مطالع الأنوار على صحاح الآثار

الواو مع الطاء

          الوَاو مع الطَّاء
          2317- «اللَّهمَّ اشْدُدْ وَطْأتَكَ على مُضَرَ» [خ¦804]؛ أي: عقُوبَتك وأخذَك، قال الخَطَّابيُّ: الوَطأَة هنا العُقوبَة والمَشقَّة، وأراد بها ضِيقَ المَعيشةِ، وهي مَأخُوذَة من وَطءِ الدَّابةِ الشَّيءَ ورَكضِها إيَّاه برِجْلِها، قال الخليلُ: يقال: وَطِئنَا العدُوَّ وطْأَة شدِيدَة، يريد إذا أثخَن فيهم، ومنه في خَبرٍ آخَر: «وطِئنَاهُم» [خ¦3039]، وقال الدَّاودِيُّ: «وَطْأتَك» يريد الأرضَ فأصَابَتهُم الجُدوبَة.
          وقوله: «ولا يُوطِئْنَ فرُشَكم أحداً»؛ أي: لا يبحن الاضطِجاعَ فيها ووَطأَها برِجْله لذلك غيركم، وهي كِنايَة عن جماعِ النِّساء هنا لكَونِ أكثَر ذلك في الفرُشِ، ولأنَّ المَرأةَ تُسمَّى بذلك على معنى المَجازِ، وقد تكون على تركِ الهَمزِ لا يجعلن فرُشَكم لغيركم مَوطِئاً، يقال: أوطَن فلان مَوضِعَ كذا اتخَذَه مَوطِناً، وأوطَنته أنا إيَّاه أُوطِنُه.
          قوله: «وآثارٍ / مَوْطوءَةٍ»؛ أي: مَسلُوك عليها يريد بما سبق به القدَر من ذلكَ، يقال: وطِئ برِجْله كذا يطَأ وطْأً، والمَوطِئُ مَهمُوز مَوضِع الوَطءِ.
          قوله: «هزمْنا القومَ وأَوْطَأناهم» [خ¦3039]؛ أي: أوطَأنَاهم الخيل، أو يكون غلَبنَاهم وقهَرنَاهم.
          وقوله: «فتَواطَيتُ أنا وحَفصةُ»؛ أي: توَافَقنا وأصلُه الهَمز.
          2318- قوله: «أَرَى رُؤْياكُم قد توَاطَأت»؛ أي: توَافَقت، وجاء في عامَّة نُسخِ البُخاريِّ [خ¦2015] ومُسلمٍ و«المُوطَّأ» بغيرِ هَمزٍ، وعند ابنِ الحذَّاءِ بالهَمزِ، وكذا للقابِسيِّ، وكذا قيَّدناه عن شَيخِنا أبي إسحاقَ، ولعلهم لم يكتبوا الهمزة ألفاً، فترك بعضُهم همزها جَهلاً.
          وقوله: «ليس بالمُجمَع عليه ولا المُوطَّأ»(1) يعني: المُتفَق عليه، ومنه سُمِّي الكتابُ «مُوطَّأ»؛ أي: المُتفَق على حَديثِه وصحَّته، مَهمُوز الآخر، قلت: إنَّما سُمِّي مُوطَّأً من التَّوطِئةِ، وهو التَّذليلُ والتَّليِينُ والتَّسهِيلُ، كأنَّه ممهد مُسهَّل بحُسنِ التَّصنيفِ وترتيبِ التَّأليفِ وتَسهيلِ المَطلبِ، لما يُرادُ الوقُوف علَيه منه، وقد تُسهَّل الهَمزَة فيقال: المُوطَى ويُكتَب بالياء.
          2319- «والأَوطابُ» [خ¦5189] جمعُ وَطْب، وهو سِقاءُ اللَّبن خاصَّة، وهذا الجَمعُ قلِيلٌ في فَعْل إنَّما بابُه فِعالٌ، وقد جاء كذلك في النَّسائيِّ: «والوِطابُ تُمْخَضُ»، وكذا ذكَره ابنُ السِّكِّيت في بَعضِ نُسخِ الألفَاظِ، وكذا كان في كتابِ شَيخِنا أبي عبدِ الله بنِ سُليمانَ أصل خاله غانمِ بنِ الوَليدِ اللُّغويِّ(2).
          2320- قوله: «في المَواطِنِ كلِّها» [خ¦7191]، و«في مَوطِنٍ من المَواطنِ» الوطَنُ محلُّ الإنسانِ الَّذي يوطنُه نفسه، ويَسكُن فيه، ويقال: وطَنتُ بالمَكانِ وأَوطَنتُ وهو أعلَى.
          2321- قوله: «حَميَ الوَطيسُ» هو التَّنُّور، واستَعارَه لشِدَّة الحَربِ، ويقال: هو مِن كَلامِه الَّذي لم يُسبَق إلَيه.


[1] نقل هذا ابن عبد البر في (الاستذكار) 6/533 فقال: ذكر القعنبي من سماع أشهب عن مالك أنه سئل عن قول رسول الله صلعم: «من ابتاع مصراة فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها إن شاء أمسكها وإن شاء ردها وصاعًا من تمر» وقال: سمعت ذلك، وليس بالثابت ولا الموطَّأ عليه.
[2] غانم بن الوليد بن عمر أبو محمد القرشي المخزومي المالقي اللغوي النحوي المتوفى سنة 470ه. «الأعلام» 5/116.