَيه»، و«حِيالَ مُصلَّى النَّبيِّ صلعم» [خ¦517] من ذَواتِ الواو انقلَبت ياءً من أجلِ الكَسرةِ؛ لأنَّه من حَولِ الشَّيء جانبُه.
          552- قوله: «يَتحَيَّنون الصَّلاةَ» [خ¦604] كلُّهُ مِنْ تطَلُّبِ الحين وتَحرِّيه؛ وهو الوقتُ، السَّاعةُ فما فوقَها، قاله ابنُ عرفةَ، والصَّحيحُ أنَّه اسمٌ لما يقَع منه من الحرَكاتِ، كالوَقتِ لا يُعرَف قَدرُه في نَفسِه لكن بما يقَعُ فيه.
          553- قوله: «حَاصُوا» [خ¦7]؛ أي: نفَروا وكرُّوا راجِعين، وقيل: جالوا، والمعنى قريبٌ، ومنه: «فحاصَ المسلمون حَيصَةً»؛ أي: جالوا مُنهَزِمين، يعني يومَ حُنين، وبمعناه جاضَ.
          554- قوله: «فَحاسُوا حَيْساً» / [خ¦371]؛ أي: صنَعوا بما جمَعوا حَيْساً، وهو خَلْطُ الأقِطِ بالتَّمرِ والسَّمنِ، وقال بعضُهم: وربَّما جُعِلت فيه خَميرةٌ، قال ابنُ وضَّاح: وهو التَّمرُ يُنزَع نواه ويُخلَطُ بالسَّويق، والأوَّلُ أعرفُ.
          555- قوله: «أنْ يَحِيفَ الله علَيكِ ورَسُولُه»؛ أي: خِفتِ أن يجورَ الله عليكِ ويَمِيلَ عن الحقِّ فيكِ.
          556- و«حائِشُ النَّخلِ» مُجتمَعُه؛ وهو الحَشُّ والحُشُّ والحِشُّ.
          557- قولها: «ثوب حِيضَتي» [خ¦298] بكسرِ الحاء قيَّدناه عن أهلِ الإتقان، وهي الحالةُ التي هي عليها.
          وقوله صلعم: «إنَّ حَيضتَكِ ليسَت في يَدِك» بفتحِ الحاء ضبَطه الرُّواةُ والفُقهاءُ، وقال الخطَّابيُّ: صَوابُه بالكسرِ كالقِعدَة، يريد حالةَ الحيضِ، فأمَّا الفتحُ فالمرَّةُ الواحدةُ، والأظهَرُ ما قال الفُقهاءُ؛ لأنَّه إنَّما نفَى عن يدِها الدَّمَ الذي هو الحيضُ المستَقذَر، وأمَّا حكمُ الحيضِ وحالُه الذي تتَّصفُ به المرأةُ فلازمٌ بجُملتِها وأبعاضِها، وإنَّما تأتي الفِعْلةُ في هَيآت الأفعال لا في الأحكامِ والأحوال.
          جاء في بعضِ رواياتِ مسلمٍ: «وأنا حائِضةٌ»، والمعروفُ المشهورُ بغيرِ هاءٍ؛ لاختِصاص المرأةِ فيه، فلم يُحتَج إلى تفْرِقَةٍ، أو على النَّسبِ؛ أي: ذاتُ حيضٍ، وقد جاء «طالِقةٌ» كما جاء في هذا الحديث: «حائِضةٌ»، وكما قيل: ريحٌ عاصِفةٌ.
          558- قوله: «{الْحَيَوَانُ} [العنكبوت:64] والحِيُّ واحدٌ» [خ¦65-6979]، كذا عند الكافَّة، وهو مَصدرُ حيّ حِيَّاً، مثلُ عيَّ عِيَّاً، وقيل: الحِيُّ جمعُ حياةٍ، كعَصاة وعِصِيٍّ، فالأصلُ حَيِيَ، ثمَّ أُدغِمت الياءُ في الياءِ، وعند ابنِ السَّكن والأصيليِّ: «{الْحَيَوَانُ} والحياةُ واحدٌ».
