نيل الأماني في توضيح مقدمة القسطلاني

ألفاظ التعديل

          قوله: (وَلِأَلْفَاظِ التَعْدِيْلِ مَرَاتِبٌ) جعلها النووي وابن الصلاح أربعًا فتَبِعهم الشارح، وجعلها الذهبي والعراقي خمسة، وشيخ الإسلام ستة، وتُقبل الشهادة بما ذكر من واحد كالشافعي وأحمد والبخاري كما سبقت الإشارة إليه.
          قوله: (أَعْلَاهَا)؛ أي: بِحَسب ما ذكره.
          وأما المرتبة التي زادها الذهبي والعراقي فإنها أعلى من هذه، وهي ما كُرِّرَ فيهِ أحدُ هذه الألفاظ المذكورة أعني: (ثقة أو متقن...) إلى آخره، إمَّا بعينه (كثقة ثقة) أو لا (كثقة ثبت) أو (ثقة حجة) أو (ثقة حافظ)، والرتبة التي زادها شيخ الإسلام أعلى من مرتبة التكرير: وهي الوصف بأفعل (كأوثق الناس) و(أثبت الناس) أو نحوه كــ (إليه المنتهى في الثَّبْتِ).
          قال الجلال: ومنه: (لا أحدَ أثبتُ منه) و(مَنْ مثل فلان) و(فلان يُسأل عنه؟!) على تقدير همزة الاستفهام الإنكاري، وهذه الثلاثة في ألفاظهم. انتهى.
          فالمرتبةُ التي ذكرها الشارحُ أعلى؛ وهي ثالثةٌ في الحقيقة.
          قوله: (أَوْ ضَابِطٌ أَوْ حُجَّةٌ)؛ أي: أو ثبتٌ أو عدلٌ حافظ.
          قوله: (ثَانِيْهَا)؛ أي: المراتب، وهي رابعةٌ بحسب ما ذكرناه.
          قوله: (خَيِّرٌ)؛ أي: أو (خيار) أو (محله الصدق) على ما ذكره النووي، وجعلَ الذهبي قولهم: (محله الصدق) مؤخَّرًا عن قولهم: (صدوق) إلى المرتبة التي تليها، وتبعه العراقي؛ لأنَّ صدوقًا مبالغةٌ في الصدق بخلاف محله الصدق، فإنَّه دالٌّ على أنَّ صاحبه محلُّهُ ومرتبتُه مطلقُ الصدقِ.
          قوله: (وَهَؤُلَاءِ)؛ أي: أصحاب هذه المرتبة الثانية في كلامه.
          وقوله: (يُكْتَبُ حَدِيْثُهُم) كانَ عليه أن يزيدَ: وينظر فيه، كما قاله ابن أبي حاتم ونقله النووي وابن الصلاح؛ فإنَّ هذا هو محل الفائدة، وإلَّا فما قبل هذه المرتبة يُكتب حديثهم أيضًا لكن من غير نظرٍ كما أطلقه ابن الصلاح والنووي والجلال وغيرهم، وإنَّما ينظر في حديث هؤلاء.
          قال ابن الصلاح: لأنَّ هذه العبارة لا تُشعر بالضبط فيُعتبر حديثهم بموافقة الضابطين، ولو أَخَّرَ هذه العبارة عن قوله: (ثَالِثُهَا: شَيْخٌ) وقالها مع قوله: (للاعْتِبَارِ) ليُفيدَ أنَّ أهلَ هاتين المرتبتين يُكتب حديثُهُم للاعتبار كان أوفق، بل لو أخَّرها عن الرابعة كان أولى وأخصر.
          قوله: (ثَالِثُهَا) هي الخامسةُ بحسبِ ما ذكرنا.
          قوله: (شَيْخٌ) زادَ العراقي في هذه المرتبة قولهم: (إلى الصدق ما هو)، وقولهم: (شيخ وسط) و(جيد الحديث) و(حسن الحديث)، وزادَ شيخ الإسلام: (صدوق سيئ الحفظ) و(صدوق له أوهام) و(صدوق مخطئ) و(صدوق / تغير بآخرة). انتهى.
          وقالوا: معنى (إلى الصدق ما هو)؛ أي: هو قريب إلى الصدق، فما زائدة والجار والمجرور متعلقٌ بـ (قريب) مقدرًا.
          قال شيخ الإسلام: وفي هذه المرتبة مَن رُمي بنوع بدعةٍ كالتَّشيع والقدر والإرجاء فيُكتب حديث جميع هؤلاء للاعتبار؛ أي: النظر فيه.
          قوله: (صَالِحُ الْحَدِيْثِ) زاد العراقي في هذه أيضًا: (صدوق إن شاء الله) (أرجو أن لا بأس به) (صويلح) وزاد شيخ الإسلام: (مقبول).
          قوله: (وَيُنْظَرُ فِيْهِ) الحاصلُ حسبما يظهرُ من صنيعهم أنَّ الثلاث مراتب الأولى من السِّت التي ذكرناها يُكتب حديثهم من غير نظرٍ، والثلاث الأخر يكتب حديثهم للنظر، وإن كان بعضها في كلٍّ أعلى من بعض.