الجمع بين الصحيحين لابن الخراط

حديث: لا تنزلن برمتكم ولا تخبزن عجينكم حتى أجيء

          2636- مسلم: عن جَابرِ بنِ عبدِ اللهِ، قال: لمَّا حُفِرَ الخَندَقُ؛ رَأيتُ(1) رسولَ(2) اللهِ صلعم خَمَصًا، فانْكَفَأْتُ إلى امرَأتِي، فقُلتُ لها: هل عِندَك شَيءٌ؟ فإنِّي رَأيتُ برسولِ(3) الله صلعم خَمَصًا شَديدًا، فَأخرجتْ لي جِرابًا فيه صَاعٌ(4) من شَعيرٍ، ولَنا بُهيمَةٌ دَاجِنٌ، قال: فَذبَحتُ وطَحَنَتْ، فَفَرغتْ إلى فَراغِي، فَقَطَّعتُها في بُرمَتِها، ثمَّ ولَّيتُ إلى رَسولِ الله صلعم، فقالتْ: لا تَفضَحنِي بِرسولِ الله صلعم ومن مَعَهُ، قال: فَجئتُهُ فَسارَرتُهُ، فقلتُ: يا رسولَ الله؛ إنَّا قد ذَبَحنَا بُهَيمَةً لنا، وطَحَنَتْ(5) صَاعًا من شَعيرٍ كان عِندَنا، فتَعالَ أنتَ في نَفَرٍ مَعكَ، فَصاحَ رسولُ الله / صلعم وقال: «يا أهلَ الخَندقِ؛ إنَّ جَابِرًا قد صَنَعَ لَكم سُورًا فَحيَّ هَلًا(6) بِكم»، وقال رسولُ الله صلعم: «لا تُنْزِلُنَّ بَرْمَتَكُم، ولا تَخبزُنَّ عَجينَكم(7) ، حتَّى أَجِيءَ» فَجئتُ وجاءَ رسولُ الله صلعم يَقدَمُ النَّاسَ حتَّى جِئتُ امرأَتِي، فقالت: بِكَ، وبِكَ، قال: قد فعلتُ الَّذي قلتِ لي، فَأَخرَجتُ لَه عَجِيننَا(8) فَبَصقَ فِيها وبَارَك، ثمَّ عَمَدَ إلى بُرمَتِنا فَبَصَقَ فيها وبارَك، فقال(9) : «ادعُوا (10) لي خَابِزَةً (11) فَلتَخْبِز مَعكِ، واقْدَحي من بُرمَتِكُم ولا تُنزِلُوها» وهم أُلفٌ، فَأُقسِمُ بِالله؛ لَأكَلوا حتَّى تَرَكُوهُ وانحَرَفُوا، وإنَّ بُرمَتَنَا لَتَغِطُّ كما هي، وإنَّ عَجينَنَا (12)_أو كما قال الضَّحاكُ _ لَيُخبَزُ (13) كما هو.
          الضَّحاكُ (14) بنُ مَخْلدٍ هذا: هو أحدُ رُواةِ هذا الحديث.
          وخرَّجه البُخاريُّ في غزوةِ الخَندَقِ [خ¦4102] بِكمالِه من حَديثِ الضَّحَّاكِ وليس فيه: أو كَمَا قال الضَّحَّاكُ.
          وقال فيه (15) : «ادْعُ خَابِزةً فلتَخْبِزْ (16) مَعي».
          وخرَّجَه عن جَابِرٍ أيضًا من طَريقٍ أُخرَى، قال: إنَّا يومَ الخَندَقِ نَحفِرُ فَعَرَضتْ كُدْيةٌ (17) شَديدَةٌ، فجاءوا النَّبيَّ صلعم، فقالوا: هذهِ كُدْيةٌ (18) عَرَضَتْ في الخَندَقِ، قال: «أنا نَازِلٌ»، ثمَّ قامَ وبَطْنُهُ مَعصوبٌ بِحجَرٍ، ولَبِثنَا ثلاثَةَ أيَّامٍ لا نَذُوقُ ذَواقًا، فأخذَ النَّبيُّ صلعم المِعولَ فَضرَبَ، فَعادَ كَثيبًا أهيَلَ أو أَهيَمَ، فقلتُ: يا رسولَ الله؛ ائذنْ لي إلى البيتِ، فقلتُ لِامرَأَتي: رَأيتُ بالنَّبيِّ صلعم شَيئًا ما (19) في ذلك صَبرٌ، فَعِندَكِ شَيءٌ؟ قالت (20) : عِندِي شَعيرٌ وعَنَاقٌ (21) ، فذَبَحتُ (22) العَنَاقَ، وطَحَنَتِ الشَّعيرَ حتَّى جَعلْنا اللَّحمَ في البُرمَةِ، ثمَّ جِئتُ النَّبيَّ صلعم والعَجينُ قد انْكَسرَ والبُرمَةُ بينَ الأثافِي، قد كادَت أن تنْضَجَ، فقال: طُعَيِّمٌ لي، فقُم أنت (23) يا رسولَ الله ورجلٌ أو رَجُلان، قال: «كم هو؟»، فذَكرتُ له قال (24) : «كَثيرٌ طَيِّبٌ»، قال: «قُل لها: لا تَنزِعِ البُرمَةَ، ولا الخُبزَ منَ التَّنُّورِ حتَّى آتِي» قال: «قُومُوا»، فقامَ المُهاجرونَ والأنصارُ، فلمَّا دخلَ على امرأتِه؛ قال: ويحك! جاءَ النَّبيُّ صلعم بالمُهاجرينَ (25) والأنصارِ ومن مَعهم، قالت: هل سَألكَ؟ قلتُ: نعم، قال: فقال: «ادخُلُوا ولا تضاغَطوا»، فجعلَ يَكسِرُ الخُبزَ ويَجعلُ عليه اللَّحمَ (26) ، ويُخمِّرُ البُرمَةَ والتَّنُّورَ إذا أخذَ منه، ويُقرِّبُ إلى أصحابِه، ثمَّ يَنزِعُ، فلم يَزَل يَكسِرُ الخبزَ ويَغرِفُ حتَّى شَبِعوا وبَقيَ بَقيةٌ، قال: «كُلي هذا وأهدي، فإنَّ النَّاسَ أصابَتهُم مَجاعةٌ». [خ¦4101]