          و«نهرُ الحياةِ» [خ¦6560]، و«نهرُ الحيوانِ»، و«ماءُ الحياةِ» [خ¦806] كلُّه من هذا الذي يَحيَى به النَّاسُ عند خروجِهم من النَّار.
          و«التَّحيَّاتُ لله» [خ¦831] جمعُ تحيَّة؛ أي: جميعُ التَّحيَّاتِ التي كان الملوكُ يُحَيَّون بها فهي لله تعالى وحدَه، قاله ابنُ قُتيبةَ، وقيل: التَّحيَّةُ المُلْكُ، وقيل: البقاءُ، وقال بعضُهم: هو من قوله: «ومحيَايَ لله»، ورَدَّ هذا القولَ أهلُ العربيَّةِ.
          «الحياءُ / من الإيمان» [خ¦24]؛ لأنَّه يمنَع ممَّا يمنَع منه الإيمانُ.
          «والشَّمسُ حَيَّةٌ» [خ¦541]؛ أي: مُستَحِرَّةٌ لم تَذهَب حياتُها التي هي حرُّها، وقيل: بَيِّنَةُ النُّور لم يستَحِلَّ نورُها، قالوا: والشَّمسُ تُوصَف بالحياةِ ما دامَت قائمةَ الأعراضِ؛ منَ الحرارةِ والضَّوءِ، فإذا كانت مع الغُروبِ لم تُوصَف بذلك.
          قوله: «أَحْيَيْنَا يومَنا ولَيلتَنا» [خ¦3652]؛ أي: أسْرَينا.
          قوله: «حيَّ علَى كذا» [خ¦613]؛ أي: هلُمَّ وأقبِلْ، وعلى ذِكْرِ عُمرَ إذا ذُكرَ الصَّالحون، يقال: حيَّ على، وحيَّ هَلَا، وحيَّ هَلاً، وعلى كذا، وإلى كذا، وحيَّ هلَ: منصوبةٌ مخفَّفةٌ مشبَّهةٌ بخمسةَ عشَرَ، وحيَّ هَلْ بالسُّكون لكثرةِ الحَركات، وتشبِيهاً بصَهْ ومَهْ وبَخْ، وحيَّ هْلَ بسكون الهاء.
          وأمَّا قولُه في روايةِ الكافَّةِ عن الفِربريِّ في آخِر «كتابِ الأشرِبَة»: «حيَّ على أَهلِ الوُضوءِ» [خ¦5639]، وسقَط «أهل» عند النَّسفيِّ، قال بعضُهم: وهو الصَّوابُ، كما جاء في الأبوابِ الأُخرِ: «حيَّ على الطَّهورِ» [خ¦3579]، أو لعلَّه: «حيَّ هَلْ»، فاختَلَط اللَّفظُ بـــ «حيَّ على».
          قال القاضي: وعندي أنَّ له وجهاً، وهو أن يكونَ قولُه صلعم ذلك لمن دَعاه ليُنادِي أهلَ الوُضوء؛ أي: هلُمَّ وأقبِلْ على أهلِ الوُضوءِ فادْعُهم، كما قال في الحديث الآخرِ لجابرٍ: «نادِ مَن كانَت له حاجةٌ بماءٍ»،وقد يكون أيضاً له وجهٌ آخرُ، وهو أن يكون «أهل الوُضوءِ» منصوباً بالنِّداء، كأنَّه قال: حيَّ على الوُضوءِ يا أهلَ الوُضوءِ.
          قال السُّلميُّ: «حيَّ» أَعْجِل، و«هَلَا» صِلةٌ، وقال أبو عُبيدٍ: معنى قولِه: «فحَيَّ هَلَا بعُمرَ» عليكَ بعُمرَ، ادعُ عُمرَ، وقيل: معنى «حيَّ» هلمَّ، و«هَلاً» حثِيثاً، وقيل: «هلاً» أسْرِع، جُعِلا كلمةً واحدةً، وقيل: «هلاً» اسْكُن، و«حيَّ» أسرِْع؛ أي: أسرِْع عند ذِكْره، واسْكُن حتَّى يَنقضِي.
