الجمع بين الصحيحين لابن الخراط

حديث: اللهم أطعم من أطعمني واسق من سقاني

          2653- وعنِ المقدادِ بنِ عَمرٍو قال: أقبَلتُ أنَا وصَاحِبانِ لِي، وقد ذهبتْ أسمَاعُنا وأبصَارُنا منَ الجُهدِ، فجعلْنَا نَعرِضُ أنفُسَنا على أصْحَابِ رسولِ الله صلعم، فليسَ أحدٌ منهم يقبلُنا، فأتينا النَّبيَّ صلعم، فانطلقَ بِنَا إلى أهلِه، فإِذا ثلاثةُ(1) أَعنُزٍ، فقال النَّبيُّ صلعم: «احتَلِبوا هذا اللَّبنَ بَينَنَا» قال: فكنَّا نَحتَلِبُ فَيشرَبُ كلُّ إِنسانٍ مِنَّا نَصيبَهُ، ونرفعُ للنَّبيِّ صلعم نَصيبَهُ، قال: فَيجِيءُ منَ اللَّيلِ، فيُسَلِّمُ تَسليمًا لا يُوقِظُ نَائِمًا(2) ، ويُسمِعُ اليَقظانَ، قال: ثمَّ يَأتي المَسجِدَ فَيُصلِّي، ثمَّ يَأتِي شَرابَه فَيشرَبُ، فأَتاني الشَّيطانُ ذاتَ لَيلةٍ وقد شَربتُ نَصيبي، فقال: مُحمَّدٌ يَأتِي الأنصارَ فَيُتحِفُونَه ويُصِيبُ عِندَهم مَا بِه حَاجةٌ إلى هذه الجُرعَةِ، فأَتَيتُها فَشرِبتُها، فلمَّا [أنْ](3) وَغَلتْ في بَطنِي، وعلمتُ أنَّه ليسَ إِليها سَبيلٌ، قال: ندَّمَنِي الشَّيطانُ، فقال: وَيحُك! ما صَنعتَ؟ أَشرِبتَ شَرابَ مُحمَّدٍ؟ فَيجيءُ فلا يَجِدُه، فيَدعُو عَليك فتَهلِكُ، فتذَهبُ دُنياكَ وَآخرتُكَ، وعليَّ شَمْلةٌ إِذا وضعتُها على قَدمِيَّ؛ خرجَ رَأسِي، وإِذا وضَعتُها على رَأسِي؛ خرجَ قَدمَاي، وجعلْتُ(4) لا يَجِيئُنِي النَّومُ، وأمَّا صَاحِبايَ؛ فَنامَا ولم يَصنَعا ما صَنعتُ، قال: فجاءَ النَّبيُّ صلعم، فسلَّم كما كان يُسلِّم، ثمَّ أتى المَسجِدَ، فصلَّى ثمَّ أتى شَرَابَه، فكشَفَ عنه، فلم يجدْ فيه شَيئًا، فرفعَ رَأسَه إلى السَّماءِ، فقلتُ: الآنَ يدعو عليَّ فَأهلِكُ، فقال: «اللَّهمَّ أطعِمْ من أَطْعَمَني، واسقِ(5) من سَقانِي(6) »، فعمَدتُ إلى الشَّملةِ، فَشددتُها / [عليَّ(7)، وأخذتُ الشَّفْرةَ، فانطَلقتُ(8) إلى الأعنُزِ أيُّها أسمَنُ فأَذْبَحُها لرسولِ الله صلعم، فإِذا هي حَافِلٌ، وإذا هُنَّ حُفَّلٌ كُلُّهنَّ، فَعَمَدتُ إلى إِناءٍ لآلِ مُحمَّدٍ ما كانوا يَطمَعونَ(9) أن يَحتَلِبُوا فِيه، قال: فحلَبْتُ فيه حتَّى عَلتْهُ رَغوةٌ، فَجئتُ إلى رسولِ الله صلعم فقال: «أشرِبتُم شَرابَكم اللَّيلةَ؟» قال: فقلتُ: يا رسولَ الله؛ اشرَبْ، فشرِبَ، ثمَّ نَاولَني فقلتُ: يا رسولَ الله؛ اشربْ، فشَرِبَ، ثمَّ نَاولَنِي، فلمَّا عرفتُ أنَّ النَّبيَّ صلعم قد رَوِيَ، وأصبتُ دَعوتُه، ضَحكتُ حتَّى أُلقيتُ إلى الأرضِ، قال: فقال النَّبيُّ صلعم: «إِحدى سَوآتِك يا مِقدادُ» فقلتُ: يا رسولَ الله؛ كان من أمرِي كَذا وكَذا، وفعلتُ كَذا وكَذا، فقال النَّبيُّ صلعم: «ما هذه إلَّا رحمةٌ منَ الله، أفَلا كنتَ آذنْتَني، فنُوقِظُ صَاحِبَينَا فيُصيبانِ منها»، قال: فقلتُ: والَّذي بَعثَكَ بِالحقِّ؛ ما أُبَالِي إِذا أصبْتَها وأصبْتُها مَعَك من أصابَها منَ النَّاسِ.
          لم يخرِّجِ البخاريُّ هذا الحديثَ، ولا أخرجَ عنِ الِمقدادِ أكثرَ من حديثٍ واحدٍ، وقد تقدَّم في الإيمانِ.


[1] في (ق): (ثلاث).
[2] في (أ) و(ق): (يوقظنا)، وفي هامشيهما نسخة كالمثبت.
[3] سقط من (ص).
[4] في (ت): (وجعل).
[5] في غير (ص) و(ق): (وأسق).
[6] في غير (ص) و(ق): (أسقاني).
[7] هنا بداية السقط في (ق).
[8] في (ص): (وانطلقت).
[9] في (أ): (يطعمون).