مطالع الأنوار على صحاح الآثار

الواو مع اللام

          الوَاو مع اللَّام
          2330- قوله: «لن يَلِجَ النَّارَ» مَعنَاه: لن يَدخُل، والوُلُوج الدُّخولُ، ومنه: «عُرِضَ عليَّ كُلُّ شيءٍ تُولَجُونه» بفَتحِ اللَّام؛ أي: تَدخُلُونه وتَصِيرُون إليه من جنَّةٍ ونارٍ.
          وقولها: «ولا يُولِجَ الكَفَّ» [خ¦5189]؛ أي: لا يُدخِل يده إلى جِسْمِها للاستِمْتاع بها على مَذهبِ مَن رآه ذمَّاً له، وقيل: لا يكشِفُ عن عيبِ جِسْمِها أو داءٍ فيه، ولا يُدخِل يده له على مَن رآه مدحاً، والأوَّل أبيَن.
          قوله في حديثِ الثَّلاثةِ:«فولَّد هذا» [خ¦3464]؛ أي: تولَّى ولادَة ماشِيَته، والمُولِّد والنَّاتج للمَواشي كالقابِلَة للنِّساءِ، وقد جاء في المَرأةِ «ولَّدت» أيضاً، وولَّدتُك جاء بمعنى ربَّيتُك، ويقال: ولَدَت كلُّ أنثى بالتَّخفيفِ، وولَّدتها بالتَّثقيل إذا أنت توَلَّيت ذلك منها، وأوْلَد القومُ صارُوا في زمان الوِلادَة، وأوْلَدت الماشيةُ أيضاً حان زمن وِلادَتها.
          وقوله: «شاة والد» [خ¦3464]؛ أي: قد ولَدت ومعها ولَدُها، قوله: «ولا تَقْتُلْنَ وَلِيداً»؛ أي: مَولُوداً صغِيراً.
          وقوله: «ما به _يعني: الرَّاعي_ إلَّا وَليدَتُهم»؛ أي: أمَتهُم، ومِثلُه: «ابن وَلِيدةِ زَمْعةَ» [خ¦2053] وهي كِنايةٌ عمَّا ولد من الإماء في ملك رجلٍ.
          2331- قوله: «فانصَرَفتا تُوَلْوِلانِ»؛ أي: تدعُوان بالوَيلِ، قاله الخليلُ، وقال غيرُه: ترفَعان أصواتهما بالإنكار، وهو: صوتٌ يُرَدِّدُه المَولُول بلِسَانه في حنكِه(1).
          قوله: «أَوْلمَْ» [خ¦2048] [خ¦4794] الوَلِيمةُ طعامُ النِّكاحِ، قاله صاحبُ «العين»، وقيل: طعامُ الإملاكِ، وقيل: هو طعامُ العرسِ والإملاكِ خاصَّة، يعني: بالعرسِ الابتناءَ، وقال غيرُه: الوَليمةُ طعامُ العرسِ خاصَّة، والنَّقيعةُ طعامُ الإملاكِ.
          «وُلُوغ الكَلبِ» هو أخذُه الماء بلِسَانه، ويُسمَّى شرباً، ومنه حديثُ مالكٍ: «إذا شرِبَ الكَلبُ» [خ¦172] انفرَد مالكٌ بلَفظِ الشُّربِ، وكلُّ ولُوغٍ شربٌ، وليس كلُّ شربٍ ولُوغاً، فالشَّربُ أعمُّ، ولا يكون الولُوغُ إلَّا للسِّباعِ / وكلُّمَن يَتناوَل الماء بلِسَانه دون شفتَيه، فإذاً الولُوغ صِفةٌ من صفاتِ الشُّربِ يختَصُّ به اللِّسانُ، والشُّربُ عِبارَةٌ عن تَوصيلِ المَشرُوب إلى محلِّه من داخل الجِسْمِ، ألا تَرَى أنَّه يُقالُ: شرِبَت الثِّمارُ والشَّجرُ والأرضُ، والمَصدرُ من ولَغ الوُلوغ بالضَّمِّ، قال الخَطَّابيُّ: فإذا كثُر فهو الوَلُوغُ بالفَتحِ.
          2332- و«الوَلْقُ» [خ¦4144] بفَتحِ الواو وسكُون اللَّامِ الكذبُ، يقال: ولَق يَلِق وَلْقاً فهو وَالِقٌ.
          2333- قوله صلعم: «مُزَينةُ وجُهينةُ مَواليَّ»؛ أي: أوليائي المُختصُّون بي.
          وهذا مثلُ قَولِه: «مَنْ كنتُ مولاهُ فعَليٌّ مَولاهُ»؛ أي: ولِيُّه، ومنه: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ}[محمد:11]؛ أي: لا وليَّ لهم، وقيل: لا ناصرَ لهم، وقيل: هو هاهنا الوَليُّ القائمُ بأمُورِهم، الكافلُ لهم، وقد قيل: إنَّ الخلقَ كلَّهم ملكٌ لله تعالى، ثمَّ يُوالِي مَن يشاء ويُعادِي مَن يشاء.
