مصابيح الجامع الصحيح

حديث: ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر

          334- إشارة: قال الكرمانيُّ: (البَيْدَاءِ) بفتح الموحَّدة، وبالمدِّ، و(ذَاتِ الجَيْشِ) موضعان بين المدينة وخيبر.
          إشارة: ورأيتُ في النُّسخة من الكرمانيِّ: فهي المدينة ومكَّة، انتهى.
          هذا هو المعروف من كلام النَّوويِّ، والشَّكُّ من عائشة ╦.
          قال سيِّدي: وفي هذا نظرٌ، إذ البيداء الشَّرف الَّذي قدَّام ذي الحليفة في طريق مكَّة، والمكان هو الصُّلصلت، ولكن / البيداء في اللُّغة: كلُّ مفازة لا ماء فيها، فيُحتمَل أنَّه أراد ذلك(1).
          إشارة: هذه السَّفرة هي غزوةٌ كانت تأتي بعد غزوة بني المُصْطلق كما رواه الطَّبرانيُّ في «الكبير»، وقال ابن سعد: إنَّها كانت في غزوة بني المصطلق، وهي غزوة المريسيع والصواب هو الأوَّل، وعقدها انقطع مرَّتين في غزوة المريسيع ومرَّةً بعدها، وفي الثَّانية نزلت آية التَّيمُّم، وهي: {يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوا... و إِنْ(2) كُنْتُمْ} [النِّساء:43] الآية، والعقد كان لأسماء واستعارته عائشة منها فنسبته إلى نفسها؛ لأنَّه كان في حوزها كما سيأتي، وكان سقوط العقد بذات الجيش من غير شكٍّ.
          خاتمة:
          اعلم أنَّ فرض الوضوء والغسل كان معلومًا أنَّه واجب عليهم قبل ذلك.
          قال الحارث ابن أبي أسامة في مسنده بإسناده إلى زيد ابن حارثة أنَّ رسول الله صلعم في أوَّل ما أوحي إليه، أتاه جبريل يعلِّمه الوضوء، فلمَّا فرغ من الوضوء؛ أخذ غرفة من ماء فنضح بها فرجه، وإنَّما نزلت آية الوضوء ليكون فرضها المثبت مطلقًا في القرآن.
          إن قيل: لم ذكر الله تعالى آية التَّيمُّم في النِّساء وذكر الأسباب ثمَّ أعاد ذكرها مع الأسباب في آية المائدة؛ قلنا: إنَّما كرَّرها في بيان أنواع الطَّهارة في المائدة.
          قوله: (مَا فَعَلَتْ عَائِشَةُ) أسندوا الفعلَ إليهَا؛ لأنَّه كان بسببها، و(يَطْعُنُنِي) بضمِّ العين، وحُكِيَ فتحها.
          قوله: (إِلّا مَكَانُ) بالرَّفع، استثناءٌ مفرَّغٌ، و(مَكَانُ) بفتح الميم، قرأته على سيِّدي.
          قوله: (أَصْبَحَ) أي: دَخَل في الصَّباح، وليس من الأفعال النَّاقصة الَّتي تحتاج إلى خبر؛ لأنَّه إذا كان يعني الدُّخول في الوقت؛ تكون تامَّة ويسكت عن مرفوعها.
          ولفظ: (عَلَى غَيْرِ مَاءٍ) متعلِّقٌ بـ(قام) و(أصبح)، على طريقة تنازع العاملين.
          قوله: (فَتَيَمَّمُوا) بصيغة الماضي؛ أي: فتيمَّم النَّاسُ بعدَ نزول الآية، وهي قوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} [النِّساء:43] إلى آخرها، أو صيغة الأمر على ما هو لفظ القرآن، ذكره بيانًا أو بدلًا عن آية التَّيمُّم؛ أي: أنزل الله تعالى: {فَتَيَمَّمُوا} [النِّساء:43].
          فائدة: إنَّما لم يقل: (آية الوضوء) وإن كان في آيتي النِّساء والمائدة ذكره؛ لأنَّ الَّذي طرأ لهم التَّيمُّم.
          قوله: (أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرِ) بالرَّاء في آخره، قال الكرمانيُّ: وفي بعضها بالنُّون، وفي بعضها: الحضير باللَّام التَّعريفية، وهو نحو: الحارث من الأعلام الَّتي تدخله لام التَّعريف جوازًا، وهو أبو يحيى، انتهى.
          قال ابن عَبْد البرِّ: قال: قال لي النَّبيُّ صلعم: «يا أبا عيسى»، وقيل: يُكنَّى أبا يحيى، وقيل: أبا عتيك، وقيل: أبا الحضير، وقيل: أبا الحصين بالصَّاد والنُّون، وأخشى أن يكون تصحيفًا، والأشهر أبو يحيى، وهو قول أبي إسحاق وغيره، انتهى.
          قوله: (مَا هِيَ) ليس هي.
          إشارة: بخط العلَّامة بحر الدِّين الآجري ما لفظه في «الطَّبرانيِّ» : فقال أبو بكر: والله يا بنيَّة إنَّك كما علمت مباركة، انتهى، وقد رويت في البحر والثَّاني من الثقفيات فدخل أبو بكر عليها فقال: إنَّك لمباركة، قد نزلت علينا فيك رخصة، فذكره وهو من حديث عمَّار بن ياسر.
          قوله: (كُنْتُ) أي: راكبةً عند السير عليه.


[1] في الأصل: (لك).
[2] في الأصل: (إذا)، والمثبت موافق للتلاوة.