مطالع الأنوار على صحاح الآثار

الواو مع العين

          الوَاو مع العَين
          2343- قوله: «ومن وَعْثاءِ السَّفَرِ»؛ أي: شِدَّته ومَشقَّته، والوعثُ المكانُ الدَّهِسُ الَّذي يشُقُّ المَشيُ فيه، فجُعِل مَثلاً لكلِّ ما يشُقُّ.
          2344- قوله: «الَّذي أنجَزَ وَعدَه» هو ما وُعِدَ به صلعم من إظهَارِ دِينِه وكمال كلِمَتِه، كما قال تعالى: {وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ} الآية[النور:55]، قيل: في حيَاتِه، وقيل: بَعدَ مَوتِه، وقال: {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} [التوبة:33].
          وقوله في المُنافقِ: «وإذا وَعَدَ أَخلَفَ» [خ¦33] قيل: هو على وَجهِه، وأنَّه من خصالِ المُنافقِ؛ لأنَّ لذلك حكمُ النِّفاقِ الَّذي هو كُفرٌ، وإنْ كان بمعنَى النِّفاق من الخَديعةِ.
          وقوله: «والله المَوعِدُ» [خ¦2350]؛ أي: عند الله المُجتَمع، أو إلى الله؛ أي: المَوعِد مَوعِد الله؛ أي: هنالك / تُفتضَحُ السَّرائرُ، ويُجازَى كلُّ أحدٍ بقَولِه، ويُنصَف من صاحِبِه، ويحتَمِل أن يُراد بقَولِه: «واللهُ الموعدُ»؛ أي: جزاؤه أو لقاؤه.
          «واعَدْت صوَّاغاً» [خ¦2089]؛ أي: وافَقتُه على وَعدٍ، «وواعَدَاه غارَ ثَورٍ» [خ¦2263] مِثلُه؛ أي: جعَلَا مِيعَاد اجتِماعِهم معَه.
          قوله: «إذا وَعَدَ أَخلَفَ» يقال: وعَدتُ في الخيرِ وَعداً، والاسمُ العِدَةُ والمَوعِدةُ، وأوْعَدتُه في الشَّرِّ إيعاداً، والاسمُ منه الوَعِيدُ، وهذا إذا لم تَذكُر لا خيراً ولا شرَّاً بلسانك، ولكن أرَدتَه بلَفظِك فإنْ أنت لَفظْت بلَفظِك الخير والشَّرَّ، قلت: وعَدتُه شرّاً، ووعدته خيراً، وكذلك بخَيرٍ وشرٍّ، فإن قُلتَ: أوعَدتُه بالألفِ لم يكن إلَّا للشَّرِّ، سواء لَفظْت به أو لم تلفظ، وتوعدته تهدَّدته، قال أبو عُبيدٍ: الوَعدُ والمِيعادُ والوَعيدُ واحدٌ، والعِدَة كذلك إلَّا أنَّها مَنقُوصَة الأصلُ وعده(1).
          2345- و«الوَعك» [خ¦1889] بفَتحِ العَينِ وسكُونها، قال أبو حاتم: الوَعكُ الحمَّى، قال غيرُه: هو ألم التَّعبِ، قال يعقوبُ: وَعْكَةُ الشَّيءِ دفعتُه وشِدَّتُه، وقال غيرُه: هو إِرْعادُ الحمَّى وتحرِيكُه إيَّاه، وقال الأصمعيُّ: الوَعكُ شِدَّة الحرِّ فكأنَّه حرُّ الحمَّى وشِدَّتها.
          2346- قوله: «السَّعيدُ مَن وُعظَ بغَيرِه»؛ أي: من اعتبَر بما يحلُّ بسِوَاه من سُوءِ حاله، أو مُعاقَبتِه فلم يفعَل فِعلَه؛ لئلَّا يحلَّ به مثلُ ذلك.
          وقوله: «وهو يَعِظُ أخاه في الحَياءِ» [خ¦24]؛ أي: يؤنِّبُه ويزجِرُه في كَثرةِ ذلك، ومِثلُه: «ووُعِظَ بما وُعِظوا»؛ أي: عُوتِبوا ووبِّخُوا.
          2347- قولُ إبراهيمَ بنِ سَعدٍ: «وقد نزَلوا مُوعزِينَ» بعَينٍ مُهملةٍ وزايٍ، وروَاه بعضُهم بالرَّاء، ولا وَجهَ له هاهنا، وصَوابُه ما في الرِّواياتُ الأُخَر: «مُوغِرِينَ» [خ¦4141] بغينٍ مُعجمةٍ ورَاءٍ، وفسَّره عبدُ الرَّزاقِ : الوَغرَةُ شِدَّة الحرِّ؛ أي: نزَلوا في الهاجِرَةِ.
          2348- وفي الأنفِ: «إذا استُوعِيَ جَدْعاً»؛ أي: استُؤصِل، وفي الرِّواية الأُخرَى «استُوعِبَ».
          وفي «المُوطَّأ»: «إذا أُوعِيَ»، وعند بَعضِهم: «إذا وعى».
          وقوله: «فلعلَّ بعضَهم أَوْعَى له من بَعضٍ» [خ¦4406] الوَعيُ للشَّيءِ الحِفظُ، ووعَيت العِلمَ وأوعَيتُه حَفِظتُه وجَمعتُه، وقال في «الأفعال»: وعَيتُ العِلمَ حفِظتُه، ووعيتُ الأذُن سمِعتُ، وأوعَى المَتاعَ جمَعَه في الوِعَاءِ.
          وقوله: «ولا تُوعِي» [خ¦1434]؛ أي: لا تَشحِّي وتَجمعِي فتَمنَعِي ولا تُنفقِيه فيُشحُّ علَيكِ؛ أي: تُجازِي بالتَّقتِيرِ في رِزْقكِ، أو لا / يخلفُ لكِ ولا يُبارَكُ لكِ، يقال من هذا: أوعَيتُ الشَّيء جعَلتُه في الوِعَاءِ، وأوعَيتُه أيضاً جمَعتُه، ولا يقال: فيه وعَيتُ.
          قوله: «اعرِفْ وِكاءَها، أو قال: وِعاءَها» [خ¦91] والوِعاءُ الشَّيءُ الَّذي يُوعَى فيه غيره؛ أي: يُجمَع ويُحفَظ، ومِثلُه العِفاصُ.
          وقوله: «والجَوفُ وما وعَى»؛ أي: جمَع من طعامٍ وشَرابٍ حتَّى يكون من وَجهِه وعلى وَجهِه، وقيل: أراد القلب والدِّماغ؛ لأنَّهما مجمع العَقلِ(2) عند قائلِ هذا.
          وقول أبي هريرَةَ: «حفِظتُ عن رسولِ الله صلعم وِعاءَينِ» [خ¦120] يعني: من العلمِ، على طريقِ الاستِعارةِ من الوِعَاءِ الَّذي يُجمَع فيه المَتاعُ ويُحمَل.


[1] عبارة «المشارق»: (من الوعد).
[2] في (ن): (لأنهما مجمعا القلب).