          قوله: «سَيِّدُ الحيِّ» [خ¦5007]، و«سمِعتُ الحيَّ يتحدَّثونَ» [خ¦3642] «الحيُّ» اسمٌ لمنزِلِ القَبِيلةِ، ثمَّ سُمِّيت القبيلةُ به؛ لأنَّ بعضَهم يَحيَى ببعضٍ.
          وقوله: «فاستَحيا الله منه» [خ¦66]؛ أي: أثابَه عليه، فسمِّي جزاؤُه على الاستِحياءِ استِحياءً، وهو من بابِ المُقابلةِ والمُوازنةِ.
          قوله في أبي لهبٍ: «أنَّه بِشَرِّ حِيبةٍ» [خ¦5101]، كذا للمُستملي والحَمُّويي، ومعناه سوءُ الحالِ، ويقال فيه أيضاً: «الحَوبَة»، / ولغيرِهما: «بِشَرِّ خَيْبةٍ».
          قوله: «أَقْدِم حَيزُومُ»، كذا للكافَّة، ورواه العُذريُّ: «حَيزُون» بالنُّونِ.
          قوله في الخَوارجِ: «يخرُجون على حين فُرْقةٍ» [خ¦6163]، كذا للكافَّةِ، وعند السَّمرقَنديِّ والجرجانيِّ: «على خيرِ فِرْقَةٍ»، وهما صحيحان، خرَجوا في حين افتراقٍ بين عليٍّ ومعاويةَ في حربِ صِفِّين، و«على خَيرِ فُرقةٍ»، وهم الصَّدرُ الأوَّلُ من الصَّحابةِ، أو على عليٍّ ومن معَه، وهو الذي قاتَلهم، وتُرجَّحُ هذه المقالَةُ بقوله صلعم: «يَقتُلُهم أَدنى الطَّائفتَين إلى الحقِّ» .
          قوله: «فحالَت منِّي لَفتَةٌ»؛ أي: تحوَّلَتْ عنِ النَّظرِ إلى ما كانت تَنظُر إليه من قَبلُ، وهذه روايةُ الصَّدفيِّ، ولغيرِه: «حانَت»؛ أي: وقَعَت واتَّفقَت منِّي نظْرةٌ والتِفاتةٌ صادَفت حينَها؛ أي: وقتَها.
          قوله: «تَقطَّعَت بي الحِبَالُ»، و«الجبالُ» تقدَّم.
          «فيُلقَون في نهرِ الحياءِ أو الحياةِ» [خ¦6560] بمدِّ الأوَّلِ في كتابِ الأصيليِّ، وبالقَصرِ لغَيرِه، ولا وجهَ لذِكْرِه هاهنا لا ممدوداً ولا مَقصوراً، لكن للمَقصورِ معنًى، وهو كلُّ ما يحيَى النَّاسُ به، والحياءُ المطرُ، والحياءُ الخِصبُ، فلعلَّ هذه العينَ سُمِّيت بذلك؛ لخِصْبِ أجسامِ المُغتَسِل بها، كما فسَّره في الحديثِ، أو لأنَّهم يَحيَون بعد غُسْلِهم منها فلا يَموتُون على روايةِ «الحياة» المَشهورةِ، ومِثلُه في حديث الخَضِر في التَّفسيرِ: «عينٌ يُقالُ لها: الحياء» كذا لجمهورِهم، وعند الهَوْزنيِّ: «الحياةُ». [خ¦4727]
          وفي الدِّيات قولُه: «{فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}[المائدة:32]» كذا للأصيليِّ، وللباقين: «حيِيَ النَّاسُ منه جميعاً» [خ¦87/2-10195]؛ أي: سلِموا من قَتلِه، فحَيُوا بذلك، وضبَطه بعضُهم: «حيَّ الناسُ».
          في أكلِ الضَّبِّ: «حائطٍ مَضَبَّةٍ» كذا لابنِ الحذَّاء والهَوْزنيِّ، وهو وهمٌ، وصوابُه: «في غائطٍ»؛ أي: مُطمئِنٍّ من الأرض، وكذا رَوتْه الجماعةُ.