مطالع الأنوار على صحاح الآثار

الواو مع الجيم

          الوَاو مع الجيمِ
          2282- «الوِجاءُ» [خ¦1905] هو نوعٌ من الخصاءِ، وهو رضُّ الأنثيَينِ، وقيل: غمز عروقها، والخصاءُ شقُّ الخصيَتَين واستِخراجُهما، والجَبُّ قطعُ ذلك من أصلِه، شبَّه الصَّومَ في قَطعِه غُلمَة النِّكاحِ وكَسرِه لشَهوتِه بالوِجاءِ الَّذي تقطَعُ مثلَ ذلك من المَوجُوء.
          وقوله: «فوَجَأْتُ في عُنُقها»؛ أي: دفَعت، و«حدِيدتُه في يَدِه يَجأُ بها» [خ¦5778]؛ أي: يطعَنُ ويشقُّ، وقال الخليلُ: وجَأَه ضرَب عُنقَه، قوله في التَّمرِ: «فلْيَجَأهُنَّ بِنوَاهُنَّ»؛ أي: يَدُقهن.
          2283- قوله: «فإذا وجَب فلا تَبكِينَّ باكيةٌ» فسَّره في الحَديثِ: «إذا مات».
          قوله: «فقد أَوجَبَ»؛ أي: وجَبت له الجنَّة أو النَّار، و«مُوجِبات رَحمتِكَ»؛ أي: ما أوجَب الله عليه الجنَّة، وكذلك مُوجِبات نِقمَتِك، وقوله: «إنَّ صاحبَنا أَوجَبَ»؛ أي: كسب خطيئة يستَوجبُ بها عُقوبَة النَّار، قال أبو عُبيدٍ: هذا من أعجَب ما يجِيئُ من الكَلامِ، يقال للرَّجلِ: قد أوجَب وللحَسنَة والسَّيئةِ قد أوجَبَت. /
          وقوله في الَّذي قرَأ: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} «وجَبَتْ» يعني: الجنَّة، وكذلك في الميِّت الَّذي أُثنِي عليه: «وَجَبتْ» [خ¦1367]؛ أي: الجنَّة، وقيل: الشَّهادة؛ أي: حقَّت وثبتَت.
          وقوله: «إذْ سَمِع وَجْبَةً» هي الوَقعَةُ والهدَّةُ، وقيل: سقُوطُها، من قوله: {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا} [الحج:36].
          و«وجُوبُ الشَّمسِ» [خ¦1375] سقُوطُها في المَغربِ، ووجَب الشَّيءُ وجُوباً لزِم، والواجبُ من أوامر الله ورسوله ما تُوِّعد على تَركِه بالعِقابِ.
          و«غُسلُ الجُمعةِ واجبٌ كغُسلِ الجَنابةِ» [خ¦858]؛ أي: كصِفةِ غُسلِ الجَنابةِ لا كوُجوبِه في الإلْزامِ، و«الوِترُ واجبٌ»؛ أي: مُؤكَّد الأمرِ عند مالكٍ، وعلى ظاهرِه عند أهل العرَاقِ، والدَّليلُ عند مالكٍ: مُقارَنته للسِّواكِ والطِّيبِ، وعَطفهُما عليه.
          ووجُوب البَيعِ والنِّكاح انعِقادُهما ولزُومُهما، يقال: وجَبَ البيعُ والحُّق جِبَة وَوُجوباً لزِمَا، والشَّيءُ وجباً سقَط.
          2284- قوله: «وكنتُ أَوْجَدَ عليه» [خ¦5122] يقال: وجَد عليه وجْداً ومَوجِدةً في نَفسِي إذا غضِبْت عليه، ووجَدتُ عليه وَجْداً حزِنتُ، ووجَدتُ من الحُبِّ وَجْداً كلُّه بالفَتحِ، ووجَد من الغِنَى جِدةً، ووُجْداً بالضَّمِّ، ووِجداناً بالكَسرِ لغة، وقد قُرِئ(1) : {مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُِجْدِكُمْ} [الطلاق:6] بالكَسرِ.
          ومنه: «لَيُّ الوَاجِدِ» [خ¦43/13-3749] يعني: الغنِيَّ، ووجَدْت ما طلَبْت وِجداناً ووُجوداً، ومنه: «أيُّها النَّاشِدُ! غيرُكَ الواجِدُ»، ومعنى: «كنت أوجد عليه»؛ أي: أكثَرَ موجِدةً.
          وقوله في الأنصارِ: «وكأنَّهم وَجَدوا إذ لم يُصِبْهم ما أَصابَ النَّاسَ» [خ¦4330]؛ أي: غضِبُوا، كذا عند كاَّفتِهم، وكرَّر الكلام مرَّتين، وعند أبي ذرٍّ في الأُولَى: «كأنَّهم وُجُدٌ»؛ أي: غِضابٌ، وبه تظهَر فائدةُ التَّكرارِ.
