مطالع الأنوار على صحاح الآثار

الواو والراء

          الوَاو والرَّاء
          2304- قوله في حديثِ مَن بايَع تحتَ الشَّجرةِ: «{وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مريم:71]» الحديثَ، أظهرُ التَّأويِلَات فيه قولُ مَنْ قال: إنَّه المُوافَاة / قبل الدُّخولِ، وقد يكون مع الوُرودِ دُخولٌ وقد لا يكون، ويدُلُّ عليه قولُ عائشةَ: «إنَّه ليس بدُخولٍ»، والمُرادُ به الجوَاز على الصِّراطِ، ويدُلُّ علَيه قولُه: {أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} [الأنبياء:101]، {وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ} [القصص:23]؛ أي: بلَغ، ولم يَسقِ فيه ولا لابَسَه بعدُ.
          وقوله: «يومَ وِرْدِها» هو اليومُ الذي ترِدُ فيه الماء، وذلك لأجلِ المُحتاجِين النَّازلِين حول الماء، ومَن لا لبَن له، وقد تُسمَّى الإبل التي ترِدُ الماء أيضاً ورداً في غير هذا الحَديثِ، ومنه: {وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا} [مريم:86]، يعني: كالإبلِ العطاشِ، وهذا كقَولِنا: قومٌ صَومٌ وزَورٌ؛ أي: صُوَّام وزُوَّار.
          و«الثَّوب المُورَّد» [خ¦25/23-2439] الأحمَر المُشبعُ.
          وقوله: «هذا أَورَدَني المَوارِدَ»؛ أي: أوصَلني إلى الأمور المَكرُوهةِ، وبلَّغني إيَّاها، إمَّا من أمورٍ كرِهَها في الدُّنيا، أو خوفَ تباعات اللِّسان في الآخرةِ، وهو أظهَر، وحُذف وصف المَوارِد بالكَراهِيَة لدَلالَة الحالِ عليه.
          2305- قوله: «وَرْطات الأُمورِ» [خ¦6863] بإسكان الرَّاء؛ أي: شدائدُها، وما لا يُتخلَّص منه، قال الخليلُ: الوَرطةُ البلِيَّة يقَع فيها الإنسانُ.
          2306- قوله: «لعلَّك من الذين يُصلُّونَ على أَوْراكِهم» [خ¦145] الوَرِك بفتح الواو وكَسرِ الرَّاء وإسكانها، وكسرِ الواو مع إسكان الرَّاء أيضاً، وفسَّره مالكٌ ☼: بأنَّه الَّذي يَسجُد ولا يرتَفِع عن الأرضِ يعني: ولا يُقيم وَرِكه لكنَّه يفرُج(1) رُكـــبَتيْه، فكأنَّه اعتَمَد على وَركِه.
          وقوله: «حتَّى إنَّ رأسَها ليُصيبُ مَوْرِكَ رَحْلِه».
          2307- قوله: «ثمَّ وَرِمَتْ»؛ أي: صارت ورماً وانتفَخَت، ومِثلُه: «حتَّى تَرِمَ قَدَماهُ» [خ¦4836]؛ أي: تَنتَفِخُ.
          2308- قوله: «إذا أَشْفَى وَرِعَ» الوَرَعُ الكفُّ عن الشُّبهاتِ تحرُّجاً وتخوُّفاً من الله تعالى، يقال: ورِعَ فهو ورِعٌ بيِّنُ الورَعِ والرِّعَةِ.
          2309- قوله: «هل فيها من أَوْرَقَ» [خ¦5305] الوُرْقة في الإبل لون يضرب إلى الخضرة كلَون الرَّمادِ، وقيل: إلى السَّوادِ.