          واختصاصُ تلك القَبائلِ بوِلايَة الله ورسُولِه دون المُسلِمينَ؛ إمَّا لأنَّهم لم يكن لهم حلفاء من العَربِ كما كان لغَيرِهم، أو لأنَّهم أسلَموا أوَّلاً، وفارَقوا أصول قبائلهم وعادُوهم فوالاهم الله وشرَّفهم بذلك، وقد يكون تخصِيصاً لهم وسِمةً، كما قيل للأنصار: أنصارُ الله وإن كان قد نصَر غيرُهم.
          وفي رِوايَةِ الجُرجانيِّ: «موالٍ» بغير ياءِ النَّسبِ، كأنَّه قال: أنصَارُ وأولياءُ الله ورسُولِه، والأوَّل أظهَر.
          وقوله صلعم: «أنا أَوْلَى النَّاسِ بعِيسَى» [خ¦3443]؛ أي: أخصُّهم به وأقرَبُهم إليه.
          وقوله في المَواريثِ: «فلأَولَى رجلٍ ذَكَرٍ» [خ¦6732]؛ أي: لأقعَدِهم بالوِلايَةِ وأقرَبِهم، وهو مِن ولي الشَّيءُ الشيءَ.
          والمَولَى يقَع على المَولَى بالنَّسبِ، والاسمُ الوَلايةُ بالفَتحِ، وعلى القيِّم بالأمرِ، والاسمُ منه الوِلايَة بالكَسرِ، ويقَع على المُعتِق وعلى المُعتَق، والاسمُ منه الوَلاء، وعلى النَّاصرِ والحَليفِ وبني العَمِّ والعَصبةِ والأوْلياءِ والأقاربِ.
          وفي مُسلمٍ: «لا يَحِلُّ أن يُتَوالَى مَولَى الرَّجلِ» مُفاعَلة من الأوْلياءِ.
          وقوله: «مَن تَولَّى قوماً» [خ¦1870]؛ أي: انتَسَب إلَيهِم، وفي اشتِرَاطِه «بغَيرِ إذْنِ مَوَالِيه» حجَّةٌ لمَن أجاز شِراء الوَلاءِ وهِبَته، والأكثَر على مَنعِه.
          قال الفَرَّاء: والمَولَى / والوَلِيُّ واحدٌ، وأصلُه من الوَلْيِ بالسُّكونِ وهو القربُ.
          وقوله: «إنَّ آلَ بني فُلانٍ لَيسُوا لي بأَولياءَ»؛ أي: لا أتولَّاهم ولا أحسِبُهم من أولِيَائي لما علِمَه مِنهُم.
          وقوله: «فلمَّا وَلَّى» [خ¦40] انصرَف، ومنه: {يُوَلُّوكُمُ الأَدُبَارَ}[آل عمران:111].
          وقوله: «بعدَ أن يُوَلِّيَ الأبُ»؛ أي: ينصَرِف بالمَوتِ.
          وقد يكون التَّولي بمعنَى الاستِقْبال، ومنه: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ} [البقرة:115]؛ أي: تولوا وجُوهَكم.
          وقوله: «وكان الذي تَولَّى كِبْرَه» [خ¦4757]؛ أي: ولِيَه، وتقَلَّد إشاعَته، يقال: وَلِيَ بمعنَى: توَلَّى، وقيل: ذلك في قَولِه تعالى: {هُوَ مُوَلِّيهَا} [البقرة:148]؛ أي: مُتولِّيها.
          و«التَّولِيَة في البَيعِ» مأخُوذَة من التَّولِّي الَّذي هو الانصرافُ والإعراضُ، كأنَّه صرَفه عنه لغَيرِه وأعرَض عنه.
          وقوله: «أَوْلَى له»، و«أَوْلَى والَّذي نَفسِي بيَدِه» قيل: هو من الوَيلِ فقُلِب، وقيل: من الولي؛ وهو القُربُ؛ أي: قارَب الهَلكةَ، وقيل: هي كلِمةٌ تَستَعمِلها العرَب لمن رام أمراً ففاته بعد أن كاد يصيبه، وقيل: كلمة تقال عند المَعتبةِ بمعنَى كيف لا، وقيل: مَعنَاها التَّهديدُ والوَعِيدُ، وقيل: تحذِيرٌ؛ أي: قارَبت الهَلكَة فاحذَر، وقد تقدَّم في الهَمزةِ.


[1] في (س): (في فمه).