تعليقة على صحيح البخاري

باب فضل الفقر

          ░16▒ (بَابُ فَضْلِ الْفَقْرِ)؛ الحديث.
          إنَّما فضَّل الشَّارع ◙ الفقير؛ باعتبار الأعمال، غير أنَّ الغنى أعزه، والفضل في الكفاف، وقد طال تنازع النَّاس في هذه / المسألة، فذهب قوم إلى تفضيل الفقر، وذهب آخرون إلى تفضيل الغنى، واحتجَّ من فضَّل الفقر بهذه الآثار وغيرها؛ نحو قوله ◙: « [اللَّهمَّ] ؛ أحيني مسكينًا، وأمتني مسكينًا، واحشرني في زمرة المساكين»، أخرجه الحاكم في «مستدركه» من حديث أبي سعيد، ثمَّ قال: صحيح الإسناد، ومنها: قوله ◙: «إنَّ الفقراء ليدخلون الجنَّة قبل الأغنياء بخمس مئة عام، وأصحاب الجدِّ محبوسون»، أخرجه التِّرمذيُّ من حديث أبي هريرة، ثمَّ قال: صحيح.
          واحتجَّ من فضَّل(1) الغنى بقوله ◙: «إنَّ المُكثِّرين هم الأقلُّون؛ إلَّا من قال: هكذا وهكذا»، وبقوله(2) : «لا حسد إلَّا في اثنتين؛ رجل آتاه الله مالًا فسلطه(3) على هلكته في الحقِّ»، وبقوله ◙ لسعد: «إنك إن تذر ورثتك أغنياءَ خيرٌ مِن أن تذرهم عالة يتكفَّفون النَّاس»، وقال لأبي لبابة: «أمسك عليك بعض مالك، فإنَّه خير لك»، وبعضٌ فضَّل الغنيَّ على الفقير، وعكس الآخرون، وأغفلوا الوجه الذي يجب الحضُّ(4) عليه والنَّدب إليه، وأرجو لمن صحَّت نيَّته وخلصت له طويَّته [أن يجازيه الله على نيَّته] ، والفرق بين الغنى والفقر فضل الخير وصدق النِّيَّة، قال سبحانه وتعالى: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} [الأنبياء:35] ، والمعصوم مَن عصمه الله.


[1] تكرر في (أ): (من فضل).
[2] في (أ): (ويقول).
[3] في (أ): (فسلط).
[4] في (أ): (يحب الحقن).