          قوله: «خمسِ أَواقٍ من الوَرِقِ» [خ¦1459] الوَرِق والوُِرْق والرِّقَة الدَّراهمُ خاصَّة، والوَرقُ بالفَتحِ المالُ، وقال غيرُه: الوَرقُ المَسكُوكُ خاصَّة، والرِّقة الفِضَّة كيف ما كانَت، وقيل: الوَرقُ والرِّقة سواء / يقعان على مَسكُوكٍ وغير مَسكُوكٍ، وإنَّما الرِّقةُ مَنقُوصة، أصلُها ورقة من الوَرقِ.
          وقوله: «كأنَّ وَجهَه وَرَقةُ مُصْحَفٍ» [خ¦680] يريد في حُسنِه ووضَاءتِه، كما قال في الحديثِ الآخرِ: «كأنَّه مُذْهَبَةٌ»، قيل: وهي إشارة إلى بياضه المُمتزَج بصُفرةٍ كلَونِ الدُّرَّةِ.
          2310- و«الوَرسُ» [خ¦134] صبغ أصفَر مَعرُوف.
          2311- قوله: «وَرَّى بغَيرِها» [خ¦2947]؛ أي: ستَرها وأوهَم بغَيرِها، وأصلُه من الوَراءِ؛ أي: ألقَى البيان وراءه.
          وقوله: «إنَّما اتَّخذتُ خلِيلاً من وَراءَ وراءَ»؛ أي: من غيرِ تَقريبٍ ولا إدلالٍ بخَواصهَا، قلت: وهذا بالإضافَةِ إلى مَنزلِه، تَبيِيناً من المَحبَّة والتَّقريبِ والكَشفِ.
          وقوله في الإمام: «ويُقاتَلُ من وَرائِه» [خ¦2957] قيل مَعنَاه: من أمامِه، وهو عند بَعضِهم من الأضدَادِ، ومنه: {وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ} [الكهف:79] وإنَّما كان أمامَهم، وكذلك {وَمِن وَرَآئِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ}[إبراهيم:17]، والأظهَر عندي أنَّه على وَجهِه؛ لأنَّه قال: «الإمامُ جُنَّةٌ» فهو للمُسلِمِين كالتِّرسِ الذي يقِيهُم المَكارِه ويُحتمَى به، ويُقاتَل في ظلِّ سُلطَانِه، كما يُقاتَل من وراء التِّرسِ الَّذي يُشبَّه في الحِمايَة به.
          و«التَّورَاة» [خ¦2125] قيل: أصلُها وَوْرَات أبدُلِت الواو تاء من ورَيتُ بك زِنادِي، ووَرَيتُ الزِّندَ إذا استَخرجتَ منه النَّار.
          وقوله: «فلم يُصلِّها إلَّا وراءَ إمامٍ»؛ أي: إنَّها لا تجزئه إلَّا أن يكون فيها مَأمُوماً، فكأنَّه لم يُصلِّها إذا لم تُجزِئْه.
          قوله: «لأَنْ يَمتلِىءَ جَوْفَ أَحَدِكُمْ قَيحاً حتَّى يَرِيهِ» [خ¦6155] قال أبو عُبيدٍ: هو من الوَرْيِ، وهو أن يَروِيَ جوفه، قال الخليلُ: هو قيحٌ يأكُل جوفَ الإنسانِ.
          وقوله صلعم: «إنِّي لأَراكُم من وَرَاءِ ظَهْري» [خ¦418]؛ أي: من خَلفِي، قيل: هو على ظاهِرِه، وأنَّ الله قوَّى بصرَه وإدراكه، كما قال: «إني أُبصرُ من ورائي كما أبصرُ من بين يدَي»، وقيل معناه: أعلَم ذلك ولا يخفَى عنِّي، لعِلْمٍ أعلمه الله به، وقيل: معناه التِفاتُه يسِيراً لذلك، وقيل: معناه أستَدِلُّ على ما ورائي ما أرى أمامي، والأوَّل أصَحُّ وأظهر.
          وقوله: «فما توارَت يَدُه من شَعرَةٍ»؛ أي: وارَت وسترت.


[1] في (س): (مفرج).