-
المقدمة
-
الفصل الأول: في فضيلة أهل الحديث...
-
الفصل الثاني: في ذكر أول من دوّن الحديث...
-
الفصل الثالث: في نبذة لطيفة جامعة لفرائد...
-
علم الحديث دراية
-
تعريف علم الحديث رواية
-
تنبيه: في تعريف الخبر والأثر والسند والإسناد...
-
تتمة أول من دون في علم الحديث دراية
-
المتواتر
-
المشهور
-
الصحيح
-
الحسن
-
المضعف
-
الضعيف
-
المسند
-
المرفوع
-
الموقوف
-
الموصول
-
المرسل
-
زيادة الثقة
-
المقطوع
-
المنقطع
-
المعضل
-
المعنعن
-
المؤنن
-
المعلق
-
المدلس
-
المدرج
-
العالي والنازل
-
المسلسل
-
الغريب
-
العزيز
-
المعلل
-
الفرد
-
الشاهد والاعتبار
-
الشاذ
-
المنكر
-
المضطرب
-
الموضوع
-
المقلوب
-
المركب
-
المنقلب
-
المدبج
-
المصحف
-
الناسخ والمنسوخ
-
صفات الترجيح
-
المختلف
-
رواية الآباء عن الأبناء وعكسها
-
رواية الأكابر عن الأصاغر
-
السابق واللاحق
-
الإخوة والأخوات
-
من له أسماء مختلفة
-
الوحدان
-
الكنى
-
الألقاب
-
الأنساب
-
النسب التي على خلاف ظاهرها
-
المبهمات
-
المؤتلف والمختلف
-
المتفق والمفترق
-
شروط الراوي
-
الصحابة
-
تتمة الكلام في صفات الراوي
-
ألفاظ التعديل
-
ألفاظ التجريح
-
الرواية عمن أخذ أجرة على التحديث والمتساهل ونحوهما
-
في آداب كتب الحديث وروايته
-
طرق التحمل
-
آداب تحمل الحديث
-
علم الحديث دراية
-
الفصل الرابع: فيما يتعلق بالبخاري في صحيحه
-
الفصل الخامس: في ذكر نسب البخاري ونسبته ومولده...
-
خاتمة المصنف
قوله: (مَا عُرِفَ مَخْرَجُهُ) بفتح الميم والرَّاء؛ أي: محلَّ خروجه، وهو رجاله الرَّاوون له؛ لأنَّه خرج منهم والمراد ولو نساء.
وأما المخرِّج بالتَّشديد أو بالتَّخفيف اسم فاعل فهو ذاكرُ الرِّواية، كالبخاريِّ، والمعنى أنَّ الحَسن هو ما اشتهرت رجاله وذلك كناية عن الاتِّصال كما سيأتي بقول الشَّارح، والمرادُ به ؛ _أي: بمعرفة المخرَج_ الاتِّصال وأنَّ المدار عليه ولو لم يعرف المخرج إذ المرسل والمنقطع والمُعْضَل والمُدَلَّس _بفتح اللام_ قبل أن يتبيَّن تدليسه لا يُعرف مخرج الحديث فيها فلا يكون متَّصلًا إذ لا يُدرى من سقط.
قوله: (بِسِبَبِ رِوَايَةِ أَهْلِ بَلَدِهِ)؛ أي: عنه، وقوله: (كان مخرجه معروفًا)؛ أي: لمعرفة سلسلة قتادة وشهرتها بين المحدثين.
قوله: (فالمُنْقَطِعُ...) إلى آخره، تفريعٌ على أنَّ المرادَ الاتِّصال والمدار عليه، وسيأتي أنَّ المنقطع ما سقط من رواته واحدٌ قبل الصَّحابيِّ من مكان أو أكثر، والمُعْضَل السَّاقط منه اثنان فأكثر مع التَّوالي، والمُرْسل ما سقط منه الصَّحابيُّ ورفعه التَّابعي.
وقوله: (لغيبة...) إلى آخره، علَّةٌ مقدَّمةٌ على المعلول.
وقوله: (لا يعلم...) إلى آخره، خبر المنقطع.
وأمَّا قوله: (لا يُسوغ) فالظَّاهر أنَّ له فاء سقطت ولا يسوغ سقوطها، إذ المعنى أنَّه يترتَّب على عدم معرفة السَّاقط منها عدم جواز الحكم على مَخْرجها بالحُسن؛ لتوقفه على الاتِّصال المتوقِّف على معرفة جميع الرِّجال، أو الباء في (بمخرجه) سببيَّة والكلام على تقدير مضاف؛ أي: بسبب جهل مَخْرَجِهِ لا يسوغ الحكم عليه... إلى آخره.