[1] في (أ) و(ت): (ورأيت).
[2] في (ت) و(ق): (برسول).
[3] في غير (ق) والمطبوع: (رسول).
[4] في (ص): (صاعًا).
[5] في (ص): (وطحنتُ).
[6] في (ت): (فحيَّهلَا).
[7] في (أ) و(ت): (عجينتكم).
[8] في (أ) و(ت): (عجينتنا)، وفي (ص) و(ك): (عجينًا).
[9] في غير (ص): (قال).
[10] في المطبوع: (ادعي).
[11] في (ك): (خبازة).
[12] في (أ) و(ت): (عجينتنا).
[13] في (أ) و(ت): (لتخبز).
[14] زيد في (ك): (هو).
[15] زيد في (ت): (رواه الضَّحَّاكُ بنُ مَخلَدٍ عن حَنظَلَةَ بنِ أَبي سُفيانَ، عن سَعيدٍ بنِ مِينَاءَ، عن جَابِرٍ).
[16] في غير (ت): (خابز فليخبز)، وفي (ك): (جابر فليخبز).
[17] في (أ) و(ص): (كبدة)، وفي (ت): (كيدة).
[18] في (ص): (كبدة).
[19] زيد في المطبوع: (كان).
[20] زيد في (أ) و(ت): (نعم).
[21] في (ص): (وعِناق).
[22] في (أ) و(ك): (فذَبَحَت).
[23] في (ك): (ايت).
[24] في (ق): (فقال).
[25] في (ص): (والمهاجرين).
[26] في حاشية (أ): (الخبز).