مطالع الأنوار على صحاح الآثار

الواو مع الحاء

          الوَاو مع الحَاء
          2290- قوله: «كأنَّه وَحَرَةٌ» [خ¦4745]؛ أي: وزَغة، وقيل: هو نوعٌ من الوَزغِ يكون في الصَّحارَى.
          2291- قوله: «فوحَّشُوا برماحِهم» بتَشديدِ الحاء؛ أي: رموا بها بَعِيداً(1)، بدَليلِ قَولِه: «واستلُّوا السُّيوفَ»، وفي روَايةٍ: «واعتَنقَ بعضُهم بعضاً».
          وقوله في المَدينةِ: «فيَجِدَانِها وَحْشاً»؛ أي: خلَاءً، كذا لمُسلمٍ، والوَحشُ الخَلاءُ من الأرضِ، ومَكانٌ وَحْش ووَحِش، والأوَّل أعلَى، ومنه: «إنَّ فاطمةَ كانَت بمَكانٍ وَحْشٍ» [خ¦5326]، ورُوِي في حديثِ المَدينةِ: «وحُوشاً» كذا في البُخاريِّ، وكِلا المَعنيَين صحِيحٌ.
          2292- قوله: «وَحدَكَ» [خ¦4240] مَنصُوب بكلِّ حالٍ عند أهل الكُوفةِ على الظَّرفِ، وعند البَصريِّين على المَصدرِ؛ أي: توحَّد وحْدةً، وكسَرَته العرَبُ في ثلاثة مَواضِعَ: عُيَيرُ وَحدِه، وجُحَيشُ وحدِه، ونسيجُ وحدِه.
          قوله: «تِسعَةً وتِسعُونَ اسماً مئةً إلَّا واحِدَة»، كذا جاء في بَعضِ الرِّواياتِ، كأنَّه أراد إلَّا تسمِيَةً أو صِفَةً أو كلِمةً، والمَعروفُ «واحِداً». [خ¦2736]
          2293- و«الوَحْي» أصلُه الإعلامُ في خَفاءٍ وسُرعةٍ، ثمَّ هو في حقِّ الأنبياء على ضرُوبٍ، فمنه:
          2294-سماعُ الكَلامِ القَديمِ؛ كمُوسَى ◙ بنَصِّ القُرآنِ، ومحمَّدٍ صلعم في صحِيحِ الآثارِ.
          2295-ووحيُ رِسالَةٍ بواسِطَة ملَكٍ.
          2296-ووحيٌ يُلقَى بالقَلبِ؛ وذُكِر أنَّ هذا كان حال وَحيِ داودَ، وجاء عن نبيِّنا مِثلُه، كقَولِه: «أُلقيَ في رُوعِيَ».
          والوَحيُ / إلى غيرِ الأنبياء: بمعنَى الإلهامِ؛ كالوَحيِ إلى النَّحلِ.
          وبمعنَى الإشارَةِ: {فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا} [مريم:11]، وقالوا في هذا إنَّه كتب.
          وبمعنى الأمر؛ كقوله: {وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ}[المائدة:111] قيل: أمرتُهم، وقيل: ألهَمتُم.
          يقال منه: وحَى وأوْحَى.
          وفي صَدرِ كتاب مُسلمٍ: «وتعلَّمتُ الوَحْيَ في سَنتَينِ»، وكذلك قولُه: «والوَحيُ أَشَدُّ من القُرآنِ» تؤُوِّل هذا الكلامُ على الحارثِ الأعوَر على أنَّه أراد به سُوء لما علِمُوا من غلُوِّه في التَّشيُّعِ، وادعائهم علم سرِّ الشَّريعةِ لعليٍّ ☺، ونحو هذا من كذبِ الشِّيعةِ وغلوِّهم، والظَّاهرُ أنَّه لم يُرِد هذا، وإنَّما أراد أنَّ الكِتابةَ أصعَب من حفظِ القُرآنِ، إذ كان القُرآنُ يُحفَظ عِندَهم تلقِّياً، فكان أهوَن من تعلُّمِ الكتابَةِ والخطِّ، وبهذا فسَّره الخَطَّابيُّ.


[1] في (س): (بعيراً).