ثمَّ ما ذكره الشَّارح من التَّعريف أصله للخطَّابيِّ، واعترضه ابن دقيق العيد بصدقه على الصَّحيح، وأُجيب: بأنَّ الصَّحيح أخصُّ من الحسن، ودخول الخاصِّ في حدِّ العامِّ ضروريٌّ، والتَّقييد بما يخرجه عنه مخلٌّ بالحدِّ له، وهذا مبنيٌّ على طريق المتقدمين من جواز التَّعريف بالأعمِّ، لكنَّ الشَّارح سيأتي بقوله (وَشُهْرَةُ رِجَالِهِ بِالْعَدَالَةِ...) إلى آخره،عاطفًا له على قوله (فَالْمُعْتَبَرُ الاتِّصَالُ) فسَلِمَ كلامه من ذلك، إلَّا أنَّه قاصرٌ على أحد شِقَّي الحسن وهو الحسن لذاته غير شاملٍ للحسن لغيره، ولذا لم يرتضِ ذلك ابن الصَّلاح، وقال ما حاصله: قد أمعنتُ النَّظر في ذلك جامعًا بين أطراف كلامهم ملاحظًا مواقع استعمالهم فاتَّضح لي أنَّ الحسن قسمان؛ أحدهما وهو المسمَّى بالحسن لغيره ما في إسناده مستورٌ لم تتحقَّق أهليَّته غير أنَّه ليس مغفَّلًا ولا كثير الخطأ فيما يرويه ولا متَّهمًا بالكذب فيه ولا يُنسب إلى مفسِّق آخر واعتضد بمتابع أو شاهد، وثانيهما وهو المسمَّى بالحسن لذاته ما اشتهر رواته بالصِّدق والأمانة ولم يصلْ في الحفظ والإتقان مرتبة رجال الصَّحيح، قال: وعليه ينزل حدُّ الخطَّابيِّ ويزاد في كلٍّ منهما سلامته من التَّعليل والشُّذوذ. انتهى.
أي: لتتمَّ الشُّروط الخمسة الَّتي للصَّحيح، وهي الاتِّصال، وكون راويه عدلًا، وكونه ضابطًا، وعدم الشُّذوذ والتَّعليل.
قال ابن جماعة: ويرد على الأوَّل من القسمين الضَّعيف والمنقطع والمرسل الَّذي في رجاله مستور، وروي مثله أو نحوه من وجه آخر، وعلى الثَّاني المرسل الَّذي اشتهر راويه بما ذكر فإنَّه كذلك وليس بحسنٍ في الاصطلاح، قال: ولو قيل: الحسن كلُّ حديث خالٍ عن العلل وفي سنده المتَّصل مستور له به شاهد أو مشهور قاصر عن درجة الإتقان لكان أجمع وأخصر. انتهى.
وحدَّ شيخ الإسلام الصَّحيح لذاته بما نقله عدل تامُّ الضَّبط متَّصل السَّند غير معلَّل ولا شاذٍّ، ثمَّ قال: فإنْ خفَّ الضَّبط فهو الحسن لذاته. فشَرَّك بينه وبين الصَّحيح في الشُّروط إلَّا تمام الضَّبط، ثمَّ ذكر الحسن لغيره بالاعتضاد.
وبالجملة فقد كثُرت تعاريف الحسن ولم يصفُ منها تعريفٌ حسن، قال البلقينيُّ: الحسن لَمَّا توسَّطَ بين الصَّحيح والضَّعيف عند النَّاظر كأنَّ شيئًا ينقدح في نفس الحافظ وقد تقصُر عبارته عنه فلذا صعُب تعريفه. انتهى.
قوله: (ولَمْ يُعْرَف المَخْرَج)؛ أي: لم يشتهر، وأمَّا أصل معرفته وضبطه فلا بدَّ منه.
قوله: (مُتَّصِلٌ)؛ أي: لِمَا عرفت من أنَّ ما سقط من رجاله شيء لم يعرف مخرجه.
وقوله: (ولا عَكْسَ)؛ أي: لأنَّه قد يتَّصل مع عدم الاشتهار بل ومع الضَّعف.