          قوله: «فمَن وَجَد منكم بمالِه شيئاً فلْيَبِعْه» [خ¦6944] معناه: اغتبَط به وأحبَّه، قوله: «من مَوجِدَة أمِّه» (2)؛ أي: من حبِّها إيَّاه، وحُزنِها لبُكائِه، ورُوِي: «من وجدِ أمِّه».
          2285- قوله: «فأَوْجَرُوها» الوجورُ ما صُبَّ في فمِ المريضِ، كما أنَّ اللَّدُودَ ما صُبَّ في أحدِ جانِبَي فمِه، يُقال منه: وجَرتُ وأوجَرتُ.
          2286- و«الواجِمُ» المُهتمُّ، وجَم يجِم وُجُوماً وهو ظهُورُ الحُزنِ / وتَقطيبُ الوَجهِ مع تَركِ الكَلامِ.
          2287- و«مُشْرِفُ الوَجنَتين» [خ¦3344]؛ أي: عالي عظام الخدَّين، يقال: وَجْنَة ووُجْنَة ووِجْنَة ووَجِنَة ووَجَنة وأُجنَة بهَمزةٍ مَضمُومةٍ.
          وقولها: «يَرِيبُني في وَجَعِي» [خ¦4141] العربُ تُسمِّي كلَّ مرضٍ وَجعاً.
          2288- ومنه قولها: «إنَّ ابنَ أختي وَجِعٌ» [خ¦190]، كذا لأكثَرِهم.
          وعند ابنِ السَّكنِ: في «باب استِعْمال فضلِ وُضوءِ النَّاسِ»: «وَقِع» [خ¦3541] وهو بمعنَى «وجع»؛ أي: مُشتكٍ مريضٌ.
          2289- قوله: «ممَّا لم يُوجَفْ عليه»؛ أي: لم يُؤخَذ بغَلبةِ جيشٍ، وأصلُه من الإيجافِ في السَّيرِ وهو الإسراعُ.
          وقوله: «والطَّائفةُ الأُخرَى وجَاهَ العَدوِّ» [خ¦4129] بالضَّمِّ والكَسرِ، وهي المُقابلةُ.
          وقوله: «وعمرُ تُجاهَهُ» [خ¦2571]؛ أي: مُقابَلته وتِلقَاء وَجهِه، والجِهةُ النَّحوُ والمَقصدُ الذي يستَقبِلُه.
          قوله: «وُجِّهَتْ لي أَرضٌ»؛ أي: أُرِيت وجْهَها وأُمِرتُ باستِقْبالها وقَصدِها، ووَجَّهت إلى الشَّيءِ استَقبَلتُه، ومنه: «وُجِّهَ نحوَ الكعبةِ» [خ¦7252]، وقوله: «وَجَّهَ هَاهُنا» [خ¦3674]؛ أي: تَوجَّه، وقيَّده بعضُ شيُوخِنا «وجْه» بسُكونِ الجيمِ؛ أي: هذه الجِهَة، ورجَّحه بعضُهم.
          قوله: «أينَ تَوَجَّهُ»؛ أي: تُصلِّي وتُوجِّه وَجهَك، وقوله: «هذا وَجْهي إليه» [خ¦3522]؛ أي: قَصدِي.
          وقوله: «ذُو الوَجْهَينِ لا يَكُونُ عِندَ الله وَجِيهاً»(3) هو الَّذي يُظهِر لكلِّ طائفةٍ وجهاً يُرْضِيها به، ويُوهِمها أنَّه معَها، وأنَّه عدوٌّ للأُخرَى، ويُبدِي لهم مَساوِيها، والوَجِيهُ ذو القَدرِ والمَنزلةِ، يقال منه: وجُهَ الرَّجل بالضَّمِّ وَجاهَة بالفَتحِ.
          وقوله: «وكان لعليٍّ وَجْهٌ في النَّاسِ» [خ¦4240]؛ أي: جَاهٌ زائدٌ على قَدرِه لأجْلِها، ومنه: «نرَى لك وَجهاً عند هذا الأميرِ». [خ¦4642]
          وقوله: «ما يشاء أَحدٌ منَّا أن يَقتُلَ أحداً إلَّا قتلَه، ما أحدٌ منهم يُوَجِّهُ إلينا شيئاً»؛ أي: يأتينا به، ويقصُدُنا من مُراجَعةٍ أو قتالٍ، «حيثُ تَوجَّهتْ» [خ¦1000] حيثُ قصَدت واستَقبَلت بوَجهِها.
          ومنه في إشْعارِ البُدْنِ: «وهو مُوجِّه إلى القِبلَةِ» كذا لابن عِيسَى(4)، وعند غَيرِه من شيُوخِنا وهو «مُوجَّه» بالفَتحِ.
          قوله: «وأَخبرَهم بوجهِه الَّذي يريدُ» [خ¦2948]؛ أي: بمَقصدِه، ويُروَى:«بوِجْهَتِهم»، وهما سَواء.


[1] بها قرأ روح عن يعقوب البصري، انظر: «النشر في القراءات العشر»: 2/388.
[2] ولفظه: (من شدة وجد أمه به).
[3] «الكامل» لابن عدي ░7/16▒، و«مساوئ الأخلاق» للخرائطي ░139▒.
[4] في الأصول (لأبي)، وصوَّبناه من أصول «المشارق»، وهو أبو عبد الله بن عيسى التَّميميُّ.