نيل الأماني في توضيح مقدمة القسطلاني

الإخوة والأخوات

          قوله: (وَالإِخْوَةُ وَالأَخَوَاتُ)؛ أي: ومن الأنواع روايةُ الإخوة والأخوات، قال في «شرح التقريب»: ومن فوائده أنَّ لا يُظن مَن ليس بأخ أخًا عند الاشتراك في اسم الأب.
          قوله: (فَمِنْ أَمْثِلَةِ الاثنَيْنِ...) إلى آخره؛ أي: في الصحابة ومنها عمر وزيد ابنا الخطاب، وعبد الله وعتبة ابنا مسعود، ولم يذكر الشارح في هذه من التابعين أحدًا، ومنها عمرو وأرقم ابنا شُرَحْبِيْل كلاهما من أفاضل أصحاب ابن مسعود قاله ابن الصلاح، والجمهور على تبديل عمرو لهذيل وهو الذي اقتصر عليه البخاري.
          قوله: (وَمِنَ الثَّلَاْثَةِ)؛ أي: من الصحابة أيضًا، و(عَبَّاد) بالفتح والتشديد، ومنها أيضًا منهم (علي وجعفر وعقيل) بنو أبي طالب، ومن غير الصحابة في التابعين (عمرو) بالفتح و(عمر) بالضم و(شُعيب) بنو شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص.
          ومن اللطائف ثلاثة إخوةٍ روى بعضهم عن بعض، وهم: محمد بن سيرين، عن أخيه يحيى، عن أخيه أنس، عن مولاه أنس بن مالك أن رسول الله صلعم قال: «لَبَّيْكَ حَجًّا حَقًّا تَعَبُّدًا وَرِقًّا»، أخرجه الدَّارقطني في «العلل».
          قوله: (عَبَّادٌ وَمُحَمَّدٌ) هذا هو الصحيحُ، وأما قول ابن عَدِي ليس في أولاد أبي صالح محمد إنَّما هو سهيل ويحيى وعباد أو عبد الله وصالح، فَوَهَمَ كما قاله العراقي حيثُ أبدلَ محمدًا بيحيى، وجعلَ عبادًا وعبد الله اثنين، وإنَّما هو لَقَبُهُ.
          قوله: (وَمِنَ الْخَمْسَةِ)؛ أي: من أتباعِ التَّابعين، ومثاله من التابعين: موسى وعيسى ويحيى وعمران وعائشة أولاد طلحة بن عبيد الله، وأما من الصحابة فقال الجلال في «شرح التقريب»: لم أقفْ عليه.
          قوله: (بَنُو عُيَيْنَةَ)؛ أي: وحدَّثوا كُلهم.
          قوله: (وَمِنَ السِّتَّةِ)؛ أي: من التَّابعين، وأما من الصحابة فلم يوجدْ.
          قوله: (وَكَرِيْمَةُ) هذا ما ذكرهُ ابن معين والنَّسائي والحاكم، وذكر أبو علي الحافظ خالدًا بَدَلَ كريمة، وزادَ ابنُ سعيد فيهم عَمرة وسَودة، قال العراقي: ولا رواية لهما فلا يَردان، وفي «المعارف» لابن قتيبة: ولد لسيرين ثلاثة وعشرون ولدًا من أمهات أولاد.
          قوله: (سِيْرِيْنَ) ممنوعٌ من الصَّرْفِ للعلميةِ والعُجمة، وذكر بعضهم أنَّها مصروفةٌ كغِسلين، واقتصر الشارح على ما ذكر من العدد.
          وقد اجتمع من الصحابة عشرة أخوة أولاد العباس: عبد الله، وعبيد الله، وعبد الرحمن، والفضل، وقُثم، ومعبد، وعون، والحارث، وكثير، وتمام، وهو أصغرهم، بل أربعة عشر وهم هؤلاء وأخواتهم أربع إناثٍ: أم كلثوم، وأم حبيب، وأميمة، وأم تميم.
          قال ابن عبد البر: لكلِّ ولد العباس رؤية، والصحبةُ للفضل. انتهى.
           ولعله ممَّن يرى أن الصُّحْبَةَ لا تتحققُ إلَّا لمن طالتْ صُحبته له صلعم وروى عنه لا كل من رآه.
          قوله: (وَمَنْ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ إِلَّاْ وَاحِدٌ) من فوائده معرفة المجهول إذا لم يكن صحابيًا فلا يقبل.
          قوله: (ابْنِ تَغْلِبَ) بفتح المثناة الفوقية وسكون الغين المعجمة وكسر اللام ثم موحدة كما في «التقريب» وهو ممنوعٌ من الصَّرف للعَلمية ووزن الفعل، كما في «شرح التسهيل».
          قوله: (فِيْ صَحِيْحِ البُخَارِي)، فيهِ: ردٌّ على الحاكم إذ قال في «المدخل»: لم يُخرِّجا ؛ _أي: الشيخان_ في الصحيحين عن أحد من هذا القبيل من الصحابة، وتَبِعه البيهقي فقال: إنهما لم يخرجاه على عادتهما في أنَّ الصحابي أو التابعي إذا لم يكن له إلَّا راو واحد لم يخرجا حديثه في الصحيحين. انتهى.
          فهذا منقوض بما ذكره الشارح من رواية الحسن البصري عن عمرو بن تغلب مرفوعًا: «وَإِنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ وَالَّذِي أَدَعُ أَحَبُّ إِلَيَّ»، وبإخراج الشيخين حديثَ سعيد بن المُسَيَّب في وفاةِ أبي طالب مع أنَّه لا راويَ له غير ابنه، وإخراجِ مسلم حديث عبد الله بن الصامت، عن رافع بن عمرو الغفاري ولا راوي له غيره، قال النووي: ونظائرُ ذلك في الصحيحين كثيرة.
          قوله: (قَالَهُ مُسْلِمٌ وَالحَاكِم) هوَ الصَّحِيْحُ، وما قاله ابنُ عبد البر وابن أبي حاتم أَنَّهُ روى عنه أيضًا الحكم ابن الأعرج(1) رَدَّهُ العراقي، وقال: لم أقفْ لهُ على روايةٍ عنهُ في شيءٍ من طُرِقِ الحديث، ولم يذكر الشارح من التابعين وأتباعهم أحدًا، وقد تفرَّدَ الزُّهري عن نيفٍ وعشرينَ من التَّابعين لم يروِ عنهم غيرهُ، منهم محمد بن أبي سفيان وعمرو بن أبي سفيان، وتفرَّدَ عمرو بن دينار عن جماعةٍ وكذا أبو إسحاق السَّبيعي وهِشَام بن عُروة ومالك وغيرهم، قال الحاكم: والذي تَفَرَّدَ عنهم مالك نحو عشرةٍ من شيوخ / المدينةِ منهم المِسْوَرُ بن رِفَاعَةَ القُرَظِي، وتفرَّدَ سُفيان عن بضعةَ عشرَ شيخًا، وشُعبة عن نحو ثلاثين، قاله في «شرح التقريب».


[1] في المطبوع: الحكم ابن الصلاح الأعرج.