مصابيح الجامع الصحيح

حديث: مواقيت الصلاة وفضلها

          521- 522- قوله: (أَلَيْسَ قَدْ عَلِمْتَ) كذا الرِّواية، وهي جائزة، إلَّا أنَّ المشهور في الاستعمال الصَّحيح (ألست) نبَّه عليه بعض فضلاء أهل الأدب؛ قاله شيخ والدي.
          قوله: (فَصَلَّى) ذهب بعضهم إلى أنَّ الفاء هنا بمعنى الواو؛ لأنَّه ◙ إذا ائتمَّ بجبريل ◙ يجب أن يكون مُصلِّيًا بعدَه، وإذا حملتَ الفاء على حقيقتها؛ وجب أن يكون مصلِّيًا معه.
          قال ابن الملقِّن: وهذا ضعيف، والفاء: للتَّعقيب، والمعنى: أنَّ جبريل كلَّما فعل فعلًا؛ تابعه ◙ وهو أولى من الواو؛ لأنَّ العطف بالواو يحتمل معه أن يكون الشَّارع صلَّى قبل جبريل ♂، والفاء لا تحتمل ذلك، فهي أبعد من الاحتمال، وأبلغ في البيانِ. /
          وقال الكرمانيُّ: إنَّما قال في صلاةِ جبريل ◙: (ثُمَّ صَلَّى) بلفظ: (ثمَّ)، وفي صلاةِ الرَّسول ◙ (فصلَّى) بالفاء؛ لأنَّ صلاة الرَّسول ◙ كانت مُتعقِّبةً لصلاةِ جبريلَ بخلاف صلاته، فإنَّ بين كلِّ صلاتين زمانًا، فناسب كلمة التَّراخي.
          قوله: (أُمِرْتُ) بفتح التَّاء وضمِّها، و(اعْلَمْ) بلفظ الأمر، وهذا تَنْبيه من عمرَ على إنكاره إيَّاه.
          قوله: (أَوَ إِنَّ) الهمزة للاستفهام، والواو للعَطْف، والكلمة المشبَّهة بالفعل مكسورة الأوَّل؛ انتهى كلام الكرمانيِّ.
          وقال ابن قرقول: ضَبطْناه بالفتح والكسر، والكسر أوجه؛ لأنَّه استفهام مستأنف عن الحديث، إلَّا أنَّه جاء بالواو؛ ليردَّ الكلام على كلام غيره؛ لأنَّها من حُروف الرَّدِّ، ويجوز الفتح على تقدير (أوَ علمت أنَّ جبريل) أو حديث، ونحو هذا من التَّقدير؛ انتهى، وكذا قاله غيره.
          قوله: (قَالَ عُرْوَةُ) إمَّا مقول ابن شهاب، وإمَّا تعليق من البخاريِّ، وقال سيِّدي: إنَّه معطوف على السَّند الأوَّل.
          قوله: (وَالشَّمْسُ فِي حُجْرَتِهَا قَبْلَ أَنْ تَظْهَرَ) أي: تعلو، الخطَّابي: أي: قبل أن تصعد الشَّمس إلى أعالي الحيطان، يقال: ظهرتُ فوق السَّطح؛ أي: عَلَوْتُهُ.
          إن قلتَ: ما مَعْنى قولها (قبل أن تَظْهر)، والشَّمس ظاهرة على كلِّ شيء من أوَّل طلوعها إلى غروبها؛ الجوابُ: أنَّها أرادت والفيء في حجرتها قبل أن تعلو على البيوت، فكنَّت بالشَّمس عن الفيء؛ لأنَّ الفيء [يُكنى به] عن الشَّمس كما سمَّى المطر سماء؛ لأنَّه من السَّماء ينزل، وفي بعض الرِّوايات؛ لم يظهر الفيء؛ انتهى.
          وقال سيِّدي: الظَّاهر أنَّ جدار الحجرة المشرَّفة كان جانبه الشَّرقيُّ أطول من الجانب الغربيِّ حتَّى يكون العصر فيه الشَّمس كذلك.
          خاتمة:
          قال الكرمانيُّ: اعلم أنَّ الحديث بهذا الطَّريق ليس متَّصل الإسناد، إذ لم يقل أبو مسعود: شاهدتُ أنا، أو قال رسول الله صلعم أنَّ جبريل نزل.
          النَّوويُّ: (صلَّى فصلَّى) هكذا مكرِّرًا خمس مرَّات؛ معناه: أنَّه كلَّما فعل جزءًا من أجزاء الصَّلاة؛ فعله ◙ حتَّى تكاملت صلاتهما.
          وقوله: (بِهَذَا) أي: بأداء الصَّلاة في هذه الأوقات.
          قال ابن بطَّالٍ: تأخير عمر كان عن الوقت المُسْتحبِّ، ولم يؤخِّرها حتَّى خرَجَ الوقت بالكلِّيَّة، ولا يجوز عليه أن يؤخِّرها عن جميع وقتها، وإنَّما أنكر عروة عليه ترك الوقت الأفضل الَّذي صلَّى فيه جبريل.
          ولفظ (يَوْمًا) يدلُّ على أنَّه كان نادرًا من فعله، وهذه الصَّلاة الَّتي أخَّرها عمر كانت صلاة العَصْر، ويدلُّ عليه لفظ: (ولقد حدَّثتني عائشة) إلى آخره.