قوله: (وشُهْرَةُ) بالرَّفع عطف على الاتِّصال، والمراد بالشُّهرة: سلامة الرِّجال من وصمة الكذب فهو بمعنى قول التِّرمذيِّ: ولا يكون في إسناده متَّهم بالكذب، كما في «شرح التَّقريب»، ويحتمل أن يكون (وشهرة) مبتدأ و (بالعدالة) خبره؛ والمعنى: وشهرة رجاله الَّتي هي مُرادة لمعرفة المَخْرج تكون بالعدالة... إلى آخره؛ أي: فمعنى قولنا: ما عُرف مخرجه؛ أي: ما اشتهرت رجاله بأنَّهم عدول ضابطون... إلى آخره، وبالجملة فهذا التَّعريف فيه من الطُّول والقلاقة والصُّعوبة ما لا يخفى.
قوله: (المُنْحَطِّ عَنْ الصَّحِيْحِ)؛ أي: الَّذي للصَّحيح وهو تمام الضَّبط / إذ المعتبر فيه الضَّبط التَّامُّ، وفي الحسن أصل الضَّبط، واعلم أنَّ الحسن بقسميه يشارك الصَّحيح في الاحتجاج والعمل به عند جميع الفقهاء وأكثر المحدثين وإن كان دونه في القوَّة ولهذا أدرجه جماعة في نوع الصَّحيح كالحاكم وابن حبَّان، لكن مَن سمَّاه صحيحًا لا يُنكر أنَّه دونه بدليل تقديم الصَّحيح عليه عند التَّعارض فحينئذ يكون الخلاف لفظيًّا، فمن جعله من الصَّحيح أراد في الاحتجاج والعمل، ومن أخرجه منه أراد أنَّ رتبته أقلُّ من رتبته.
ويُشارك الصَّحيح أيضًا في تفاوت رتبه، فمن الرُّتبة العُليا سندًا ما قاله الحافظ الذَّهبيُّ: إنَّ أعلى مراتب الحسن محمَّد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة، فإنَّ عدَّةً من الحُفَّاظ يصفون هذه الطَّريق بأنَّها من أدنى مراتب الصَّحيح، ورويَ منها قوله صلعم: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ على أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كل صَلَاةٍ» رواه التِّرمذيُّ.
تنبيهان:
الأوَّل: إذا كانَ راوي الحديث متأخِّرًا عن درجة الحافظ الضَّابط مع كونه مشهورًا بالصِّدق والسَّتر حتَّى يكون حديثه حسنًا فرُويَ حديثه من وجه آخر ولو واحدًا قَوِيَ بالمتابعة وانجبر ذلك النَّقص اليسير، وارتفع من درجة الحسن إلى درجة الصَّحيح وهو الصَّحيح لغيره، وذلك كحديث محمَّد بن عمرو المتقدِّم؛ فإنَّ محمَّد بن عمرو من المشهورين بالصِّدق لكنَّه لم يكن من أهل الإتقان حتَّى ضعَّفه بعضهم؛ من جهة سوء حفظه، ووثَّقه بعضهم؛ لصدقه وجلالته فحديثه من ذلك الوجه حسن، وانضمَّ إلى ذلك كونه رُوي من وجه آخر عن أبي هريرة فرواه الشَّيخان من طريق الأعرج عن أبي هريرة فحكمنا بصحَّته فهو صحيحٌ لذاته من طريق الشَّيخين صحيح لغيره من طريق محمَّد؛ نظرًا لجبره بوروده من طريق غيره، وحسنٌ لذاته من طريقه بقطع النَّظر عن جبره بغيره.
الثَّاني: اشتُهر أنَّ الأحاديث الضعيفة يقوِّي بعضها بعضًا، وأنَّه يتحصَّل من مجموعها أنَّ الحديث
يصير حسنًا. وليس على إطلاقه؛ بل ما كان ضعفه لضعف حفظ راويه الصَّدوق الأمين زال لمجيئه من وجه آخر موافق له، وعرفنا أنَّه لم يختلَّ فيه ضبطه وصار الحديث حسنًا بذلك وهو الحسن لغيره، وكذا ما كان ضعفه لإرسالٍ أو تدليسٍ أو جهالةِ رجالٍ زال بمجيئه من وجه آخر وكان دون الحسن لذاته، وأمَّا الضَّعيف لفسق الرَّاوي أو كذبه فلا يؤثِّر فيه موافقة غيره له إذا كان الآخر مثله؛ لقوة الضَّعف وتَقَاعُد هذا الجابر، نعم؛ يرتقي بمجموع طرقه عن كونه منكرًا أو لا أصل له.
قال شيخ الإسلام: بل ربَّما كَثُرَت الطُّرق حتَّى أوصلته إلى درجة المستور والسَّيِّئ الحفظ، بحيث إذا وُجد له طريق آخر فيه ضعفٌ قريب محتمل ارتقى بمجموع ذلك إلى درجة الحسن.