تعليقة على صحيح البخاري

باب من هم بحسنة أو بسيئة

          ░31▒ (بَابُ مَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ أَوْ سَيِّئَةٍ(1)).
          إذا حدَّث العبد نفسه بالمعصية؛ لم يُؤَاخَذ، فإذا عزم؛ فقد خرج عن حديث النَّفس، [و] يصير من أعمال القلب، فإن عقد النِّيَّة على الفعل؛ فحينئذ يأثم، والفرق بين الهمَّة والعزم: أنَّه لو حدَّث نفسه في الصَّلاة وهو فيها بقطعها؛ لم تنقطع، فإذا عزم؛ انقطعت.
          [وفي هذا الحديث تصحيحُ مقالة] مَن(2) قال: إنَّ الحفظة تكتب ما يهمُّ به العبد، وردُّ مقالة مَن زعم: أنَّ الحفظة إنَّما(3) تكتب ما ظهر مِن عمل العبد وسمع، وقالت عائشة: لَأَن أذكر الله في نفسي أحبُّ إليَّ مِن [أن] أذكر بلساني سبعين مِن ذلك؛ لأنَّ ملكًا لا يكتبها وبشرًا لا يسمعها، والصَّواب: أنَّهم يكتبون(4) جميع الذنوب؛ لأنَّ مَن همَّ بحسنة؛ فاح منه ريح المسك، ومن همَّ بسيئةٍ؛ فاح منه شيء أنتن من الجيف؛ لأنَّ الحفظة لا يعلمون الغيب، بل إنَّ الله تعالى أعلمهم؛ كما أعلم عيسى ◙ بقوله: {وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ...}(5) [آل عمران:49] .


[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة»: (بسيِّئة).
[2] في (أ): (ومن).
[3] في (أ): (أنها).
[4] في (أ): (يكتبوا).
[5] (ما): ليس في (أ).